صفحة الكاتب : الشيخ جهاد الاسدي

دردشة 2 موئل القرآن ..
الشيخ جهاد الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تمتلئ مساجد النجف العتيقة بحلقات الدرس .. يجلس الطلبة متحلقين حول استاذهم .. تدور نقاشاتهم و مناظراتهم حول متن دراسي .. تختلف متون الدراسة تلك بحسب مراحل منضبطة متدرجة .. لو قلبت تلك المتون لن تجد من بينها كتاب الله العزيز .. لن تجد القران متنا يتحلق حوله الطلبة في بحثهم ودرسهم .. 

وحين تسال طلبة النجف لا تجد اغلبهم يحفظون ايات القران الكريم عن ظهر قلب .. لان لا احد هناك يهتم كثيرا بان يحفظ القران عن ظهر قلب .. 

وحين تتجول اكثر بين تلك الحلقات قلما تجد حلقة يكون متن بحوثها كتاب تفسير .. 

هكذا هي الحلقات في النجف .. ترى هل بقي ثمة اثر للقران اذن في النجف !؟ ترى اهي حوزة تحترم القران ام كان القران خلف ظهرها ؟ 

سؤال طبيعي وموضوعي .. او بالاحرى هكذا يثير البعض السؤال .. لاننا الفنا المادة والماديات .. نحكم على الاشياء بظواهرها دون ان نتكلف الغوص في تفاصيل اعماقها .. 

طبيعي حين نرى شخصا بثياب رثة ومنظر بسيط لقلنا انه فقير دون ان نتوقف قليلا لنعرف حقا هو فقير او انه يتظاهر بالفقر فقط .. هذه هي طبعتنا الانسانية .. 

ومن الطبيعي بحسب النظر البسيط اننا حين لا نجد للقران ولا لتفسيره اثرا في حلقات النجف سيكون الحكم لاول وهلة ان لا وجود للقران في هذه الحوزة .. 

ولكن لو نظرنا الى ابعد واعمق .. اظن ان الصورة سوف تكون مختلفة تماما .. 

القران حاضر في النجف .. والنجف تكاد تذوب بالقران .. كيف ؟ 

هذا ما يحتاج الى نظر اعمق ورؤية ادق .. 

لو تسائلنا ماذا يعني حضور القران .. غياب القران . 

هل يعني حضوره ان يكون مادة دراسة .. 

او ان يكون تفسيره متن مباحثة .. 

او يكون الطلبة يحفظون الكتاب العزيز عن ظهر قلب .. 

هذه مظاهر وحضورات للقران ولكن لا اظنها هي الحضور الحقيقي .. عنه ( ص ) : (لا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة إن الله تعالى لا يعذب قلبا وعى القرآن) , (ليس القرآن بالتلاوة ولا العلم بالرواية ، ولكن القرآن بالهداية والعلم بالدراية) ، (أنت تقرأ القرآن ما نهاك ، فإذا لم ينهك فلست تقرأه ). ميزان الحكمة ج3 ص2522

القران نفسه يقول : (( مثله كمثل الحمار يحمل اسفارا .. ))

ما الفرق بين الحمار الذي يحمل الاسفار والصحف وبين من يحمل القران .. 

كلاهما حامل .. ولكن القران يعيب على هكذا حامل .. لماذا ؟ 

لان القران لا يريد حملا كحمل الحمير .. يريد منا ان نحمله في السلوك والممارسة .. يريد ان يكون كل فرد منا قرانا ناطقا بسلوكه وافعاله وان لم يحفظ القران ولم ينشر القران في حلقات الدرس .

الخوارج كانوا قراء القران ولكنه لم يكن يتجاوز تراقيهم .. لا يتدبرون فيه ولا يعقلون اياته .. ولا يطبقون احكامه 

اظن اني اطلت في البيان .. لنر الان علاقة النجف بالقران .. واقصد بالنجف مرجعيتها بما هي راس لقاعدة تقف وراءها وهي الحوزة .. 

كانت النجف مع القران .. حين استلهمت كلمات القران ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) . اخذت تمارس الانذار بعد التفقه في الدين كل الدين 

القران يقول ( لينذروا .. ) لم يقل ليتسلطوا على قومهم .. ولا ليتزعموا قومهم .. من هنا لم تكن النجف يوما تطلب السلطة او الزعامة .. ولم تملك يوما ادوات الوصول الى السلطة كالاعلام او وسائل الضغط او ادوات التنكيل والابتزاز والتسقيط 

لان القران يقول لينذروا ولم يقل ليتسلطوا .. والنجف ملتزمة بالقران . 

نعم مارست النجف الانذار لان التزام القران يعني ان تكون المرجعية منذرا .. 

الانذار هو التخويف بالقول .. كما يفيده اهل اللغة .. ولم تتجاوز المرجعية هذا الدور فلم تترك الانذار اذ سعت ولاتزال في كل وسائل الاتصال الحديثة والقديمة لتمارس دور الانذار .. ولم تتجاوزه الى ما هو اكثر منه فلم تتسلط على رقاب الناس ولم تسع اصلا لنيل ادوات التسلط. هكذا التزمت النجف بلقران . 

والتزمت النجف القران .. تمثلت الاية الشريفة : ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) فطالما كظمت غيظا وعفت عن اناس .. لا لقصر يد او قلة قوة ..بل لانها تمثلت القران . 

والتزمت النجف القران .. تمثلت الاية الشريفة : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) فلم نسمع ردا منها للجاهلين سوى ما امر به القران .. سلاما . 

والتزمت النجف القران .. تمثلت الاية الشريفة : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا .. ) فكانت داعية الوحدة بين المؤمنين .. تحملت جراحات واهات وظلامات لتحفظ للمؤمنين وحدتهم في اصعب ظرف وادق منعطف واخطر حمى . 

والتزمت النجف القران .. تمثلت الاية الشريفة : ( كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون .. ) فكانت كلماتها لا تتجاوز مواقفها ومواقفها لا تقصر عن كلماتها .. تبغض لغة الشعارات الفارغة .. تانف من الكلام ما لم يتبعه الموقف . 

والتزمت النجف القران .. تمثلت الاية الشريفة : ( واذا جائهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به .. ) . فلم تكن لتشيع و تذيع ما يثير البلبلة في صفوف المؤمنين وينشر ما يحبط معنوياتهم ويزلزل ثباتهم ويفسد عليهم امرهم . 

والتزمت النجف القران .. حين كان هو المحور والميزان .. في كل الممارسة الفقهية .. وكل استنباط فقهي .. تجد في كل مسالة حين تساق الادلة على راي فيها تجد الايات الشريفة هي موقع الصدارة وموضع الاهتمام حتى لقد تاخذ الاية الواحدة صفحات من البحث والتدقيق في مضامينها بغية الوصول الى فهم معمق لها .. وهذا واضح لمن حضر حلقات الدرس وقضى شطرا في النجف .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ جهاد الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/08/10



كتابة تعليق لموضوع : دردشة 2 موئل القرآن ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net