صفحة الكاتب : ابو زهراء الحيدري

المهنية والحيادية .. مفردات شاخصة في مشروع المرجعية
ابو زهراء الحيدري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كشفت الاحداث والمنعطفات التي عاشها العراق بعيد سقوط الصنم الصدامي والتعاطي المبني على الحكمة والاناة والحنكة والدقة من قبل المرجعية الدينية العليا مع تلك الاحداث ونجاحها في دحض واجهاض مشروع اعتى امبراطورية معاصرة واقوى دولة متطورة وهي الولايات المتحدة الامريكية التي دخلت العراق مدججة باحدث الاسلحة واخطر المشاريع ، وانتصار المرجعية في تمرير المشروع العراقي الذي صاغت مفرداته وعاشت تفصيلاته وتجرعت مراراته ، اضافة الى التعاطي المتزن والرزين مع مجل المشكلات والأزمات ، بان المرجعية تنطلق من ثوابت وأسس تشكل مشروعا سياسيا متكاملا ضبطت من خلاله مسار الاحداث والمواقف التي تبنتها ولم تكن تلك المواقف مجرد ردود افعال فقط ، فمشروع المرجعية هو مشروع الفعل وليس مشروع ردة الفعل ..
اذن فأن مواقف المرجعية العليا وفتاواها وتعاطيها الإيجابي مع الواقع كشف عن ملامح مشروع سياسي معاصر قد تبلور وتجسد على الواقع . اسسه ودشنه السيد السيستاني الذي كما يقول الكاتب الأستاذ عمار البغدادي: ينتمي الى المرجعيات المتحركة التي تستجيب لمتطلبات العصر وأسئلته الاستثنائية ، ومقتضيات الزمان والمكان، وتلاحق المستجدات والمتغيرات، وتلك هي المهمة الحقيقية الملقاة على عاتق المرجعيات المرجعيات الدينية القيادية الكبيرة . 
ويبتني مشروع المرجعية على جملة من الاسس والثوابت لعل ابرزها ثابت اساسي من الثوابت الاسلامية هو رعاية الحقوق لكل المكونات والحرص عليها والدفاع عنها ، فقدمت في هذا السياق اروع مثال وانصع مصداق لدرجة انها دخلت في مواجه خفية ومعركة مخملية مع المسؤولين المحسوبين على التشيع وغلقت بوجههم الباب ، ورفضت مقابلتهم كرسالة احتجاج على تقصيرهم في تلبية احتياجات الشعب ومتطلباته المعيشية . وهذا الموقف يؤشر على مدى المهنية والحيادية التي تعتمدها المرجعية في التعاطي مع الجميع ، فكل الحقوق في قاموس المرجعية مصانة ولم تتدخر جهدا في الدفاع عنها مهما كان اصحابها ، ان كانوا اتباعها او اعدائها ، ابناءها المطيعين او العاقين ، المحبين او المبغضين ، الابرار ام الاشرار .. ما دامت لهم حقوق .
وهذا الحيادية التي عكستها المرجعية في مجمل مواقفها انما تنطلق من مواقف لاهل البيت الاطهار ع ، كمرجعية معصومة ، تشع خلقا وقيما رفعية لامثيل لها ولاشبيه ، خذ مثلا قصة اليهودي الذي وجد امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام درعه بحوزته هذا اليهودي في زمن حكم الامام ع فما كان من الامام الا الذهاب مع اليهودي الى القاضي شريح ، والمثول امامه ، وليس هذا فحسب بل امتعض الامام عندما نادها القاضي بكنيته ولم يكن خصمه ، وفي نهاية المطاف لم يستطع امير المؤمنين ع من اثبات حقه لعدم وجود دليل ملموس عنده فحكم شريح ببقاء الدرع عند اليهودي فتقبل الامام ع الحكم برحابة صدر ، فما كان من اليهودي الا ان يصاب بالدهشة والذهول على ما يشاهد من مثل عظيمه وحيادية لاتوصف ويعلن اسلامه.. من هذا المنهل الطاهر وهذه المدرسة العبقة يستقي علمائنا الاعلام ومراجعنا العظام ، ليجسدوا المثل بصورة واقعية وليست مثل (يوتوبية ) تعيش في مخيال الكتاب الذين لم يجدوا لها ابطال ومصاديق من البشريه المترنحة بسكر التيه فعمدوا الى افتراض ابطال لها مثلما فعل كانط عندما اضفى على نابليون قداسة وطهارة كاذبه فوصفه ب(روح على جواد ) .
ولنعد الى المرجعية العليا لنذكر بحياديتها التي باتت هويتها عبر الاحداث الاخيرة ، ففي قضية التظاهرات التي شهدتها المنطقة الغربية حاولت الحكومة والعديد من الساسة الشيعة ان يؤثروا على المرجعية لكي تقف الى جنبهم لكن المرجعية حافظت على حياديتها ووقوفها في مسافات متساوية من كل الاطراف رغم ان احد الاطراف محسوب عليها والطرف الاخر مخالف لعقيدتها ، فوجهت بتحقيق المطالب التي لاتتعارض مع الدستور باعتباره مرجعية قانونية مشتركه لكل المكونات .. وأوصت بالحوار والتعاطي بحكمة مع المتظاهرين مادموا يعبرون عن رايهم . انظروا الى هذه الحيادية والمهنية وفي المقابل انظروا الى خطباء المنطقة الغربية المسعورين الذين يتصبب الخطاب الطائفي من وجوههم الكالحة والتي وصل بهم الانحطاط الى درجة انهم استنجدوا بالغرب لتحقيق غرضهم . وايضا قارنوا بين حيادية المرجعية وسلوك احد المتمرجعين الادعياء الذي كان حزبه وجماعته تدير وزارة النفط الحيوية التي تحولت على ايديهم الى ضيعة لهم ونهب صيح قي حجراته ، وبعد انتهاء وانقضاء فترة ولايتهم وتحولت الى جهة اخرى ، عقد هذا المتمرجع اجتماع بمدراء ومسؤولين تابعين لحزبه واخرين منحهم المناصب مقابل ولائهم له وقال لهم ان الوزارة كما تعلمون خرجت من ايدينا وقد جاء دوركم لاسترجاعها فقالوا له وماذا علينا ان نصنع فقال لهم عطلوا العمل في الوزارة لكي تشل عسى ان يعطونها لنا من جديد !!! هذا هو حال هذا المتمرجع ، وكم هو الفرق بينه وبين المرجعية الحقيقية المهنية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو زهراء الحيدري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/03/01



كتابة تعليق لموضوع : المهنية والحيادية .. مفردات شاخصة في مشروع المرجعية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net