ان التجارة الرابحة بين البائع والمشتري تكمن في وجوه التوازن الربحي بين الطرفين فلابد من وجود الفائدة لدى المتعاقدين حتى يتحقق النفع الشخصي لكليهما،فالسلعة اذا كانت عينا او قيمتا فان لها ثمن محدد يطابقها في الاعتبار،أي ما يكون وجوده متأصلا في عالم الاعتبار بحيث اذا تجرد عن اعتبار المعتبر لا يبقى له وجود كالذهب والفضة والالماس والموارد المالية والنقدية وما شابه ذلك،فانها لا وجود لها في غير عالم الاعتبار كما يقول الاصوليون في مقرراتهم البحثية.
ان البضائع والسلع والاشياء الاعتبارية لها ثمن معين ومحدد يمكن لاهل الاموال شراءها مهمما بلغت اثمانها وذلك لوجود المالك الاعتباري لقيمتها من الموارد المالية والنقدية،فمالك هذه الموارد يمكن شراء اي سلعة او بضاعة يحتاجها او راغبا بها.
كما انه توجد اشياء ثمينة لا تقدر بثمن وقيمة ما يملكه المالك الاعتباري بل تتجاوزه الى مرحلة تتعدى عالمه الى عالم أخر له القدرة على استيفاء ودفع هذا الثمن،هذا العالم هو العالم المطلق والوجود الحقيقي اللا متناهي .
اذن ما هو هذا الشيء الذي يعجز الاغنياء والتجار-المالك الاعتباري-عن دفع قيمته؟.
ومن الذي يستطيع دفع هذا الثمن للمثمن؟
وما نوع هذا الثمن الذي يحصل عليه المثمن ويقتنع به؟
ويمكن الاجابة على هذه التساؤلات الثلاثة من خلال الاتي:
هل يوجد شيء لدى الانسان اغلى من نفسه وحياته ، بالطبع في الاعم الاغلب لا يوجد، فالنفس والحياة هي لا تقدر بثمن ما ، فهي اثمن من المال والجاه وغيرها.
فالتضحية بالنفس اقصى غاية الجود والذاهب الى الجهاد ليبيع نفسه ماذا ينتظر مقابل هذا البيع وهل يقتنع ويطمئن للمشتري بإيفاء اجر هذا البيع.
ان زعماء المسلمون الاوائل ممن كانوا يحملون الرسالة المحمدية الخالدة من الاصحاب والتابعين (رض) كانوا السباقون في الدخول الى ارض الوغى والذود عن حمى الاسلام والمسلمين وقد سجل لنا التاريخ اسطرا من نور للتضحيات الخالدة للمئات من هذه الشخصيات المؤمنة والعاقلة بالطريقة المثلى لشريعة السماء المقدسة فضلا عن زعماء الزعماء الذين ضحوا بأنفسهم من اجل الدفاع عن بيضة الاسلام واعلاء كلمة التوحيد قال الامام زين العابدين "ما منا الا مقتول او مسموم "وحتى قيل ان رسول الله (ص واله)مات مسموما بفخذ شاة سمته امرأة يهودية فالتأريخ ذكر لنا اثار كثيرة حول اسياد الاسياد وهم الرسول الاعظم واهل بيته الطاهرين وجرى ما جرى عليهم.
فالضمانات وصلت لنا بوسائط نورانية موثوقة وقطعية الحجة وهذا ما دار عليه العقل البشري وهو الكتاب المجيد والعترة الطاهرة فمن امن بهم وصل الى ضالته المنشودة ومن كفر تخلف عنها وانحرف.
فالتضحية بالنفس المؤمنة لا يكافئها ثمن في العالم الاعتباري والمالك الاعتباري لا يستطيع دفع قيمة هذا المثمن-تضحية النفس المؤمنة-،وعليه يرى المؤمن والمعتقد بالكتاب المجيد والعترة الطاهرة ان الغني الحقيقي الذي يستطيع دفع ثمن عقد البيع والشراء هو الله سبحانه وتعالى-المثمِن-،لأنه هو الذي اوجد وخلق كل شيء ومن بين هذه الاشياء روح المؤمن –المثمَن-والجنة-الثمن- التي تستأنس الروح بها وتحن اليها وتعتبرها دار البقاء.
ان تضحيات ومواقف الحشد الشعبي –العسكري والمدني- وجنودنا البواسل في هذه المعركة المصيرية والشرعية هي امتداد لتلك التضحيات الخالدة التي دافعت عن التنزيل بقيادة الرسول الاكرم "ص و اله "والتأويل بقيادة الامام علي "ع"ضد الهجمة السفيانية والامبراطورية الرومية آنذاك ،فهي حرفت الطبيعة الحقيقية الطريقية عن مسارها الصحيح وبالتالي ما وصل الينا من انحراف وجهل ما هو الا نتاج ما ترشح من قوى الظلام والاستبداد والجهل والحقد فهو ارث سفياني تلك الشجرة الملعونة بالقرآن التي عادت السماء وتعاليمها والمؤمنين بها-السماء-من اجل اعلاء كلمة الكفر والشرك والجهل،فجنودنا اليوم يعيدون امجاد اسلافهم من الائمة الهداة والصحابة المؤمنين والتابعين لهم باحسان،ويخوضون الحرب ضد داعش وصناعها السفيانيين والروميين من اجل ارجاع هذا المسار وهذه الطريقة الى اصلها الصحيح.
فلابد من تظافر الجهود وتوحيد الصفوف واحباط المؤامرات التي تحاك ضدنا من قبل هذه القوى الظلامية،فزيارة السفير الامريكي الى مرقد مولى الموحدين وامام المتقين علي بن ابي طالب ما هي الى مؤامرة خبيثة يراد منها زرع الفتنة وفقدان الثقة واثارت الشبهات حول الجهة المؤثرة في صنع القرار الصحيح والراعية الاساسية لحقوق العراقيين والمحافظة على ارواحهم الزكية،واشغال الناس بهذه الامور القشرية وابعادهم عن مبتغاهم الجوهرية المصيرية وذلك لما بلغ الانتصار اوجه وتكامله واصبحت الموصل قاب قوسين او ادنى. |