صفحة الكاتب : ماجد زيدان الربيعي

في يومهن تزهو الاحتفالات وتتلون الحياة
ماجد زيدان الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد سنوات قليلة من تشكيل رابطة المرأة العراقية اصبح الاحتفال في الثامن  من اذار كل عام ، في السر والعلن ، يوماً وطنياً الى جانب بقية النساء في بقاع الارض من مشارقها ومغاربها.. اكثر من ذلك صار عائلياً ولا يقتصر على النساء وانما يشارك فيه الرجال بمبادرات متنوعة اكثر سعة ورمزية واصبحت  باقات الورد الفواحة بشذى عطرها اللذيذ تزين البيوت وتضيف على الورد ورداً.

كفاح النساء في بلادنا قصة، بل رواية تاريخية مملوءة بالعبر والدروس والتضحيات ، فهي في كل عصر وعهد لها حكاية ومآثر تروى، وصبراً على ضيم دائماً ينتهي بأكليل من غار النجاح وان كان الثمن باهظاً، وان كنا نقول ان التقدم المضطرد كان حلزونياً، فانه لا يخلو من التراجعات واحياناً الكوارث.

مثلما انقسم الرجال بشأن حريتها وحدودها واطرها وما هو مسموح لها وممنوع عنها. وقرروا نيابة عنها، وتغافلوا عن قصد انها نصف المجتمع في محاولة للبقاء اسير جهله وتخلفه ولاعادة عقارب تقدمه الى الوراء. فأ ن  النساء ذاتهن في هذا الزمن يختلفن فيما بينهن على هذا، ويهيئن الفرصة والظرف للمجتمع الذكوري ان يمارس غيه وسيطرته وتوهماته بان هذا حق طبيعي والهي..!

قدمت النساء في بلادنا الكثير خلال مقارعة الدكتاتورية وساهمن في الاطاحة بها. وهن قوة اقتصادية في المجتمع وسوق العمل ويتفوقن على الجنس الاخر في الكثير من الجامعات والوظائف، وان تراجعت ونكصت الطبقة السياسية عن وعودها في زمن ما بعد الدكتاتورية وغمطت بعض الحقوق وقضمت جزءاً من الكوتا النسائية في المراكز العليا للدولة ، وهذا امر نابع من طبيعة وتكوين القوى النافذة فيها ورضى بعض الناس اللواتي جلبن اليها.. ولكن مع ذلك لم يتمكن هذا الكابح وغيره من اعاقة التقدم والازدهار وان أبطء في وتيرته وجعله اقل من المتوقع، فالمسألة ما تراكم وتكدس وما تحقق هز اسس وركائز تخلف الوعي الفكري والسياسي والمادي الذي شيده النظام السابق واضاف اليه الحكام الجدد.

ليس ادل على ذلك من ان النساء في جميع المدن يشاركن بقوة واندفاعة في المطالبة بالاصلاح والتغيير الشامل وتكاثرت المنظمات النسوية ذات الاختصاص بشؤوهن الى جانب عملهن مع اقرانهم من الرجال والاسهام في معركة البناء واعادة الاعمار.

في بلادنا نلحظ النساء يمكن تقسيمهن على ثلاث فئات بالنسبة الى نشاطهن ووعي حقوقهن في مراكز المدن يختلفن عما عليه وضعهن في الارياف والاحياء المهمشة في الحواضر والمدن الصغير، ومايزال الحرمان سبباً رئيساً في هذا التفاوت وتراجع مساهمتن في الاقتصاد الوطني واستقلالهن المادي.

وفي الاقليم الاوضاع تختلف وتقلصت النظرة العشائرية للنساء والنظرة الدونية واتسعت حرية المرأة، ولكن  مايزال يسجل لدى الجهات الرسمية ما يؤذيهن ويحط من كرامتهن، الا ان تطبيق القانون في حال افضل من بقية انحاء العراق عند اللجوء اليه واستحصلن على مساحة ملموسة للتعبير عن قضاياهن وما يعانين في ظل الاوضاع الاستثنائية.

النساء في العراق كله هن الفئة الاضعف في الحرب على الارهاب ويطالهن بشكل مؤذ لم يسبق له مثيل، بل هذه الحرب تستغل لسلب بعض الحقوق وزيادة الاستغلال. يندر ان نجد عراقية من مختلف المكونات لم يلحق بها الاذى، بشكل مباشر او غير مباشر، جراء الحرب ضد الدواعش والتنظيمات المتطرفة، ماتزال تدفع ثمناً باهظاً لاستمرارها، بل ان هذه الحرب اعادت ما اندثر منذ عصور عندما تم سبي الايزيديات في سنجار وغيرها، كما انهن ارغمن في مناطق اخرى على الزواج دون توفر الشروط الشرعية والقانونية، زواج بالا كراه لارضاء المتأسلمين وغيرهم.

ومن المخاطر التي تتعرض لها النساء الارتداد عن تطبيق قانون الاحوال الشخصية او التقيد باحكامه ومحاولات الغائه وسن تشريع جديد وفقاً لرغبات جهات من الاسلام السياسي لتكريس الاخلال بالمساواة والعدالة الاجتماعية.

ان هذه المخاطر وغيرها وما موجود من مكاسب قائمة او معطلة يتطلب من النساء تحقيق وحدتهن ولو في حدها الادنى للتمترس بشأن حقوقهن والدفاع عنها وتعزيز دورهن في الحياة العامة وبما يتناسب مع التضحيات التي قدمت للوطن والشعب ولاقامة النظام الديمقراطي والدولة المدنية، وهو النظام الوحيد الذي يضمنها، في دولة المؤسسات والقانون والمساواة التي تنبذ التمييز على أي اساس لاسيما نوع الجنس.

مرة اخرى سيداتي لكن امنيات بلون الورد وعطره لتحقيق الاماني واستعادة الحقوق وبناء نظام المساواة والعدالة الاجتماعية.

باقات ورد للرائدات في الحركة النسوية اللواتي حملن المشعل لاضاءة الطريق، وللنصيرات اللواتي حملن السلاح ضد الدكتاتورية الصدامية ودواعشها الجدد، وايضاً للمحتجات في ساحات التحرير لاقامة دولة خالية من الفساد والمحاصصة.

واخيرا وليس اخراً اكاليل الغار على قبور الشهيدات من اجل الديمقراطية ولمن قبعن في سجون الاضطهاد والقمع والارهاب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ماجد زيدان الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/08



كتابة تعليق لموضوع : في يومهن تزهو الاحتفالات وتتلون الحياة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net