صفحة الكاتب : د . محمد الغريفي

أين قانون كفالة اليتيم؟
د . محمد الغريفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

\"اليتيم\" كلمة لها صدى حزين في قلب كل إنسان، فهي تشعر بالقهر والحزن والحرمان والحاجة لأبسط مقومات الحياة التي يحتاجها كل طفل صغير؛ كحنان الأم وكفالة الأب واللباس جميل وسكن المناسب والتعليم المفيد والتربية الصحيحة، وحرمانه من أخذ دوره في المجتمع كطفل بريء يلعب ويضحك مع أقرانه ولا يحمل شيء من هموم الحياة فوق قابلياته وإدراكاته الصغيرة.

لذلك نجد القرآن الكريم يوصي بعدم قهر اليتيم {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} (الضحى/9) لأن اليتيم كله قهر وحزن وحرمان، فلا نزيد عليه بأكثر مما هو فيه. ومن ذنوب الكبيرة ترك إكرامه {كَلا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ}(الفجر/17). بل القرآن الكريم يصرح بكذب كل من يدعي الأيمان ويترك كفالة اليتيم وهو قادر، ويدعه يعاني الحرمان والحاجة والحزن {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} (الماعون/1،2).

حيث تشكل ظاهرة ترك كفالة الأيتام خطورة كبيرة على المجتمع؛ لأنه سوف ينشأ مثل هكذا أيتام في الشوارع فاقدين للتربية والتعليم والحنان يملأ قلوبهم الحرمان والحقد على المجتمع، يستغلهم الأشرار والعصابات على تنفيذ جرائم السرقة والقتل والإرهاب.

ولذا على المجتمع والحكومة حقوق وتكاليف شرعية ووطنية وإنسانية يلزم أدائها للأيتام مثل: نشر ثقافة كفالة اليتيم وإكرامه والإحسان إليه، وتشريع القوانين الحكومية المناسبة لكفالة الأيتام في الجانب التربوي والتعليمي ورفع احتياجاته العاطفية والمادية.

ومن هذا المنطلق ندرك خطورة ما يعانيه شعبنا العراقي منذ أربعة عقود من ارتفاع نسبة عدد الأيتام في المجتمع، بسبب الحروب والسياسة الجائرة للطاغية المقبور. وتشير إحصائيات منظمات حقوق الإنسان العالمية بأن العراق يتصدر المركز الأول في العالم في عدد الأيتام. 

ويمكن لنا أن نقسم الأيتام في العراق الى ثلاثة أجيال، حتى يمكننا معرفة حقوقهم وما أدته الحكومة من هذه الحقوق وما لم تؤديه لحد الآن:

الجيل الأول: وهم أيتام جيل الثمانيات من القرن الماضي، فقدوا آبائهم بحملة إعدامات النظام السابق للحركات الإسلامية أو بالحرب المفروضة على الشعبين العراقي والإيراني. وقد بلغوا الآن سن الرشد، وأصغرهم يبلغ من العمر خمسة وعشرين سنة. 

الجيل الثاني: وهم الأيتام الذين فقدوا آبائهم في حرب الخليج الأولى 1991م، وما تلاها في الانتفاضة الشعبانية، وقد بلغوا الآن سن الرشد، وأصغرهم يبلغ من العمر عشرين سنة. 

ويستحق أبناء هذين الجيلين الأول والثاني من الحكومة العراقية الحالية العديد من الحقوق الأساسية والحياتية، كتعويض عن الجناية التي ارتكبت بحقهم، ولإدامة مسيرة حياتهم بشكل طبيعي بعيداً عن الانحراف والمعانات، وأهم هذه الحقوق ما يلي:

1- حق التعويض المالي: ما يعرف في الشريعة بـ(الدية)، فعند الجهل بالقاتل على الحكومة العادلة إعطاء دية المقتول لورثته.

2- حق السكن: توفير وحدة سكنية لكل يتيم، منعاً للتشرد وتعويضاً عن بيت الأبوة الذي فقده.

3- حق العمل: أن يكون لهم الأولوية في الوظائف الحكومية، كمصدر مالي يصونهم وعوض عن كفالة الأب.

4- حق التعليم العالي: أن يكون لهم الأولوية في دخول الجامعات والمعاهد، حتى لا يكون التعليم حكراً على أولاد الأغنياء.

5- حق الزواج: منحهم هدية الزواج ومساعدتهم على تشكيل الأسرة، صوناً لعفتهم وعوضاً عن مساعدة الأب.

وقد قامت الحكومة البائدة بإعطاء قسم من هذه الحقوق لورثة قتلى الحروب التي أشعلتها في المنطقة، وتقدم الآن مؤسسة الشهداء بإعطاء حقوق أبناء شهداء المعارضين للنظام البائد، وبذلك تحل جزء من مشكلات أبناء هذين الجيلين.

 

الجيل الثالث: وهم أيتام ضحايا الإرهاب وأيتام الحشد الشعبي الى يومنا هذا، وحسب التقديرات المحتملة يوجد الآن من خمسة الى سبعة ملايين يتيم لم يبلغوا الرشد، وعددهم في تزايد يومياً. 

ولا يوجد الى الآن تشريعات في الحكومة العراقية تمنح أيتام ضحايا الإرهاب والحشد الشعبي (الجيل الثالث) حقوقهم الحياتية الضرورية وترفع حوائجهم المادية والمعنوية، وأهم هذه الحقوق التي يحتاجونها قبل بلوغهم سن الرشد ما يلي: (1- حق التكفل والتربية والنشأة الصحيحة 2- حق التعويض المالي 3- حق المسكن 4- حق التعليم). ويضاف لها بعض الحقوق بعد بلوغ سن الرشد: (5- حق العمل 6- حق التعليم العالي 7- حق الزواج).

 

ونحن (في مركز دراسات العصر) نطالب مجلس الوزراء والبرلمان العراقي بتشريع قانون يمنح أيتام ضحايا الإرهاب (الجيل الثالث) حقوقهم المنسية، أو ألحاقهم بقانون مؤسسة الشهداء. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد الغريفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/03



كتابة تعليق لموضوع : أين قانون كفالة اليتيم؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net