صفحة الكاتب : الشيخ جهاد الاسدي

قراءة في موقف المرجعية من الوضع السياسي والانتخابات ( الحلقة الخامسة والاخيرة )
الشيخ جهاد الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
البعض يقول ان المشكلة تكمن في طبيعة التركيب العراقي الذي يتالف من طوائف وقوميات متعددة
واننا نحن المسلمين بشكل عام عاجزون لسبب او لاخر عن صناعة التقدم والازدهار والاستقرار لبلداننا ومتى ما اردنا
ان نتقدم علينا ان نتخلى عن الدين وعن الاسلام  وهذا الاشكالية ليست صحيحة اطلاقا لان الدين لا يمثل عائقا امام بناء المجتمع المتقدم والمزدهر والامن فهو حيادي تجاه هذه المسالة 
كما ان هناك من يحاول ان يصور ان التعدد المذهبي والديني والعرقي في العراق يمثل سببا اساسيا ومستمرا لنشوء الصراعات فيه وعدم امكانية الاستقرار الا بنظام دكتاتوري يصادر ارادة عامة الشعب 
وهنا لن نستغرق كثيرا في مناقشةٍ نظريةٍ لهذه الاطروحة الخاطئة بل سوف نقدم الدليل القاطع على مجانبتها للصواب من خلال نموذج عملي متحرك على الارض وليس نموذج فرضي وهو النموذج الماليزي اذ ان
ماليزيا بلد متعدد القوميات والديانات مع ان غالبية الشعب فيه هم من المسلمين والقوانين فيه قوانين تحترم الاسلام كما ان الشعب الماليزي هو شعب متدين بالاسلام  : 
ماليزيا[1]:
( هي دولة تقع في جنوب شرق آسيا مكونة من 13 ولاية وثلاثة أقاليم اتحادية، بمساحة كلية تبلغ 329,845 كم2. العاصمة هي كوالالمبور، في حين أنبوتراجايا هي مقر الحكومة الاتحادية. يصل تعداد السكان إلى أكثر من 28 مليون نسمة. ينقسم البلد إلى
قسمين يفصل بينهما بحر الصين
الجنوبي، هما شبه الجزيرة
الماليزية وبورنيو
الماليزية (المعروفة أيضاً باسم ماليزيا الشرقية). يحد ماليزيا كل من تايلند واندونيسيا وسنغافورة وسلطنة بروناي. تقع ماليزيا بالقرب من خط الاستواء
ومناخها مداري. رأس الهرم الماليزي هو يانغ دي بيرتوان اغونغ وهو ملك منتخب، بينما
يترأس الحكومة رئيس الوزراء.  
لم يكن لماليزيا كدولة موحدة وجود
حتى عام 1963. في السابق، بسطت المملكة المتحدة نفوذها في مستعمرات في تلك المناطق
أواخر القرن الثامن عشر. تكون النصف الغربي من ماليزيا الحديثة من عدة ممالك
مستقلة).
 ( الاسلام هو الدين الرسمي في أغلب الولايات
الماليزية وأكبر الأديان في ماليزيا، على الرغم من أن المجتمع الماليزي مجتمع
متعدد الأديان. وفقاً لتعداد السكان والمساكن عام 2000، ما يقرب من 60.4% من
السكان مسلمون،
بينما تشكل البوذية 19.2%، 9.1% مسيحيون، الهندوس 6.3%، و 2.6% يمارس الكونفوشية والطاوية وغيرها من
الديانات التقليدية الصينية. ما تبقى من الأديان، هي الإحيائية والدين
الشعبي، والسيخية بينما أفاد
0.9 ٪ بأنهم إما ملحدون أو لم يقدموا أية معلومات. 
(تعتبر عرقية الملايو بأجمعها مسلمة كما هو محدد في المادة 160 من
دستور ماليزيا. معظم
الماليزيين الصينيين، كما هو الحال في المجتمعات الصينية في أي مكان آخر، يتبعون مزيجاً
من البوذية، والطاوية، والكنفوشية وعبادة الأسلاف، ولكن عند الضغط عليهم لتحديد
دينهم يصنفون أنفسهم بوذيين. تظهر إحصاءات تعداد عام 2000 أن 75.9 ٪ من صينيي
ماليزيا يتبع البوذية، والداوية (10.6 ٪) والمسيحية (9.6 ٪)، إضافة إلى شعب
هوي المسلم في
مناطق مثل بينانغ. غالبية
الهنود الماليزيين تتبع الهندوسية (84.5 ٪)، مع أقلية كبيرة مسيحيون (7.7 ٪)،
والمسلمون (3.8 ٪) وحوالي 100,000 من البنجاب السيخ. تمثل المسيحية الديانة
السائدة في مجتمع البوميبوترا (50.1 ٪) و 36.3 ٪ مسلمون و 7.3 ٪ يتبع الدين الشعبي. إضافة إلى
المبشرين المسيحيين من خارج البلاد، توجد جهود مستمرة من قبل الحكومة والمنظمات
غير الحكومية لتحويل المجتمعات الوثنية إلى الإسلام، وخاصة بين قبائل شبه الجزيرة
الذين لا يحق لهم وضع بوميبوترا).
