صفحة الكاتب : جودت العبيدي

حرب الفضائيات.....اسلحة غير محظورة
جودت العبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حرب من نوع خاص اسلحتها الصوت والصورة ,حرب يمكن ان تصور الصعاليك عمالقة والمهزومين ابطالا, حرب تعطي امراء المليشيات صفة القدسية , وتقلب الاسود ابيض وبالعكس. حرب على مدار الساعة, فما تفرغ فضائية من نشر خبر القراصنة في بحر الصومال, حتى نسمع فتوى دينية غريبة في فضائية اخرى, ومنها الى اضطهاد الشيعة في البحرين ثم الى موضوع الاقباط في مصر, ومن قناة صفا و الوصال الى قناة فدك والفرقان ,في زمان نحن في امس الحاجة الى التوحد والالتحام ووضع الخلافات التاريخية خلف ظهورنا والاهتمام بمستقبل الاجيال.

 

تظهر الاحصائيات الرسمية الاخيرة الى ان عدد الفضائيات في منطقة الشرق الاوسط اصبحت حوالي 700 قناة اكثر من 90% منها تتكلم بالعربية اي موجهة الى المنطقة العربية والاسلامية.

وبحسب التقرير الذي وزعه اتحاد اذاعات الدول العربية في تونس فان 10% من هذه الفضائيا هي حكومية والباقي تديرها هيئات اهلية خاصة ,لايعرف مصدر تمويلها, ولاتعرف اجندتها,الكثير من الذين يديرونها اشخاص غير مهنيون او دخلاء على مهنة الاعلام , سخرت قسم منهم حكومات محلية واقليمية, وسخر قسم اخرمنهم بعض الشركات الاهلية واصبح العديد منها يستخدم اسلوبا هابطا مليئا بالتسقيط والشغب, والاخر يتبنى عقيدة الجهة المالكة او الداعمة , بشكل عام تسودها الفوضى التي يحلو للبعض تسميتها " الفوضى الخلاقة" ,نعم انها خلاقة لكن لاتخلق الابداع ولكن تخلق العنف والجريمة, وتنشر الظلام , وبكل تاكيد فهذا الكلام لاينطبق على جميع الفضائيات بل على عدد منها. ولابد  من الاشادة هنا بقرار وزارة الاعلام المصرية الاسبوع الماضي باغلاق عدد من تلك الفضائيات نتيجة كثرة المخالفات وهي الناس,الخليجية,الصحة والجمال,الحافظ الدينية,وقد تلاها يوم امس 19 تشرين الاول غلق 12 قناة اخرى تبث على القمر نايل سات, وقد انذرت 20 قناة ايضا .

 

تبلغ كلفة تاسيس الفضائية الواحدة حسب راي المتخصصين الاعلامين مبلغ لايقل عن عشرة ملايين دولار بالاضافة الى الكلفة السنوية للتشغيل ,وقد يرتفع المبلغ ويصل الى اكثر من ثمانين مليون دولار كما حصل في تاسيس قناة الحرة الامريكية. وقد تصل كلفة تلك الفضائيات جميعا الى عدة مليارات دولار وهو يمثل رقما استثماريا كبيرا ممكن ان يساهم في دعم اقتصاد العديد من دول الشرق الاوسط .الغرب يملك الاقمار الصناعية ويؤجرها للفضائيات اويبيعها, وهو يمتلك اجهزة الاتصالات التي تشتريها تلك الفضائيات, وكذلك فان الفضائيات تشتري الاخبار واشرطة الانتاج السينمائي والاخباري والسياسي...يعني بعبارة اخرى فن تلك الفضائيات تدفع مليارات الى الغرب على عمل اعلامي وحرب اعلامية تسبب بشكل واضح في  التفرقة الطائفية والعداء السياسي والخلافات الاجتماعية وغيرها. ومن اهم الاسباب التي ادت الى زيادة عدد الفضائيات هي:

 

1.الاجيال الجديدة من الاقمار الصناعية التي اطلقت بالسنوات الاخيرة.

2.الحروب التي شبت في المنطقة والنزاعات الطائفية في الشرق الاوسط.

3.انخفاض اسعار وتكاليف الاقمار الصناعية.

4.ضعف سيطرة الحكومات على الاموال العامة.

 

الجدير بالذكر ان الاجرات التي كان من المفروض ان تتخذ بحق الفضائيات التي تبث بالعربية لمنطقة الشرق الاوسط لازالت بحاجة الى جهة رقابية حكومية واجبها وضع الضوابط التي تنظم عمل تلك القنوات الاعلامية ولا نعلم لماذا هذا التمادي والسكوت من قبل تلك الحكومات بالسماح لبعض الفضائيات  بالتحريض على القتل  والطائفية وزرع الكراهية بين الاديان او بين ابناء الدين الواحد, فلقد استدعى الامر تدخل "قداسة" بابا الفاتيكان للحد من موضوع الرسوم المسيئة للرسول الكريم "ص" , وكذلك فلولا تدخل السيد علي الخامنائي "دام ضله" لاستمرت التراشقات الطائفية بين المسلمين ,ولولا تدخل شيخ الازهر الشريف  الدكتور احمد الطيب برفضه تكفير الشيعة بناء على اصوات ارتفعت اخيرا في الفضائيات لاستمرت الحملة ولكانت النتائج على نحو اخر.

لكن نرى ان الادارة الامريكية عندما شعرت بان خطرا ياتيها من بعض الفضائيات  سارعت الى اتخاذ موقف رسمي وقانوني ففي 8 كانون الاول 2009 اصدر الكونكرس مشروع قانون يطلب من الرئيس ان يقدم له كل ستة اشهر تقريرا عن مؤشرات معاداة الولايات المتحدة الامريكية والتحريض على العنف ضد الامرييكين, ويركز القانون على القنوات الفضائية الشرق اوسطية وخاصة قناة الاقصى التابعة الى حركة حماس ,والمنار التابعة لحزب الله, والزوراء والرافدين العراقيتين بزعم انها تحرض على العنف ضد امريكا وطالب المشروع باجرات وعقوبات على مالكي الاقمار الصناعية.

 

اما المستفيدين من تلك الفضائيات من العرب والمسلمين في منطقة الشرق الاوسط فهم اما مليشيا دينية طائفية لها غاية في نشر افكارها,او بعض الاعلامين الذين ارتفعت بورصتهم فاصبحت اجور بعض مقدمي البرامج والمذيعين الى ملايين الدولارات سنويا,لذا فاصبح التنقل بين الفضائيات امرا شائعا وحسب قاعدة "من يدفع اكثر".

ولقد استهوت بعض الدول الاجنبية والغربية الاخرى حرب الفضائيات هذه فاقدمت كل من الصين وروسيا والمانيا وامريكا وايطاليا واسبانيا فاشترت وشغلت عددا من الفضائيات الناطقة بالعربية فاصبحت حربا ضروس بالمعنى الحقيقي,حربا دينية وسياسية اسلحتها غير محظورة ,وجبهتا مفتوحة بوسع الفضاء.

 

Jawdat.kathum.alobeidi@gmail.com

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جودت العبيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/10/21



كتابة تعليق لموضوع : حرب الفضائيات.....اسلحة غير محظورة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net