صفحة الكاتب : عدوية الهلالي

ناقوس الخطر
عدوية الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما يقدم المرء على الانتحار ، ينتفي لديه الاحساس بالشجاعة او الجبن كما اعتقد ، يصبح الامر خلاصا من حالة يأس كامل ، فلو كان الانتحار وليدا للشجاعة فقد يمكن للمرء ان يفكر في بديل مناسب ولو كان يشعر بالجبن من مواجهة امر يصعب عليه تحمله ويجد في الانتحار حلا له فقد يمكن ان يتردد ويتراجع عن قراره في آخر لحظة ، اما حالة الاحساس باليأس الكامل فهي التي تقود حتما الى الانتحار وهو مااقدم عليه عدد كبير من العراقيين في الفترة الاخيرة ليتحول الى ظاهرة مجتمعية تتفاوت نسبتها بين محافظة واخرى وتشكل خطرا على امن وسلامة المجتمع .. في محافظة ذي قار مثلا ، سجلت الاحصائيات مؤخرا نسبة غير مسبوقة في عدد المنتحرين ، ففي اسبوع واحد ، حدثت اربع حالات انتحار كان الضحايا فيها من الرجال رغم ان من المعروف عالميا ان النساء هن الاكثر ميلا لانهاء حياتهن لدى تعرضهن لظروف قاهرة ..اية ظروف قاهرة اذن تلك التي بدأت تدفع الرجال الى الياس الكامل ومن ثم الانتحار ؟! يرى الباحثون الاجتماعيون ان الفقر سبب اول خاصة اذا ماعلمنا ان محافظة ذي قار من اكثر المحافظات العراقية معاناة من الفقر ومشاكل التعليم والسكن والصحة وعدم تكافؤ الفرص فضلا عن وجود اسباب اخرى كالاعراف الاجتماعية القاسية وشيوع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومايتولد عنها من اضرار اجتماعية تؤثر على الفتيات خصوصا كنشر صورهن او تهديدهن بها مايودي بهن الى حالة من العجز والياس تقودهن الى الانتحار..وهناك سبب يفرض نفسه رغم عدم الاعتراف الكامل بدوره في تزايد حالات الانتحار وهو انتشار تعاطي المخدرات وماينتج عنه من اختلال في التعامل مع المجتمع وتاثير سلبي على سلوك الفرد يتلخص بحالة انعدام التوازن لديه مايسلمه الى الياس واللامبالاة وبالتالي الانتحار .. في العراق ، نعرف جميعا ان هناك غياب واضح للمؤسسات التي تبحث في مسببات تلك الظواهر وتعالجها اذ يقتصر الامر على محاسبة المحرضين على الانتحار –ان وجدوا – قانونيا ضمن المادة القانونية (408) من قانون العقوبات التي تنص على معاقبة من يسهم في فعل الانتحار بالتحريض او المساعدة ، لكن هذا الامر لايعد رادعا كافيا فهناك من يجد في الانتحار فضيحة كبرى ولايتطرق لتفاصيله، وهكذا يفقد المنتحر حياته وحقه القانوني ويعتبر ضحية لسلوكه الشخصي .. من هنا فأن وصول الانتحار الى مرحلة تحوله الى ظاهرة يدق ناقوس الخطر ويصبح معه التحقيق الامني ليس كافيا والنص القانوني ليس رادعا لذا تبرز الحاجة الى الاهتمام بالجانب النفسي والاجتماعي للفرد العراقي عن طريق المؤسسات المتخصصة وتوعية المواطن بالاثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي والمخدرات وماالى ذلك ...هذا في حالة كون تلك الاسباب هي التي تقف وراء تفكيره في الانتحار ، ولكن ، كيف يمكن ان نثني مواطنا عن انهاء حياته وحياة اولاده احيانا حين يفقد القدرة على مواجهة وحش كاسر كالفقر او الظلم الاجتماعي ؟...هل تكفي النصيحة والتوعية ام يكون الحل في انقاذ المواطن العراقي من اليأس بتوفير فرص عمل وسكن وضمان اجتماعي وهي من ابسط حقوق أي مواطن في العالم كله ... الحل يكمن بالتاكيد في ازالة مسببات اليأس لكن صعوبة تنفيذ ذلك في ظل انشغال الحكومات بتقاسم المناصب وتحقيق المكاسب الشخصية يمكن ان تسلمنا نحن أيضا الى اليأس فقد تواترت السنين والدورات الانتخابية دون أن يتحسن وضع الفرد العراقي ..وهكذا قد يصبح الانتحار حلا في نهاية المطاف حتى لمن يجد في الأمل وسيلة لمواجهة صعوبات الحياة ، لأن غرسة الامل لاتنمو في تربة قاحلة ..ومهملة ...


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدوية الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/30



كتابة تعليق لموضوع : ناقوس الخطر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net