(يضمن الدستور الماليزي الحرية الدينية. يجب على المسلمين متابعة
قرارات المحاكم
الشرعية عندما
يتعلق الأمر بالمسائل المتعلقة دينهم. يفترض بالقضاة الشرعيين اتباع المذهب
الشافعي - والذي
هو المذهب الرئيسي في
البلاد - في أحاكمهم. تقتصر
أعمال هذه المحاكم على مسائل المسلمين فقط مثل الزواج والميراث، والردة وتحول
الدين، والحضانة وغيرها. لا تخضع الجرائم الجنائية أو المدنية لاختصاص المحاكم
الشرعية، التي لها تسلسل هرمي مماثل للمحاكم المدنية. رغم كون المحاكم المدنية هي
المحاكم العليا في البلاد، فإنها لا تستطيع (بما في ذلك المحكمة الاتحادية) من حيث
المبدأ نقض أي قرار يتخذ من قبل المحاكم الشرعية).
(كما هو الحال في البلدان الآسيوية الأخرى ذات الأغلبية المسلمة،
الإسلام والدين عموماً أصبح أكثر جلاء منذ الثمانينيات والتسعينيات. قوانين تنظيم
الأنشطة الجنسية بين السكان المسلمين صارمة، حيث تحظر هذه القوانين غير المتزوجين
من الاختلاط في أماكن منعزلة أو ضيقة، لمنع الاشتباه في أعمال تعتبر غير أخلاقية).
(يتألف
التعداد السكاني في ماليزيا من العديد من المجموعات العرقية. يشكل الملايو 50.4٪
والبوميبوترا 11٪ من السكان. بحكم
التعريف الدستوري، الملايو مسلمون ويمارسون
التقاليد والثقافة الملاوية. لذلك، عملياً، يمكن اعتبار أي مسلم من أي عرقية من
الملايو طالما يمارس التقاليد والثقافة الملاوية، وبالتالي المساواة في الحقوق
عندما يتعلق الأمر بحقوق الملايو المنصوص عليها في الدستور. الكثير من العائلات
الماليزية اليوم هم بحارة من أصول جاوية وبوغيس ومينانغ والذين قدموا من
اندونيسيا، وخاصة بين القرنين السابع عشر حتى بداية القرن العشرين. تمنح أيضاً صفة
بوميبوترا إلى السكان الأصليين من غير الملايو، بما في ذلك العرقيات التايلاندية والخمير والتشام والسكان
الأصليين في صباح وساراواك. 
بوميبوترا من غير الملايو يشكلون
أكثر من نصف سكان ساراواك (منهم 30٪ ايبان)، وما يقرب
من 60٪ من سكان صباح (منهم 18٪ كدازان – دوسون، و 17 ٪ باجاو) كما توجد أيضا
مجموعات من السكان الأصليين في أعداد أقل من ذلك بكثير في شبه الجزيرة، حيث تعرف
بمجموعها باسم اورانغ اسلي.
23.7٪ من الماليزيين من أصول صينية،
بينما يشكل الماليزيون من أصول هندية حوالي 7.1 ٪ من السكان. بينما بيراناكان (مواليد
المضائق) هم عائلات صينية وهندية استقرت في ماليزيا منذ القرن الخامس عشر في ملقا،
ينحدر أغلب العرقيتين الصينية والهندية من المهاجرين الذين وصلوا خلال الفترة
الاستعمارية. بدأ الهنود الهجرة إلى ماليزيا في أوائل القرن التاسع عشر. غالبية
المجتمع الهندي من التاميل، لكن توجد جماعات أخرى مختلفة، بما في ذلك تيلوغو و مالايال والبنجاب والسند والبنغال وغوجارات. أما
الأوروبيون والعرب، فقد وصلوا لأول مرة أثناء الفترة الاستعمارية، واندمجوا من
خلال الزواج من المسيحيين والمسلمين بالترتيب. توجد مجموعة عرقية من الحضارمة تعود
في أصولها إلى جزيرة العرب. معظم الماليزيين الأوروآسيويين يعود أسلافهم إلى
المستوطنين البريطانيين أو الهولنديين أو البرتغاليين، كما يظهر وجود قوي لعرقية
كريستانغ في ملقا. أما ذوو الأصل النيبالي فيبلغ
عددهم ما يزيد قليلا على 600 ويعيشون في راوانغ في سيلانغور. جلبوا أصلا من قبل
البريطانيين لأغراض الحراسة والحماية الشخصية وهم في الأصل من عشائر رانا، تشيتري،
راي وجورونج. كما استوطنت أقليات أخرى تشمل الفلبينيين والبورميين. استقر
عدد قليل من العرقية الفيتنامية من كمبوديا وفيتنام في
ماليزيا خلال حرب فيتنام كلاجئي
حرب).
