صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

كربلائيات
علي حسين الخباز

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا أدري كيف صرت أبصر في وجهه التاريخ ـ فقد شدني وجهه الى عمق هذا الاريج، وكأني صرت أرى ما يقول... كان اتجاه الكربلائيين يا ولدي دينيا أكثر من غيرهم في الثقافة، والعلم، وألادب. فقلت: لاشك يا سيدي، فالقباب الذهبية المتلألئة في سماء هذه المدينة، تضفي اجواء تعبق بنفحات الايمان... اكمل قائلا:ـ عرفت كربلاء في بداية القرن العشرين طائفة من المتصوفة...فقلت:ـ نعم قرأتُ عنها في كتاب تاريخ كربلاء للاستاذ سلمان هادي آل طعمة، ومازلت اتذكر اسمهم ( البكتاشيين) وكان لهم تكية يتردد عليها العلماء والادباء.. اشعر بشيء غريب حقا، أشعر لحظتها ان كل شيء هنا تجمع ليسمع حديثنا، وسمعت دون ان ارى احداً يقول:ـ (التاريخ جميل) وعندها أكمل الجد حديثه مبتسما، بعدما اعلن السلطان العثماني (عبد الحميد) الحرب ضد الطريقة البكتاشية. أبدلوا اسم تكيتهم وصار عنوانها (التكية النقشبندية) قلتُ لأسأله عن خاطر يعبث بي: يا جد كلما أتأمل هذه المسألة اقع في حيرة من أمري. لقد عاشت هذه الطائفة بينهم، وكوّنت علاقات جميلة مع اهالي كربلاء، وانفتحوا على شعائرها، وشاركوا أهلها في كل صغيرة وكبيرة. لكننا رغم كل ذلك لم نجد أي تأثر لكربلاء لا أدبيا ولا إجتماعيا.. فقال: هذا صحيح يا ولدي، فالطريقة الصوفية لم تؤثر في الناس ابدا، لكون الشيعة عموما يا ولدي ابتعدوا عن التصوف بطبيعة عقيدتهم، وواقعهم السياسي والاجتماعي. لكن انفتح ادباء كربلاء على قصائد إلهية مثل قصائد هبة الله الحسيني: ( من ابدع الكون كعقد نظيم وأودع الذر نظام السديم ومحمد القزويني الذي رد على قصيدة الطلاسم: ( حينما صارت القوة فيه كاملة ورأى كل مهمات الحياة حاصلة أنكر النعمة والفضل الذي قد صار له من اقام الكون مشغولا، لهذا أنت قل لي) والشاعر محسن ابو الحب: (لقد فطر السبع العلى فأتمها وزينها بالنبرات من الشهب) والشيخ عبد الحسين الحويزي: (ياحي تنشر عنك اموات البلى وتموت في ملكوتك الاحياء) وحسين فهمي الخزرجي: (الله نور للهداية ساطع وبهديه هذا الورى يسترشدُ) والشاعر مهدي جاسم: (حانت الساعة يا قلبي نجوا وابتهالا قم بنا نستغفر الله ونزجيه السؤالا) وكتب اغلب شعراء كربلاء متأثرين بأجواء كربلاء، وليس بأجواء الطرق الصوفية... قصائد مديح لسيد الكائنات النبي محمد (ص) واشتهر بعضهم بمعارضة قصائد البويصري المشهورة.. فسألته واين كانوا يقرأون قصائدهم؟ فأجابني فوراً: غالبا كانت تقام مهرجانات كبيرة في الصحنين المقدسين، وأتذكر يا بني الكثير من الشعراء الذين كانوا يشاركون في مثل هذه المهرجانات اضافة الى ما ذكرناهم من الشعراء... كان هناك الشاعر محسن أبو المحاسن: (لو كان في الرسل من في الفضل يشركه ما خصه الله بالمعراج والعظم) والسيد مرتضى الوهاب: (يارسول الشوق صل مأوى الكرام لاثما مثوى الرسول الاعظم) والسيد محمد علي خير الدين الحائري: (معجزٌ لو أتى به الناس فردا كان يغني عن سائر المعجزات) كما اشتهر الادب الكربلائي بقصائد المدح والرثاء إذ كانت غالبا ما تبدأ بالغزل، كقصيدة عبد المنعم عبود الجابري: (أعلنت مولد الهدى فاستضاءت بسنا نور وجهه الأكوان) والشاعر مظهر اطيمش: (في يوم من عرف الحقيقة فانتحى متعبدا بين الشعاب وحيدا) والشاعر صالح الشيخ هادي الخفاجي: (ولكن إذا ما كنت تصبو لمعشق طهور به تجني ثمار المواهب فلا تعشقن الا النبي وآله خيار الورى بل خير آت وذاهب) واشتهرت كربلاء في ظاهرة المدح والرثاء. وقد وجد الشاعر الشيعي متنفسه في القصيدة الحسينية، يقول الشاعر عباس أبو الطوس في ذكرى ولادة الامام علي (ع): (يا صاحب (النهج) ما الشكوى بنافعة اذا شكوتك حزنا في الحشا كظما ووضع شعبي يقاسي من تأخره الجهل والفقر والحرمان والسقما) كما برز الكثير من الشعراء مثل الشاعر الشيخ جعفر الهر وزكي الصراف، وسلمان هادي آل طعمة مؤرخ كربلاء، وسواهم الكثير. ولقد استلهم الشعراء التراث الادبي العربي وبعض آيات من القرآن الكريم،، وأحاديث الرسول، واقوال الائمة. وحرصوا على تزيين اشعارهم بالفنون البلاغية من تشبيه واستعارة وجناس وطباق وظهرت حركة نشطة للترجمة على يد السيد مصطفى سعيد آل طعمة، والسيد صالح جواد آل طعمة .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/08/19



كتابة تعليق لموضوع : كربلائيات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net