قبيلة بنو عارض من القبائل العربية المشهورة التي تتصف بالبسالة والنخوة والكرم ، وهم يسكنون الآن في وسط وجنوب العراق وبالخصوص بين مدينتي الديوانية والسماوة، وقد كثر الكلام بين أهل الأنساب حول أصل نسب بني عارض، فمنهم من قال بأنها قبيلة من قبائل شمر القحطانية يرجعون إلى جدهم الأعلى عبدة بن جعفر بن علي بن عارض الشمري ،وقد هاجرت هذه القبيلة مع الكثير من القبائل العربية بسبب الجفاف وقلة الماء والكلأ من منطقة وادي (عارض) الواقع في منطقة اليمامة من جزيرة العرب وسكنت جنوب العراق وذلك بعد عام 1654للميلاد ..
ومنطقة وادي عارض تقع في العُيينة (العارض) والتي كانت تعرف قديماً بالعَروض أو اليَمامة، أو إنها مدينة من أحدى مدن الجزيرة العربية ، أو إنها جبلاً أو عارضة لمعسكر جيش، كما أن هناك لقب [عارض] يعد من سلالة شمّر الأوسية القحطانية...
ومن أهل الأنساب من قال بأن قبيلة بني عارض يرجع نسبها إلى قبيلة الأوس القحطانية وهم الذين صاروا بعد ذلك مع قبيلة الخزرج بالأنصار (أي أنصار الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي هاجر إليهم من مكة فأستقبلوه وأحتضنوه وأستجابوا لدعوته ونصروه في كل غزواته وحروبه ضد المشركين حتى قال فيهم (ص) : [الأنصار عيبتي وكرشي ..اللهم أرحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ] .. ومنهم من قال : بأن نسب بني عارض يرجع إلى بني جشّم بن الحارث بن نبُيت بن الخزرج ، وأن جدهم الأعلى هو عبيد بن عارض بن جشم الخزرجي، ومنهم شداد بن عارض الجشمي الذي أستشهد بين يدي رسول الله (ص) ومنهم عمرو بن الجموح الأنصاري الذي أستشهد في معركة أحد ..ومنهم الحباب بن المنذر الجشمي الذي جرد سيفه يوم السقيفة بوجه جماعة المهاجرين من قريش وقال : [ والله أن شئتم لنعيدها (جذعة) ] ..وكان يومها هو خطيب الأنصار في تلك الواقعة المشهورة ..
وهناك روايات أخرى عن نسب بني عارض منها : بأن بني عارض هم عائلة علوية يرجع نسبها إلى أحد أحفاد الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) وأن جدهم الأعلى هو رجل عالم شريف أسمه ( محمد فتح الباب ) أو (محمد أبو باب )الذي ينتهي نسبه إلى السيد [العرضي ] وقد أختلطت هذه العائلة مع القبائل التي تسكن في وادي عارض بين الجزيرة واليمن ، ثم هاجرت معهم إلى جنوب العراق قبل 400عام وأخذت لقبهم وأسمهم من القبائل التي أختلطت معهم ..
وفي كل الأحوال وبعيداً عن أختلافات علماء الأنساب والتاريخ وآرائهم التي تصيب الباحث عن النسب بالصداع والحيرة والقلق ..فان قبيلة بني عارض تعتبر قبيلة كبيرة ومهمة من قبائل العراق ، وقد لعبت هذه القبيلة خلال تاريخها دوراً بارزاً ومشرفاً في جميع الأحداث والوقائع التي مرت على العرق ، وكان لها موقع الريادة والصولة الأولى فيها كلها ، ولاأحد ينكر بأن قبيلة بني عارض هي القبيلة الوحيدة التي قدمت للعراق أكثر من [ألف شهيد] خلال ثورة العراق الكبرى عام 1920ضد الأحتلال الأنكليزي الغاصب ،وقد خاضت هذه القبيلة الشجاعة معارك دامية مع المحتلين أشهرها معركة (العارضيات) التي تكبد فيها الأنكليز خسائر فادحة بالأرواح والمعدات ,وكذلك أشتركت في معركة السويب الشهيرة ضد لأنكليز ولازال أرشيف الحرب البريطاني يحتفظ بفصول وملفات تلك المعركة التي يعتبرها نكسة في تاريخ الجيش البريطاني الذي لايقهر .. ولقد كان لهذه التضحيات التي أبداها أبناء هذه العشيرة - مع تضحيات بقية عشائر وقبائل العراق- الأثر الكبير على تحول سير الوقائع والأحداث في صالح الأستقلال الوطني الذي تحقق عام 1921 حيث تأسست أول دولة عراقية مستقلة بعد التبعية للأحتلالات الأجنبية التي تعاقبت على العراق لأكثر من سبعة قرون !!
