• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إتقوا الله في العراق .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

إتقوا الله في العراق

إتقوا الله في العراق أيها السياسيون دعاة التقسيم باسم الفيدرالية .

 ألا تشعرون أيها السياسيون ممن تدعون الوطنية وحرصكم على العراق الواحد أرضا وشعبا ، وأخص بعض السياسيين البصريين ، أن مطالبتكم بأقليم البصرة في هذا الوقت الحرج الذي يمرّ به العراق ، وهو يتعرض لهجمة شرسة من أمريكا وحلفائها وعملائها ولعبتها داعش ، إنما تسهلّون للمشروع الأمريكي الذي يريد تقسيم العراق بحجة محاربة داعش ؟!

 هل يُعقل أنكم لا تعرفون النوايا والأهداف الأمريكية من إثارة لعبة داعش؟! 

 إن من يطالب بالأقاليم في هذا الظرف ، إنما يخدم المشروع الأمريكي الذي يريد تقسيم العراق إلى دويلات طائفية وقومية سواء علمتم بذلك أم لم تعلموا ، لأن أمريكا وإسرائيل تريد للعراق التقسيم ، أو البديل حربا أهلية طائفية ودمارا شاملا . 

 من المقترحات التي يٌروَج لها اليوم لتحقيق هدف التقسيم مقترح إنشاء الحرس الوطني على أساس طائفي ، إن هذا المقترح ما هو إلا مخطط  يأتي ردّا على الحشد الشعبي الذي أسقط وأفشل المشروع الأمريكي في العراق ، إن لعبة تسليح بعض العشائر الغربية على أساس طائفي تحت غطاء الحرس الوطني بالتنسيق مع أمريكا وبعض السياسيين الذين تعاونوا معها لإدخال داعش إلى الموصل ، الغاية منه إيجاد جيش الطوائف والقوميات ، مع تضعيف الجيش الوطني لغرض فرض مشروع التقسيم ، أو إشعال فتيل الحرب الأهلية .

 الشعب العراقي لا يثق بهذه الإطروحات المشبوهة مع استمرار الضغط  لعرقلة تسليح الجيش الوطني وتدريبه ، ليبقى ضعيفا أمام الهجمات الإرهابية الداخلية والخارجية ، وليبقى الأضعف أمام ما يسمى الحرس الوطني الطائفي الخاص بمحافظات غرب العراق الذي تطالب بتشكيله أمريكا وبعض الدول الإقليمية الطائفية ومعهم سياسيون عراقيون محسوبون على حزب البعث وداعش ، هذا التشكيل الطائفي الذي ينوي أعداء العراق تسليحه بأحدث الأسلحة ، سيضم الأفراد والعشائر الذين تعاونوا لإدخال داعش إلى الموصل ، بل لا زال الكثير منهم يقاتل مع داعش أو يقدم لها خدمة بطريقة من  الطرق على أقل تقدير، أمريكا تريد لهذه العناصر أن تكون بديلا عن داعش ، وفي حالة تحقيق هذا الهدف ستصدر الأوامر إلى داعش بالإنسحاب والإنتقال إلى دولة أخرى للقيام بمهمة جديدة حسب التكليف ، هذا السيناريو وضعت أمريكا له سقفا زمنيا لتطبيقه على أرض العراق ، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .

المطلوب أن يكون ما يسمى الحرس الوطني السني ، وهو ليس سنيا بل يتكلمون باسم السنة ، وسنة العراق الشرفاء براء من تشكيل يأخذ أوامره من خارج الحدود ، المطلوب من هذا التشكيل لو تشكل حسب الرغبة الخارجية ورغبة بعض رجال السياسة السنة الذين خانوا العراق وسلموا الموصل إلى داعش ، أن يكون الخطوة العملية لتقسيم العراق على أساس طائفي وقومي ، علما أن دول الخليج ستقوم بتمويل وتسليح وتدريب هذا التشكيل لو تحقق على أرض الواقع ، والهدف الرئيس له هو فرض التقسيم بالقوة أو البديل حربا أهلية طائفية ، وهذه هي الأمنية الأمريكية التي هي تجسيد للرغبة  الصهيونية ، ويدعم هذه الفكرة دول أقليمية طائفية وسياسيون من داخل العراق . 

