صفحة الكاتب : وليد المشرفاوي

الديكتاتورية أشد الأمراض فتكا في جسد الشعوب
وليد المشرفاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا شك أن ما قدمته أحزاب المعارضة العراقية باتجاه مرحلة سقوط النظام كبير جدا سواء على الصعيد البشري إذ قدمت قوافل من الشهداء أو على الصعيد المادي الذي كلفها مليارات من الدولارات على مدى سنوات المواجهة مع الدكتاتورية والتي زادت على الثلاثة عقود.
وطبيعي أن يشوب هكذا مواجهات وتضحيات شيء من الأمل والطموح المشروع نحو تسلم السلطة لإقامة ما كانوا يحلمون به من عدل ومساواة وحرية وكل ما حرمت منه هذه الأحزاب إبان حكم النظام المقبور، وجاء تاريخ التاسع من نيسان حدثا مفاجأ وغير متوقع للكثير من هذه الأحزاب وكأنهم كانوا (في غفلة من هذا) وسبب المفاجأة واضح في أنهم استبطأوا ما كانوا ينتظرونه من تغيير بل لم يتصوروا أنهم سيكونون خارج دائرة القرار المصيري الذي أودى بحياة النظام السابق، فجاءت أحلامهم مبعثرة وطموحاتهم غير منتظمة ودون أدنى تنسيق لذا نجدهم قد اختلفوا في بديهيات إدارة البلاد التي قدموا الكثير من اجلها، فكانت (الديمقراطية) شكلا دون محتوى ومضمون لذلك افضت الامور إلى المحاصصة التي وأدت المشروع الديمقراطي في مهده وأدخلت البلاد في دوامة التوافقات والقفز على الدستور الذي يتخذه البعض حجة ودليلا مؤيدا لمواقفه، فيما يدين آخرون بعض فقراته التي تخالف توجهاتهم وأهوائهم، وبين هذا وذاك وجدت المجاميع الضالة والمرتبطة بأجهزة المخابرات السابقة والمدعومة من قبل أجهزة المخابرات الدولية والإقليمية وجدت لنفسها مكانا للتحرك لتقويض ما سمي فيما بعد بالوفاق الوطني أو الانجاز الديمقراطي (العملية السياسية)، ومن بين ركام الانفجارات والقتل والتشريد استطاعت أحزاب السلطة أن تخطوا خطوة بالاتجاه الصحيح في كتابتها للدستور وطرحه للمصادقة عليه من قبل الشعب ويعتبر بحق انجازا وطنيا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، إلا إننا نقف في بعض المواطن مستغربين من اعتراض البعض على الدستور والذين كانوا هم من المشاركين في كتابته يقفون اليوم للاعتراض على بعض الفقرات التي اتضح فيما بعد أنها تخالف إستراتيجية الحزب أو الكتلة التي ينتمون إليها، هنا يتضح حجم التضارب بين المصلحة الوطنية التي شارك فيها الجميع حين كتابتهم للدستور وبين المصلحة الخاصة أو الضيقة التي ينطلق منها هذا البعض في اعتراضاته، وهذا يبين حجم التضارب بين الطموحات الديمقراطية التي انطلقت منها الأحزاب في تشكيل الحكومة بمساعدة أمريكا وبين المصلحة الضيقة التي هي لازمة من لوازم الدكتاتورية أو قل هي الممارسة الدكتاتورية بعينها.
وما أن دخلت هذه الأحزاب ساحة الامتحان الحقيقي في إدارة الدولة ومواجهتها لأزمات ومطبات خطيرة حتى برزت إلى العيان ممارسات وقرارات لا تنم إلا عن نزعة انفرادية ورغبة سلطوية في الإدارة مستغلين خطورة الموقف وتسارع الاحداث وخوف الآخرين على المشروع من الضياع في حال الاعتراض على هكذا ممارسات مما ساعد على تكريس حالة الانفراد بحجة الوضع الاستثنائي والموقف الذي يحتاج إلى إدارة حازمة وصلبة.
لقد حفظ لنا التاريخ الكثير من قصص التداول السلمي أو الدموي للسلطة التي هي اعز من المال والعيال في كثير من الأحيان ولكن يبقى الدواء رغم المطيبات التي تدعمه مرا لمن كان يعاني من مرضٍ عضال، والدكتاتورية على مر التاريخ السياسي تعتبر من اشد الإمراض فتكا في جسد الشعوب، لذا نراها دوما في موضع النقيض من الديمقراطية التي تعتبر من أنجع المضادات للدكتاتورية.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وليد المشرفاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/06/20



كتابة تعليق لموضوع : الديكتاتورية أشد الأمراض فتكا في جسد الشعوب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net