كما أن عشيرة بني عارض كان لأبنائها وأسرها الكريمة مواقف جهادية رائعة وصلبة ضد جميع الطغاة الذين تسلطوا على رقاب الشعب العراقي ، فكان لأبناء هذه العشيرة البواسل المواقف المعهودة برفض كل أشكال الدكتاتورية والقمع التي بلغت ذروتها على أيدي البعثيين والنظام العفلقي المقبور ، فكان أن أستهدفت هذه العشيرة فأعتقل المئات من أبنائها الأحرار وغيبّوا في السجون المخيفة وقد قضى أكثرهم نحبه في تلك الطوامير المظلمة وسيق بعضهم إلى مشانق الأعدام، ودفن الكثير منهم في القبور الجماعية وتحت التعذيب ، ومنهم من شّرد وهاجر إلى المنافي رافضاً الأنصياع لمنطق الدكتاتورية والظلم والطغيان العفلقي ..وعندما تفجرت الأنتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991ضد النظام الصدامي المجرم هب أبناء عشيرة بني عارض عن بكرة أبيهم من أجل تحرير الشعب العراقي من قبضة الطاغية صدام حسين وحزبه الفاشي (عكس بعض العشائر التي وقفت مع قوات النظام لقمع أبناء شعبها) ، ولم يكتف أبناء هذه العشيرة الباسلة بتحرير منطقتهم (الحمزة الشرقي وماجاورها من مناطق ) من براثن البعثيين، بل تجمعوا وتحركوا على شكل جماعات جهادية كبيرة للدفاع عن العتبات المقدسة في كربلاء والنجف وفك الحصار عنهما ونصرة أخوانهم المجاهدين هناك ، حيث كانت قوات الحرس الجمهوري تحاصر النجف وكربلاء وتمطرهما بالصواريخ والراجمات والمدفعية في ذلك الوقت ..ولما وصلت جماعات المجاهدين من أبناء بني عارض ومعهم بعض أبناء العشائر الأخرى إلى منطقة (الحفار ] جنوب النجف أعترضتهم قوات الحرس الجمهوري معززة بالدبابات والمدفعية الثقيلة ودارت هناك معركة عنيفة أستبسل فيها أبناء العشيرة - كأجدادهم الذين أستبسلوا ضد الأنكليز- حتى أستشهد منهم الكثير من خيرة رجالهم وشبابهم ، وبعد أن نفذت ذخيرتهم أنسحبوا إلى مناطقهم تحت ضغط قوات العدو المدججة بالدروع والمدفعية ..وبعد فشل الأنتفاضة وسيطرة الجيش على الأوضاع مرة أخرى أعتقل الكثير منهم لأشتراكهم في الأنتفاضة فكان نصيبهم الأعدام أو السجن في أماكن سرية قضوا فيها نحبهم ، وبعضهم لايعرف عنهم شيء إلى الآن ..!!
وهناك الكثير من المواقف الشريفة التي تتفرد بها قبيلة بني عارض ، أضافة لذلك فأن أبناء هذه العشيرة يمتازون بالكرم والأخلاص والضيافة العربية الأصيلة والمواقف النبيلة ، وأننا نجد بـأن أكثر شيوخ وكبراء وزعماء عشائر العراق من شماله إلى جنوبه يكنون لعشيرة بني عارض كل الأحترام والتقدير والأجلال وذلك لسمعتهم الطيبة وأخلاقهم العالية وكرمهم العربي الأصيل ..
واليوم يعيش أبناء هذه العشيرة في عدة محافظات من أرض العراق رغم أنهم يتركزون في مناطق الوسط والجنوب ، وقد أندمجوا وتفاعلوا مع أبناء وطنهم من خلال عملهم ووظائفهم لخدمة شعبهم ، ونجد من أبناء العشيرة اليوم من هو الشيخ الكريم والوجيه الفاضل والمهندس والطبيب والمحامي والقاضي والمعلم والمدرس والضابط والجندي والشرطي والمسؤول السياسي والصحفي والأديب والشاعر ، وكل واحد من هؤلاء يقوم بتأدية واجبه في خدمة شعبه العزيز ووطنه الغالي ..
.....................................................................................
المصادر :
نسب معد واليمن الكبير ..محمدبن السائب الكلبي ص203
جمهرة أنساب العرب ..لأبن حزم الاندلسي
التاريخ والحضارة الإسلامية ..(موسوعة) أحمد الشلبي ج7ص84..
تاريخ الجزيرة وآل سعود ..ناصر محد السعيد |