صفحة الكاتب : نزار حيدر

الكِتابَةُ..حَلاًّ (٣)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   هلْ تُنتِجُ حريّة التّعبير وحدها حلاً عند الكتابة؟
بالتأكيد لا، اذ ينبغي ان ينتبهَ الكاتب الى ما يلي لتأتي كتابته حلاً؛
   الف؛ ان يبذلَ قُصارى جهدِه ليأتي مُبدعا،ً فلا يُكرّر الأفكار بصياغات مُختلفة، ولا يكتب كلّ ما ورد في ذهنه، فليس المهم ان يُفرِغَ ما في عقله من افكار كلّما أراد ذلك واشتهى، انّما المهم ان يسعى لإفراغ افضل ما في عقله، فالكتابة ليست شهوة وانما حكمة.
   والابداعُ المقصود هنا، هو في الفِكرةِ وفي الأسلوب، فالمبدعُ مبدعٌ في فكرته ومبدعٌ في طرحه وأسلوبه.
   باء؛ ان لا يُمسكُ القلمَ قَبْلَ ان يطبخ الفكرة في ذهنه، فالتفكيرُ حال الكتابةِ سببٌ لشرودِ الذّهنِ، اما التَّفكيرُ قبل الكتابةِ فهو سببٌ لتركيز الذهن.
   في الحالة الاولى لا يجد الكاتب الوقت الكافي للتفكير فيحشو كتابته بالإنشاء اما في الحالة الثانية فسيأخذ كفايته المطلوبة من الوقت.
   واذا شبّهنا المقال بالبناء، فان المرء بحاجةٍ الى ان يهَيء الخارطة اولاً قبل الشروع به، التفكير في حال الكتابة، امّا الذي يُباشر البناء قبل تحضيرِ الخارطة فقد ينتهي البناء لينتبه الى انّ في منزله حمّامان وثلاثة مطابخ ولكنّه بلا غرفة نوم!.
   جيم؛ ان لا يكتبَ شيئاً قبل ان يقتنعَ به بالكامل، فمنَ الخطأ ان تكونَ كتاباته مختبر تجارب لأفكاره او لتطوير الكتابة.
   اتذكّر ايام كنتُ أرأس تحرير إحدى صحف المعارضة بداية الثمانينيّات من القرن الماضي، طلبتُ من زميلٍ ان يلتزم كتابة عمود أسبوعي في الصحيفة، فقال لي انّه لم يجرّب كتابة الأعمدة ولذلك فمن الصعب عليه ذلك الان، فقلت له؛ جرّب تكتب عموداً.
   بالفعل انكبّ يتعلّم ويجرّب فكتبَ اكثر من (٥٠٠) مقال عمود انتهت الى المزبلة، حتى تعلّم فن كتابة العمود الصحفي، وهو اليوم أحد أشهر كتّاب الأعمدة في الصحف العربية.
   دال؛ ان لا يكتُب افكارَ الاخرين، فربما سيكتب ما لا يعتقد او يؤمن به، وبذلك سيلتحق بركب النوع الاول من الكتاب، واقصد بهم كتاب السلاطين.
   هاء؛ ان لا يكتب وصفاً لحالٍ فقط وانّما يبذل جهدهُ ليُضمِّن كتاباتهُ بالحلولِ اذا كان الحال الموصوف مشكلة مثلاً، او رؤية اذا كان يصف حالاً مستقبلاً وليس ماضياً او حاضراً، فالكاتب القدير هو الذي لا يسترسل بالوصف فقط فتلك مهمة الصحفيّين والاعلاميّين، فلقد عَرَّفَ البعضُ الاعلامي بأنّه مؤرّخ الّلحظة، اما الكاتب فينبغي عليه ان يضمّن كتاباته حلولاً ورؤى.
   واو؛ والرؤى على نوعين:
   الاول؛ هي الرؤى المثاليّة التي لا تنطلق من الواقع.
   الثاني؛ هي الرؤى الواقعيّة التي تنطلق من الواقع.
   وبهذا الصّدد، هنالك نوعٌ من الكتّاب ينطلق من الواقع ليبقى فيه، يدورُ حولهُ ويلامسُهُ عن قربٍ بحجة انهّ لا يريد ان يكون مثالياً وهذا خطأ كبير يقع فيه الكثير من الكتّاب.
   انّ الصحيحَ هو ان يرتفع الكاتب بالواقع لا ان يهبط بهِ الواقع، والّا فما الفائدة من الكتابةِ اذن؟ انها ستكون عبثاً لا طائل من ورائهِ اذا لم تساهم في الارتفاع بالواقع، ولو بمقدارِ درجة، الى الاعلى، وهذا ما انجزه كتّاب عصر التّنوير في أوربا وفي الحقيقة كلّ الكتّاب المتميّزين الّذين مرّوا في تاريخِ البشريةّ على الرغم من عِظَمِ الثّمن الذي دفعوه من اجل تحقيق ذلك.
   انّ من يريد ان يترك بصمةً في السّاحة المعرفيّة والفكريّة والثّقافية عليه ان يجتهد ليساهم في رفع مستوى الواقع لا ان يهبطَ اليه او معهُ بحجّةِ ان الناس تريد ذلك!.
   انّ الكاتبَ النّاجح يرفض ان يكونَ جزء من الواقع المرّ بكلِّ تفاصيلِهِ، وفي نفس الوقت لا يتعالى عليه، انّما يسعى للنهوض به من خلال السعي لصناعة رأيٍ عامٍ وهذا هو الدّور الحقيقي للكاتب على الأقل كصاحب رأي لا يدّعي انّه صحيحٌ ولكنه على الأقل مقتنعٌ به، تاركاً الحكم للقرّاءِ والمهتمّين والمتابعين.
   يتبعْ
   ٩ شباط ٢٠١٥
                      للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/10



كتابة تعليق لموضوع : الكِتابَةُ..حَلاًّ (٣)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net