 هذا السيناريو في الحسابات الأمريكية يحتاج إلى ثلاث سنوات لغرض التطبيق حسب تقدير أوباما ، وهي الفترة التي يحتاجها الحلف الدولي لإخراج داعش من العراق حسب تصريح أوباما ، وهذا مؤشر على أنّ أمريكا لا تستطيع تطبيق مشروعها التقسيمي إلا بوجود داعش وتحت غطائها ، لكن ظنهم خاب بمفاجأة  مقاتلي الحشد الشعبي ، وتلاحمهم مع الجيش العراقي في التصدي لداعش فانقلب السحر على الساحر ،  بل بعض الصهاينة الأمريكيين قال نحتاج إلى ثلاثين سنة حتى يستطيع التحالف الدولي إخراج داعش من العراق ، وهذا يعني أنهم يريدون أن تبقى داعش هذه الفترة الطويلة من السنين  ليرّتبوا الوضع في العراق حسب رغبتهم ، يالها من مسرحية هزلية مفضوحة .

 هذه التصريحات سبقها تهويل إعلامي كبير جعل من داعش الوحش الذي لا يقهر ، هذا الإعلام الأمريكي المزيف الذي يدعي محاربة داعش ، يدحضه الأفعال الأمريكية المشينة لدعم داعش من وراء الستار، إذ رُصدت الطائرات الأمريكية لمرّات عديدة وهي تقوم بإنزال دفعات من الأسلحة والمعدات الأخرى إلى داعش ، وآخرها كان عند محاصرة الجيش والحشد الشعبي لعناصر داعش في ناحية يثرب قرب بلد ، لكن هذا الدعم الأمريكي لم ينقذ داعش من الهزيمة ، فاندحرت في يثرب وتحررت بجهود أبناء الجيش العراقي والحشد الشعبي ، هذه الإنتصارات لا تُعجب أمريكا لأنها ستُفشل بل أفشلت  مشروعها الشيطاني لتقسيم العراق .

 أتوقع بعد أن تحققت الإنتصارات الكبيرة للجيش العراقي وأبطال الحشد الشعبي على داعش ، أن تُهيء أمريكا لعبة جديدة لكسر معنويات الجيش والحشد الشعبي ، لأن هذه الإنتصارات لا تعجب أمريكا وتفشِل مشروعها المعد للعراق ، لكن ما أتمناه  أن يكون العراقيون الشرفاء الأوفياء من الجيش والقوات الأخرى بمن فيهم أبناء الحشد الشعبي ، وكذلك السياسيون الوطنيون المخلصون على وعي وحذر وانتباه من التحركات الأمريكية وتحركات الدول الداعمة للمشروع الأمريكي ، وكذلك من تحركات السياسيين أنصار المشروع الأمريكي خاصة بعد سقوط القناع عن وجه داعش لعبة أمريكا في  العراق ، وسقوط القناع عن وجوه السياسيين والعسكريين الخونة الذين سلّموا الموصل إلى داعش .

  نود الإشارة إلى أن من أهداف إثارة لعبة داعش ، والحراك الأمريكي الأقليمي المتعاون معها ، عودة حزب البعث إلى الواجهة السياسية من جديد ، ويعمل لتحقيق هذا الهدف عدد من السياسيين العراقيين المحسوبين على حزب البعث ، وهذا الصنف من السياسيين هم من باعوا الموصل وتعاونوا مع داعش ولا زالوا على تواصل ودعم لهذه اللعبة المصنعة في مطابخ المخابرات الأمريكية والصهيونية  ومخابرات حكومات الخليج ذات الحكم الوراثي .

نعيش هذه الإيام فترة الصراع بين أنصار المشروع الأمريكي الذي يريد تقسيم العراق خدمة للصهيونية ، وأنصار المشروع الوطني الذي يحرص على وحدة العراق أرضا وشعبا ، ونسمع خلال هذه الفترة من هذا السياسي أو ذاك ، بمن فيهم البعض من سياسي البصرة ، دعوات المطالبة بأقليم البصرة ، ودعوات بأقليم السنة مع تشكيل حرس خاص من إبناء العشائر السنية بديلا عن الجيش العراقي ، والذين يراد إدخالهم في الحرس الوطني في المناطق الغربية حسب خطة أمريكا والمتعاونين معها ، كثيرمنهم يقاتل الآن مع داعش أو يقدم لها العون والدعم ، وكل هذه الدعوات تصب في صالح المشروع  الأمريكي ، سيما والشعب العراقي يجاهد هذه الإيام لإفشال هذا المشروع التقسيمي من خلال مقاتليه من الجيش والحشد الشعبي .

