صفحة الكاتب : محمد حسن الساعدي

العراق بين منظور الدولة والحكومة ؟!! 
محمد حسن الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

اجريت العديد من الدراسات والبحوث المهمة حول مفهوم الادارة والحكم بعد سقوط النظام ، والتي ركزت أكثرها على طبيعة النظام القائم في البلاد ، وطبيعة العلاقة بين الحكومة والمواطن وبالعكس ، وطبيعة الوظيفة  او المهمة التي ينبغي ان تمارسها الدولة تجاه الوطن والمواطن ، فهل هي " الحصن الحصين " له ام انها جاءت لتؤدي مهام تسلطية ، وتفرض القوة عليه ، لهذا فلقد ذهب اهل الاختصاص في تعريف الدولة الى انها القوة الأجتماعية المنظمة التي تملك سلطة قوية تكون قانونا فوق أية جماعة داخل المجتمع وعلى أي فرد من أفراده ، ويميز الدولة عن بقية الجماعات ذلك الأعتراف والطاعة من المواطنين ،ويعطيها هذا الحق الأولوية على كل الجماعات الأخرى في المجتمع مثل الأحزاب السياسية والتيارات الدينية والأثنية والجماعات الأقتصادية والتجمعات العمالية وغيرها ،أي بمعنى هي  منظومة تشمل مجموعة مؤسسات اختصاصية في وظائفها تقوم بترجمة معنى مفهوم الدولة على أرض الواقع من خلال آليات منظمة ومناسبة تتناغم وتتناسق فيما بينها في أدائها لمهامها الوظيفية  لأدارة البلاد والمجتمع معا في مختلف المجالات الأقتصادية والأجتماعية والثقافية والعلمية والمالية وهذه المؤسسات تكون في حالة علاقة تكاملية جدلية مع بعضها في أدائها لوظائفها المخططة والمقررة لها قانونا وتشكل بالتالي الركائز الهيكلية لما تسمى أو بات يعرف بالدولة ككيان معنوي ، ومثل هكذا دولة تسمى دولة المؤسسات ، ومن هنا يجب أن نفرق بدقة بين مفهوم الدولة ومفهوم الحكومة ، لأن الدولة هي الجهاز العام والحكومة هي أحدى أدواته وهي الأشخاص الذين يحكمون بأسم الدولة قانونا . 
العراق بعد السقوط ، وعلى مدى اكثر من خمسة عشر عاماً لم تنجح القوى السياسية في بناء بذرة الدولة ، او السعي الجاد الى ترسيخ مفهوم الدولة ، خصوصاً وان هناك دولة كانت قائمة ، ونظام وقانون ، لم يستطع احد من القوى السياسية تفعيل هذه الأنظمة والقوانين بما يحقق القوة الفعلية للدولة ، واكتفت القوى السياسية بان تسعى الى بناء ترسانتها الحزبية ، وتقوية نفوذها الحكومي دون النظر الى بناء أسس الدولة ، او السعي الى ترسيخ مفهوم الدولة ، وتهميش دور الحكومة ، وجعلها مسالة ادارة وخدمة المواطن لا اكثر . 
وبناء على ذلك فالدولة هي تصور نظري عمليا ، أما الحكومة وأشخاصها فهم يتغيرون ولا تختلط هنا  الصورتان للدولة والحكومة الا في المجتمعات البدائية أو الدول الديكتاتورية التي تتعمد فيها الحكام دمج الصورتان معا لأنتاج صورة الديكتاتور المستبد ، حيث يدعي فيها  الحاكم المستبد أنه هو الحكومة والدولة والشعب أحيانا . والمؤسسات التي تتشكل منها الدولة وتجمعها مرجعية قانونية واحدة وهي مرجعية الدستور التي تنظم علاقاتها ببعضها وفق مبدأ فصل السلطات وتكامل آليات أدائها لمهامها ضمن اطار الدولة الواحدة. 
اعتقد وكما يرى المثير من المحللين ان الساعين الى ترسيخ الديكتاتورية والتفرد بالسلطة ، لن يجدوا سبيلاً لذلك ، خصوصاً وان الشعب العراقي بمختلف ألوانه اصبح اكثر وعياً ، في النظر لمستقبله ومصالحه ، ونقول لهؤلاء الحالمين في مسك السلطة ، ان الديكتاتورية في العراق قد انتهت والى الأبد ، لان هناك شعباً يقض وتفتحت عيونه للحرية وأختار الديمقراطية له نهجا للحكم والحياة ، وان من يسعى لبناء دولة مؤسسات ينبغي له ان يكون حاداً في ترسيخ الدولة وبناءها الرصين ، وان تكون الحكومة جزء من الدولة ، لا ان تكون سيفاً مسلطاً على رقاب المجتمع .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/06/02



كتابة تعليق لموضوع : العراق بين منظور الدولة والحكومة ؟!! 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net