من خلال
هذا العرض نجد ان ماليزيا بلد متعدد الاديان ومتعدد القوميات والدين الغالب فيه هو
الاسلام كما ان قانونه يحترم الديانات بما فيها دين الغلبية الاسلام وفي الواقع هو
يشابه الحالة العراقية كثيرا التي يبدو تعدد القوميات والمذاهب فيه واضحا 
لم يشكل
هذا التعدد عائقا امام ماليزيا في بناء الدولة المتقدمة والمقتدرة والمستقرة اذ
شهدت طفرات نوعية جديرة بان تتخذ نموذجا يحتذى لكل الدول النامية : 
(التجربة
الماليزية جديرة بالتأمل وخصوصاً أنها تتميز بكثير من الدروس التي من الممكن أن
تأخذ بها الدول النامية كي تنهض من كبوة التخلف والتبعية.فعلى الرغم من الانفتاح
الكبير لماليزيا على الخارج والاندماج في اقتصاديات العولمة، فإنها تحتفظ بهامش
كبير من الوطنية الاقتصادية.وخلال نحو عشرين عاماً تبدلت الأمور في ماليزيا من بلد يعتمد بشكل أساسي على تصدير
بعض المواد الأولية الزراعية إلى بلد مصدر للسلع الصناعية، في مجالات المعدات
والآلات الكهربائية والالكترونيات.فتقرير التنمية البشرية الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لعام 2001م رصد
أهم 30 دولة مصدرة للتقنية العالية، كانت ماليزيا في المرتبة التاسعة متقدمة بذلك
عن كل من ايطاليا والسويد والصين)[2].
ويرجع بعض
الباحثين[3] التقدم الماليزي الى عدة اسباب من اهمها : 
1.    يتم اتخاذ القرارات دائماً من خلال
المفاوضات المستمرة بين الأحزاب السياسية القائمة على أسس عرقية، ما جعل سياسة
ماليزيا توصف بأنها تتميز بأنها ديموقراطية في جميع الأحوال.
2.    انتهجت ماليزيا استراتيجية تعتمد على
الذات بدرجة كبيرة من خلال الاعتماد على سكان البلاد الأصليين الذين يمثلون
الأغلبية المسلمة للسكان.
3.    اهتمام ماليزيا بتحسين المؤشرات
الاجتماعية لرأس المال البشري الإسلامي، من خلال تحسين الأحوال المعيشية
والتعليمية والصحية للسكان الأصليين، سواء كانوا من أهل البلاد الأصليين أو من
المهاجرين إليها من المسلمين الذين ترحب السلطات بتوطينهم.
اعتماد ماليزيا بدرجة كبيرة على الموارد
الداخلية في توفير رؤوس الأموال اللازمة لتمويل الاستثمارات حيث ارتفاع الادخار
المحلي الإجمالي بنسبة 40 % بين سنة 1970م وسنة 1993م، كما زاد الاستثمار المحلي
الإجمالي بنسبة 50 % خلال الفترة عينها. ويرى د. محمود عبدالفضيل أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أنه في الوقت الذي تعاني
فيه بلدان العالم النامي من مثلث المرض والفقر والجهل، فإن ماليزيا كان لها ثالوث آخر دفع بها إلى
التنمية منذ طلع الثمانينيات وهو مثلث النمو والتحديث والتصنيع، باعتبار هذه القضايا الثلاث أوليات
اقتصادية وطنية، كما تم التركيز على مفهوم (ماليزيا كشراكة) كما لو كانت شركة
أعمال تجمع بين القطاع العام والخاص من ناحية وشراكة تجمع بين الأعراق والفئات
الاجتماعية المختلفة التي يتشكل منها المجتمع الماليزي من ناحية أخرى)[4] .
من هنا
نجد ان مسالة بناء الدولة الحديثة القائمة على اساس الدستور ليس امرا مستحيلا ان
توفرت الشروط اللازمة له ومما لا شك فيه ان اختيار المسئول الصالح لتحمل المسئولية
يسهم الى حد بعيد في تحقيق ذلك الامل الذي يتطلع اليه العراقيون جميعا . 
وفي
الختام نسال الله سبحانه ان ياخذ بيد هذا الشعب الذي ذاق الامرين طيلة فترة تاريخه
وتحمل المرارات والالام الى مافيه خيره وامنه ورفعته . واخر دعوانا ان الحمد لله
رب العالمين . 
 
________________________________
 
[1] نقلا عن : http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D8%A7
[2] قراءة في تجربة ماليزيا التنمويةعبدالحافظ
الصاوي  رقم
العدد451 الشهر 5 السنة
 3. مجلة الوعي الإسلامي 
[3] المصدر السابق
[4] المصدر السابق.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ جهاد الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/19



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في موقف المرجعية من الوضع السياسي والانتخابات ( الحلقة الخامسة والاخيرة )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net