التطبير في القرن الحادي والعشرين
الشيخ جميل مانع البزوني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ جميل مانع البزوني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منذ قرن من الزمان بدات مشكلة التطبير تضرب في الجسد الشيعي بقوة وكان الاختلاف فيها سببا من اسباب الفرقة منذ النصف الاول من القرن السابق .
ولما كان الحزن على الامام الحسين ضاربا في التاريخ الاسلامي منذ عام حادثة الفاجعة والى يومنا هذا فقد اصب حنن الصعب جدا ان يكون هناك راي مخالف لاي شعيرة جديدة حتى وان كانت جديدة من حيث النشاة.
وقد تسبب هذا الاختلاف كما يقول بعضهم في ظهور بعض التوصيفات المعيبة كالا الاموي و العلوي وقد شكل ظهور السيد محسن الامين نقلة نوعية في الاختلاف .
وقد امتاز هذا السيد بالجراة في طرح رايه مع انه كان رايا مخالفا لما هو المرتكز في الوجدان الشيعي من عدم التصدي لمثل هذه المظاهر فضلا عن رفضها وانتقادها .
وقد شكل ظهور رسالته المعروفة برسالة التنزيل مرحلة جديدة من مراحل ظهور الخلاف على المستوى الشعبي وما ان انتشرت هذه الرسالة حتى احدثت ثورة عارمة في كل البلدان التي وصلتها وقد ساعدت هذه الرسالة المؤيدين بالسيد الامين في التصريح بارائهم ورفع اصواتهم واعتبروا هذه الرسالة بمثابة الدرع الواقي لان الكاتب شخصية معروفة بولائها للتشيع والدفاع عنه.
وفي نفس الوقت اعتبر المخالفون للسيد الامين تلك الرسالة خطرا يهدد مستقبل الشعائر الحسينية ودافعوا عن ىتلك الشعائر بنوايا صادقة واخلاص للمذهب .
وقد كانت تلك الرسالة محورا للرد تارة والتاييد تارة اخرى وصارت سمعة السيد الامين واضحة للامة بسبب هذه الرسالة الخطيرة .
وكان اعتراض السيد الامين لم يقتصر على مفردة خاصة في الشعائر بل كان اعتراضه عاما وشاملا ولذلك كانت تخطئته امرا طبيعيا من قبل العلماء والكتاب.
ودخل على الخط عدد من الخطباء الذين يؤيدون التطبير او الذين يعارضونه ولكن الخطباء من الصنف الاول كانوا هم الابرز لان احد هؤلاء الخطباء كان معروفا بين الناس بالمقدرة الخطابية وهو السيد صالح الحلي وكان السقوط تحت لسان هذا الرجل يعني السقوط فعلا لانه كان شخصية ادبية وخطيبا كبيرا وقد دخل لمناصرة فعل التطبير ووقف امام المرجع الاعلى للشيعة في ذلك الزمن وهو السيد ابي الحسن الاصفهاني وذمه علانية بسبب موقفه من التطبير.
وفي السنوات العشر الاخيرة ظهرت ايضا فتوى للسيد علي الخامنئي تؤيد بعض ما قاله السيد الامين وكانت هذه الفتوى ايضا قد شكلت مشكلة جديدة وافرزت مشاكل جديدة ومواقف مختلفة .
ومن المعروف ان بيت السيد الشيرازي هم من اكثر المؤيدين لهذه الشعيرة فقد قادوا حملة معاكسة للترويج لهذه القضية وساهم اكثر في انتشار الامر وجود خطباء ورواديد معروفين مؤيدين لهذه الظاهرة من امثال الملاباسم والملا جليل الكربلائيين .
كما ساهم في الحفاظ على هذه الشعيرة اكثر تبني بعض الشخصيات والاحزاب لمحاربتها من قبيل السيد فضل الله ومن تبعه ومن قبيل بعض الاحزاب الاسلامية ومن تابعها .
الا ان الهم الاكبر كان بيان موقف المرجعية العليا في النجف من هذه الظاهرة وهذا مالم يحصل ابدا من حيث التاييد او النهي ؛لان موقف المرجع الاعلى كان هو ان هذه الفتوى فيها بعد اجتماعي لم يستطع ان يحله كل الذين تصدوا للقضية سواء كانوا مؤيدين ام معارضين ولذلك لا ترى المرجعية مصلحة في ابداء رايها فهي ليست مع الافراط او التفريط .
اما باقي المراجع فانه رايهم كان واضحا من جهة عدم التحريم وقد ظهر ان موقف السيد محمد سعيد الحكيم وكذلك موقف الشيخ بشير النجفي هو التاييد لهذا النوع من المراسم والشعائر ولكن بطريقة عقلانية اي مع الحفاظ على حرمة الاطراف التي لا ترى مشروعية في هذا العمل كما اشار الى ذلك بيان السيد الحكيم بصورة صريحة .
الا ان بعض المدعين للمرجعية حاولوا الدخول على الامر بطريقة خاصة لتحريم القيام بذلك وكان لتدخل هؤلاء وامثالهم تاثيرا سلبيا على موقف المحرمين للتطبير اذ ان هناك مجموعة من الناس اعتربت هذا التدخل اعتياشا على المشاعر وضحكا على ذقون بعض مدعي الثقافة من الاكاديمين ونحوهم خصوصا بعض ان تم طرح هذه القضية وقضية المشي الى كربلاء بالنسبة الى النساء بطريقة غاية في الامتهان والسذاجة .
فتسبب هذا التدخل في زيادة الزخم الشعبي المشارك في هذه الشعيرة ولا زال الى الان صوت الرافضين لهذه الشعيرة خافتا حتى ان عددا من الخطباء المؤيدين للمنع غيروا مواقفهم بسبب زيادة الضغط الشعبي باتجاه الرافضين للتطبير من قبل بعض الشعراء وبعض الرواديد الحسينية وتسبب هذا الى وقت قريب في توتر اوضاع بعض الرواديد في بعض المحافظات .
ومما يوسف له ان مكتب السيد الخامنئي قد تدخل وعلى لسان الشيخ اسد محمد قصير للقول بان السيد ممن يرى حرمة التطبير كما ان الشيخ عبد العظيم المهتدي البحراني كان قد تدخل من الطرف الاخر للقول بان السيد السيستاني من المؤيدين للتطبير وقد رد مكتب السيد السيستاني على كلام الجهتين بالنفي وان موقف المرجعية واضح وهو عدم التدخل سلبا او ايجابا وهذا ما اكده بيان مكتب السيد السيستاني نصا .
وبحسب المعطيات الجديدة فان الكفة تسير باتجاه زيادة حجم المطبرين حتى بين مقلدي السيد السيستاني وقد غزت القضية المدن الاخرى خارج النجف وكربلاء والامر في زيادة مطردة سنة بعد اخرى .
ولا شك ان الحل الذي طرحه السيد الحكيم هو الحل الصحيح وهو الاتفاق على ان يكون الفاصل في المسالة هو الفقه وليس المشاعر لان دور هذه القضية صار سلبيا وسببا للفتنة بين المؤمنين كما هو واضح للعيان في كل عام وبالتالي يمكن القول اذا بقي الامر على ما هو عليه فان ظاهر التطبير ستشهد زيادة نوعية في السنوات القادمة خصوصا وان بعض الاطراف لا تراعي الضوابط الشرعية في طرح المسالة وتستعين على نشر رايها بالزيف والتضليل وهذا ما تم اكتشافه بصورة واضحة خلال السنوات الاخيرة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat