صفحة الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي

التربية على "الحيادية"
د . حميد مسلم الطرفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الحِياد في اللغة هو " عدَمُ الميْل إِلى أي طرفٍ من أَطرافِ الخُصومة" ، وفي السياسة الدولية هناك ما يُعرف بالحياد الإيجابي والذي يعني عدم الانحياز إلى كتلة من الكتل المتصارعة دولياً . أما الحياد السياسي فيعني " عدم الانحياز إلى كتلة سياسية من الكتل المتصارعة في الميدان السياسي " . 
ما يعنينا في المقال هو الحياد الأخلاقي ، وهو خُلُق يُعد مقدمةً لبناء صفات أخلاقية أساسية مثل الإنصاف والمروءة والعدل . 
الحياد أو الحيادية رقي أخلاقي ، وسمو روحي ورجحان عقلي يمنع تأثر القرارات والمواقف برواسب النفس والهوى والإرث القديم من الرين أو الزيغ أو الغل . 
الحياد في النقد يجعل منه بناء وتقويم ، إذ مهما كان قاسياً فهو لا يجرح ، ومهما كان حاداً فهو لا يقطع بينك وبين من تنتقد . الحياد مؤهِّل من مؤهلّات النصح والإرشاد . 
الحياد في التحليل تجعل منه رؤية ثاقبة ، لا تشوشها الميول ، ولا تزيغ بها الرواسب . 
البعض يغضبه الحياد ويجادل في وجوده تحت ذريعة عدم وجود غير المنتمي حسب المقولة المشهورة ( اللامنتمي ينتمي إلى اللامنتمي ) ، لكن الحقيقة أن الحياد خلُق نادر عند أولئك الذين تربوا أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم ، تربوا على ان لا يجرمنهم الشنآن على أن لايعدلوا ، تربوا على أن ينصفوا عدوهم من أنفسهم ، وما ذلك إلا تربية شاقة ، وشجاعة فائقة . الدولة اليوم بأمس الحاجة إلى أولئك وأقلامهم وصوتهم ، ونقدهم واعتراضهم ، إذ لا تُبنى الدولة ولا تُقَوّمُ التجربة ، ولا يُحسَّن الأداء إلا بهم ، أما أولئك الذين لا يستطيعون الانتصار على أنفسهم فيغلبهم الهوى فيميلوا لهذا الطرف أو ذاك تبعاً لمصالحهم وانتماءاتهم فلن يكونوا جديرين بالنصح أو النقد أو التوجيه ، لأنهم فقدوا احد أهم الأدوات لذلك وهي الحيادية . وأخطر ما في الأمر حين يُطلق العنان لأصحاب النوايا المبيتة والأجندات المشبوهة والرواسب الخبيثة ، فيتصدرون مشهد التحليل والتوجيه فلا يبثون إلا سموماً ولا يزرعون إلا سوءً . على المتلقي أن يفرق بين الاثنين وما ذلك بالصعب على ذي البصيرة والوعي ، قال تعالى : " وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ " صدق الله العلي العظيم . 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . حميد مسلم الطرفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/03



كتابة تعليق لموضوع : التربية على "الحيادية"
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net