 إننا نتصور إنّ مطالبات بعض السياسيين البصريين لإنشاء إقليم البصرة جاءت بنوايا حسنة ، وجاءت إنتصارا لأهالي البصرة الذين يعانون من حيف كبير ، لكن هذه الدعوات غير مقبولة شعبيا ولا تتناسب ومصلحة الشعب العراقي ، لأنها جاءت في التوقيت الخطأ ، ومن يحتج بالدستور وإقراره للفيدرالية ، نقول نعم  الدستور يقرّ الفيدرالية ، لكن يجب أن تكون في الوقت والظرف المناسبين ، وعلى السياسيين البصريين إدراك هذه الحقيقة ، رغم قناعتنا أن بعض السياسيين ممن يطالبون بالأقاليم تدخل مطالباتهم ضمن التسويق الإعلامي والمزايدات السياسية . 

إنّ إقرار الدستور بند الفيدرالية لا يعني صوابيتها وملائمتها للعراق ، لأن الشعب العراقي يعرف الظروف التي أقِرّ بها الدستور ، والضغط االأمريكي والكردي باتجاه إقرار الفيدرالية ، وبموافقة بعض السياسيين العراقيين الذين يطمحون إلى بناء أمجاد شخصية وحزبية ، والفوز بمكاسب على حساب مصلحة الشعب العراقي ، وقد شخّص الشعب كثيرا من هؤلاء السياسين من خلال التجربة ، عليه ومن منطلق المحافظة على مصلحة العراق وشعبه ندعو لتعديل الدستور في بعض المواد التي أثبتت التجارب أنها لا تخدم مصالح الشعب العراقي ، ومنها بند الفيدرالية ، والأصلح في رأيي  الإتجاه نحو إنشاء حكومات محلية لا مركزية .

 لاحظنا كاكا مسعود من خلال سير الأحداث يطالب بالإنفصال عن العراق ، وفي مرحلة أخرى طالب بالكونفدرالية ، علما إنّ هذه المطالب تتقاطع  مع الدستور والكل يعرف ذلك ، لكن مسعود بارزاني يعترف بالدستور ما دام يخدم مصالحه ، ويضرب به عرض الحائط إذا كان لا يحقق طموحاته الشخصية والحزبية ، أو أنه يقوم بتفسير بنود الدستور حسب رغبته وهواه ، وكل هذه التصرفات من مسعود البارزاني مدعومة أمريكيا لإنها في خدمة مصالحهم والمصالح الصهيونية .

أرى تعديل الدستور شبه مستحيل لوجود بند فيه يلغي أي تعديل إذا اعترضت عليه ثلاث محافظات ، وهذا البند ثبّته الأمريكان والكرد لصالح الأكراد ، ليكون عقبة في تعديل الدستور إن لم يوافق الكرد على هذا التعديل ، وجود هكذا بند في الدستور خلل كبير، عليه ندعو إما لإلغاء هذا البند ، أو إلغاء الدستور ووضع دستور بديل من خلال مجلس النواب يتناسب ومصالح الشعب العراقي مع طرح الدستور الجديد للاستفتاء ، وهذه الإجراءات من صلاحيات السلطة التشريعية . 

على ضوء معطيات الواقع نرى المطالبة بأقليم البصرة في هذا الوقت الحرج غيرمناسب ، وندعو جميع السياسين من دعاة المطالبة بالأقاليم ممن يمتلكون الحس الوطني والحرص على العراق ، تأجيل هذه المطالب لحين تحسن الظروف ، ولو أني لست مع دعاة المطالبين بالأقاليم ، لأني أرى في الدعوة للأقاليم تفتيت لوحدة العراق ، عليه أدعو المطالبين بالأقاليم إنْ كانوا حريصين على مصلحة ووحدة العراق ، الدعوة إلى تعديل الدستور ، وإلغاء بند الفيدرالية وبنود أخرى أثبتت التجربة عدم صوابيتها وعدم تلبيتها لطموحات الشعب العراقي ، أو أنْ نذهب لإختيار دستور جديد يدعو  إلى الحكم اللامركزي للمحافظات ، وتغيير نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي ، وفي رأيي هذا هو الأصلح للعراق .

 أخيرا نقول لمن يطالب بإقليم البصرة ، أو يطالب بإقليم سني وفي هذا الوقت الحرج  أتقوا الله في العراق ، وهو يتعرض لأشرس هجمة إرهابية مدعومة دوليا وإقليميا وداخليا من الذين باعوا أنفسهم وباعوا العراق للأجنبي الحاقد ، ولا يخرج الأجنبي الحاقد عن دائرة الطائفية أو الصهيونية . 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=55961
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29