المرجعية الدينية .. تاريخ مضيئ واضاءة تاريخ
ابو زهراء الحيدري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لم تزل المرجعية الدينية كسفينة تبحر في مسارات التاريخ وسط الامواج العاتية منذ ما ينيف على عن الاف عام تتحرك بهدوء وتخطو خطوات واثقه وثابتة من دون أي تقهقر او تعثر او انحراف او تململ لانها تحمل في ثنايا قضيتها الصادقه مشعلا تنويرا ومشروعا انسانيا يرتبط بمحتوى وفحوى تاسيسها كحلقة وهمزة وصل بين المعصوم وبين الامة المؤمنة به .
واذا تعقم التجارب الانسانية والاطاريح الاجتماعية والمشاريع السياسية ان تقدم للبشريه الضائعة تجربة نقية وانموذج مخلص وحلا حقيقا وليس ترقيعيا يشفي غليل الانسان وينهي جدلياتها التاريخية ومازوماته الابديه ويضع نهاية للتنازع والتصارع والتحارب والتدافع بين بني البشر بعضهم البعض يبقى الامل معقودا على مشاريع السماء وحلولها الشافيه ، لتخليص الانسانية من واقعها المزي ونقلها وتغيير مساراتها التاريخية من المدنس الى المقدس .
وتحتل المرجعية موقعا هامها وكبيرا في المشروع الالهي ، حيث تتموضع وتتموقع في مساحة تاريخية كبيرة تتمثل بالغيبة الكبرى التي وصلت الى اكثر من الف عاما ، نجحت من خلالها المرجعية بتدبير الامور وتوجيه دفة التشيع وحفظ كيانه ووجوده برغم الاستهداف المحموم لها من قبل كل انظمة الجور السياسي والتحديات التي تحاصرها وافلحت في تقديم انموذجا وضاءا وفرادة انسانية وقيمييه .
فتوحات ومنجزات قد سُجلت للمرجعية كرصيد تاريخي خطته بمداد العلم والحلم والحكمة والحنكة والتعقل والتدبر .. ولم يسجل لنا التاريخ في ذات الوقت ظاهرة مثيلة لظاهرة المرجعية من حيث النزاهه ومن حيث البساطة ، تدير دفة الامور وتخوض عباب معارك على اكثر من جبهه وصعيد من على بساط ، وليس كما الروساء والزعماء والملوك والاباطره الذين لم يفارقوا عروشهم وكراسيهم المذهبة وتيجانهم وصولجانهم ، وليس هذا فحسب بل ان التاريخ لم يقص لنا عن اي زعيم او ملك او قائد يفر ويتنفر من الظهور الاعلامي ولايجالسه المداحون والمبخرون والشعراء والوجهاء .. فقط المرجعية هي علامة مضيئة ونقطة بيضاء في سجل التاريخ الانساني والاسلامي مقتدية باهل بيت العصمة الذين حيروا العقول واسروا النفوس بعلمهم وحلمهم وتضحياتهم وتفانيهم في تقديم رسالة السماء السامية الى اهل الارض الفانية .
ويحتار الفكر الغربي في فهم وهضم سر بقاء القيادة الشيعية اي المرجعية لان لا يستطيع الاعتراف بالادارة الغيبية للمرجعية فكرا وفقها وتسديدا ، لان فكر مادي يفسر الظواهر وفق ادوات التجريب البشري وبانحيازية مفضوحة لكنه يقر ويعترف بحيوية المرجعية لاسيما الانموذج الذي قدمه المرجع الاعلى السيد السيستاني دامت افياءه ، اذ يقول احد الكتاب المحسوبين على المدرسة العلمانية التي تدور في فلك الفكر الغربي بقوله " غير إننا نعثر في هذا الواقع المتناقض على فضيلة سياسية وروحية كبرى للمرجعية الشيعية المعاصرة في العراق من حيث قدرتها واستعدادها النسبي على حفظ الوحدة والاعتدال. هذه نزر من شهاده الاعداء .. فهل انصفها الاقرباء ؟