نقطة نظام
كريم الانصاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من الحقائق المثيرة للانتباه أنّ البعض منّا منتجٌ خبيرٌ في إبداء النقد وتسجيل الملاحظة على عمل هذا الفرد وسلوك تلك المجموعة ، بل يحلّق بتنظيراته بعيداً حين يطرح لهما البدائل والحلول اللازمة .. أمّا في عمله وحرفته ورغم تمرّسه اليومي فنجده مفتقداً لأوّليّات الإجادة ، ناهيك عن الركاكة والنتاج الهزيل ..
النقد والملاحظة البنّاءتان تقودان إلى التغيير نحو الأفضل بشرط صدورهما عن علمٍ وتخصّصٍ وعقلٍ مدير وفهمٍ ميدانيٍّ عميق ، وبشرط توفّر الحاضنة المستقبلة .. فالإشراف المتبطّر من على البُعد والتنظير الفضولي والرؤية المنبثقة من الجهل المركّب المذيَّلة بالنقد والملاحظة دون معرفةٍ وافية وتجربةٍ ميدانية كافية ، تعني : ضياع النظم واختلاط الأوراق واستشراء الفوضى والفساد ، وهذا هو أُسٌّ من أُسس التراجع الخطير الذي تعاني منه مجتمعاتنا ولازالت تدور في دوّامته أُمّتنا منذ أمدٍ طويل ، حتى خلّف أسوأ الأثر على واقعنا المعرفي والثقافي والاجتماعي ، بل أخلّ بوعينا الديني واستيعابنا الفكري ونضوجنا السياسي ..
ينبغي أن يكون كلّ شيء في مكانه المناسب وموقعه الصحيح بالتوقيت السليم ، بلا تأثيراتٍ خارجيّة ولا إلقاءاتٍ نفعية ، كيلا نتمرّغ في وحل الفكر الميّت و القاتل ، ولكيلا تتداخل الأُمور وتشتبك القضايا ، حتى يعرف كلٌّ حدّه ومقامه ، وحتى تكون الغاية الأرقى والهدف الأسمى هما المصلحة العامّة والسعادة المعهودة .
وحينما نفشل في محاولةٍ فلا مجال لتكرارها ، إذ المجرَّب لايجرَّب .. وحين نرى التعميم وكلّيات أبي البقاء لاتجدي نفعاً فعلينا بالمكاشفة النخبويّة حتى وإن استدعت جلد الذات بمعناها الأخصّ أو الأعمّ ؛ وإلّا فإنّ الضرر تصاعديٌّ وفرص الإنقاذ تنازليةٌ بلاريب .