فخامة البوريفاج تجهض حلمهم
منتظر الصخي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
شهدت مدينة لوزان السويسرية ورغم برودة مناخها القارص، التي لم تثن المفاوضين من المضي قدما، بالمفاوضات الماراثونية التي أستمرت لـ 18 شهرا من جنيف وفيينا ونيويورك، والتي وصفت بشدة صعوبتها وكثرة عُقدها، من عَقد الإتفاق النووي التاريخي في مساء الخميس بين إيران والمجموعة الـ (1+5)، والذي تلخص باعتراف عالمي بإيران النووية، ناهية بذلك العزلة الدولية المفروضة عليها بسبب طموحاتها النووية .
ترحيب عالمي منقطع النظير، هذا ما أفرزته الساعات التالية، بعد عقد المؤتمر الصحفي لـ ( السباعية العالمية )، وكان أول المرحبين الرئيس الأميركي أوباما الذي سبق جميع الرؤساء، بإلقاء خطاب يغازل به الإرانيين ويطلق العنان ببدأ صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين، فقال : إننا توصلنا لإتفاق تاريخي مع حلفاءنا وإيران، وهو يلبي أهدافنا السياسية .
بيّن الرئيس أوباما إن فتوى المرشد الخامنئي بتحريم " السلاح النووي " تشكل آلية جيدة للإلتزام بالإتفاق، أوباما الذي يطمح إلى تحقيق إنجاز يسجل في تاريخ أميركا، سيعمل وبكل ما أوتي من قوة على تمرير الإتفاق التاريخي، رغم معارضة الجمهوريين والإسرائيلين، لم يرق للجمهوريين هذا الإنجاز الذي نجح بإخماد الحرب التي أرادت أن تشتعل بين إيران وحلفاءها من جانب والأميركيين ومناصريهم من جانب آخر .
فهم _ أي الجمهوريين _ قلقون من الإتفاق الذي تم التوصل إليه في لوزان، حيث عبر رئيس مجلس النواب الأميركي جون باينر عن قلقه المتصاعد وقال في بيان له : إن معايير الإتفاق النهائي تمثل فارقا مقلقا بالمقارنة مع الأهداف الأساسية التي حددها البيت الأبيض، المرشح المحتمل للإنتخابات الرئاسية للحزب الجمهوري في 2016 ماركو روبيو وصف الإتفاق بــ " الخطأ الهائل "، أما منافساه الآخران لنيل بطاقة الترشيح جيب بوش وسكوت ووكر؛ نددا بالتنازلات المفرطة التي حصلت عليها إيران، وسيسعى الجمهوريين إلى تشريع قانون يعطي مجلس النواب صلاحية توقيع الإتفاق وسحب يد أوباما منه .
الإسرائيليون توحدوا بموقفهم الرافض للإتفاق النووي, فهم يخشون من تزايد قوة الجمهورية الإسلامية التي " ستهدد بقاء إسرائيل " على حد تعبير نتنياهو، وقال الإتفاق سيضفي شرعية على برنامج طهران النووي، وسيعزز اقتصاد إيران، ويزيد عدوانها وإرهابها في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، معتبرا أنه " سيزيد مخاطر الانتشار النووي في المنطقة ومخاطر اندلاع حرب مروعة " .
إن أي إتفاق نهائي يجب أن يتضمن " اعترافا إيرانيا واضحا وغير مبهم بحق إسرائيل في الوجود "، المجلس الوزاري المصغر (الكابينت ) عقد جلسة لثلاث ساعات متواصلة لبحث مسألة الإتفاق النووي، ليتبنى موقفا رافضا للصفقة التي تم التوصل إليها مع إيران، حقيقة تل أبيب فشلت بالتحشيد لمحاربة طهران، صرخاتها الطفل المدلل المدوية، تغاضت عنها الدول الكبرى هذه المرة والتي أنهكتها المفاوضات الطويلة، فالعالم يبحث عن متنفس يتمكن من خلاله حل النزاعات القائمة في الشرق الأوسط .
يخشى الأوتوقراطيون العرب من إزدياد القوة الإيرانية وتمدد نفوذهم وتوسع نطاق حركتهم، فإيران التي تمكنت رغم العقوبات الإقتصادية الشرسة، من دعم الدول والحركات المناهضة للمحور الإمبريالي في سورية والعراق ولبنان وفلسطين ماليا وتسليحيا، سيتعاظم دورها بعد رفع العقوبات الإقتصادية بالشكل الذي سينهي حكمهم كما يتصوره الخليجيون طبعا !، يعتقد أباطرة الخليج إن الولايات المتحدة خذلتهم، وتركتهم بمفردهم لمواجهة إيران القوية سياسيا ومحوريا .
الإعلان عن تشكيل تحالف عربي تركي باكستاني ذي لون طائفي برعاية سعودية، قبيل توقيع الإتفاق النووي، هو بالحقيقة ليس لإعادة الشرعية كما يصوره الإعلام المؤدلج أو الحفاظ على وحدة الشعب اليمني _ أين العرب مما تفعله الحكومة الإسرائيلية بالفلسطينين، فهم وعلى مدى عقود يستصرخونهم من أجل حمايتهم وإستعادة الحقوق المغتصبة ؟ _ وإنما هو تحالف يراد به مقاومة النفوذ الطائفي الإيراني، لكسر أو تفتيت الهيمنة الإيرانية بالمنطقة، على حد وصفهم ، وخاصة بعد التوصل إلى تفاهمات كبيرة .
الشعب الإيراني بعد سنوات من العقوبات الإقتصادية، خرج للشوارع والحدائق العامة ليحتفل بالإنجاز التاريخي الذي حققته حكومة الرئيس روحاني وأحقية إيران في إمتلاكها للبرنامج النووي السلمي، في المرحلة القادمة وما بعد تغيير قواعد اللعبة، العالم سيشهد كثير من التحولات الإقليمية، فإيران بعد 1 / 4 تختلف عن إيران السابقة، أي المحور الذي يجمع إيران وحلفاؤها، سيزداد قوة وربما يشمل أميركا الجنوبية التي تمتاز معها بعلاقات جيدة ومتينة .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
منتظر الصخي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat