نقيب القراء المصريين الشيخ محمد البسيوني: (لم أجد حرفاً واحداً محرّفاً من القرآن الكريم في مصاحف الشيعة) 
طارق الغانمي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 حاوره: طارق الغانمي
  جعل الله تبارك وتعالى القرآن وسيلة لنا إلى أشرفِ منازل الكرامة، وسلماً نعرج فيه إلى محل السلامة، وسبباً نجزي به النجاة في عرصة القيامة، وحجة نقدم بها على نعيم دار المقامة، ونوراً نهتدي به من ظلم الضلالة والجهالة, كما جاء في تفسير البرهان عن رسول الله (ص) حين قال: لا عذب الله قلباً وعى القرآن, فقارئ القرآن لا يضلّ في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة, وأن عدد درجات الجنة عدد آي القرآن، فإذا دخل صاحب القرآن إلى الجنة، فيقولون له: ارق واقرأ لكل آية درجة.
ومما يلوح في الأفق أن قراء القرآن الأولين لا يجود الزمان بمثلهم إلى الآن، لطالما حبسوا أنفاسهم الزكية، وأتحفوا السامعين بأصواتهم القدسية، لتشفي تراتيلهم الأرواح والأنفس والقلوب... ومن بين أولئك الأستاذ محمد أحمد بسيوني من جمهورية مصر العربية، وهو آخر الرعيل الأول من جيل عبد الباسط عبد الصمد، ومصطفى إسماعيل، والشيخ البنا، وعلي محمود... له مدرسته الخاصة في القراءة، ومستقل ذاتياً، ولا يقلد أحداً... حاورته صدى الروضتين أثناء زيارته لمدينة كربلاء المقدسة خلال شهر رمضان المبارك الأخير، لتتعرف أكثر على تجربته مع القرآن الكريم، فتحدث قائلاً: 
أنا من مواليد (1953م), وقارئ للقرآن الكريم منذ خمسين عاماً، وحفظته حين كان عمري تسع سنوات, والتحقت بجامعة الأزهر الدينية، وتعلمت فيها، وحصلت على شهادة في أصول الدين عام (1976م). 
صدى الروضتين: كيف ارتقيت في قراءتك وحفظك للقرآن الكريم؟
 الفضل في ذلك كله يعود لله (عز وجل) أولاً ثم لوالدي، حيث كان يأخذني في كل مكان يذهب إليه لقراءة القرآن، ويشجعني على قراءته في المحافل القرآنية, وهكذا تمرست في القراءة حتى وصلت إلى الإذاعة والتلفزيون المصري وكان عمري حينها (24) عاماً.
صدى الروضتين: حدثنا عن المحافل القرآنية التي يقيمها الأزهر خلال شهر رمضان في مصر؟
المحافل القرآنية تقام في المساجد على مدار السنة، وليست مختصة في شهر رمضان, حيث يقرأ القرآن يومياً لمدة ساعة في المساجد كلها, وفي شهر رمضان يقرأ كل يوم جزءاً من القرآن، وتنقل هذه المحافل بعد صلاة الفجر مباشرة في الإذاعة والتلفزيون المصري, ومساء تقام الأمسيات القرآنية وتنقل على الهواء مباشرة، فالأجواء كلها قرآنية في مصر.
صدى الروضتين: كيف وجدت المحافل القرآنية في العراق، وهل يوجد لها إقبال لدى الناس؟
سررت كثيراً من هذه المحافل القرآنية, حيث زرت بعض البلدان العربية لم أجد مثل هذه المحافل, والذي يسر القلب أنها تقام في وضح النهار في الساعة الثانية ظهراً، والساعة الخامسة عصراً، وفي كل الحسينيات والأماكن المقدسة لأهل البيت(ع), وجدت لها إقبالاً واسعاً جداً، وخاصةً في يومي الخميس والجمعة، حيث يزداد العدد إلى الضعف. وكذلك وجدت روحانيات كثيرة، وانجذاباً كبيراً لدى الناس لهذه المحافل؛ لكونها تقام في الأماكن المقدسة, فقد شاهدت كثيراً من الشباب والرجال والنساء منكبين على المصحف الشريف، ويستمعون إلى التراتيل القرآنية, مما أثر في نفسي وأفرحني كثيراً. 
صدى الروضتين: كيف نميت هذه الموهبة (طبقات الصوت الجميل) في قراءتك للقرآن؟
نميتها بكثرة الممارسة، واتباع تعاليم أساتذتي في تعليمي للمقامات الموسيقية, حيث تعلمت منهم  كيفية الصعود إلى الطبقات العليا باحتراف, وكيف أدخل إلى المقام، وكيف أخرج منه، وكيف أوصل غايتي منه, وكذلك كيفية الرجوع إلى ما ابتدأت منه.
صدى الروضتين: ما علاقة القرآن الكريم بالمقامات الموسيقية، وإلى من يعود الفضل التعليمي للمقامات؟ 
 للقرآن موسيقى خاصة ومنفردة، والمقامات فيها شرقية وعربية, وبما أن قراءة القرآن عربية، فلذلك توجد علاقة وطيدة بينهم, وكل من يقرأ القرآن ولم يتغن فيه، فهو هذا القرآن الصحيح، كما أمرنا الله سبحانه وتعالى حين قال: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا). أما الفضل التعليمي يرجع لله تبارك وتعالى, وكذلك لسماعي لكثير من أساتذتي، حيث أصقلته بكثرة الأسئلة لأحد الموسيقين القرآنيين، فيقول لي: هذا المقام السيكا أو البياتي أو الحجازي... وهكذا حفظت المقامات.
صدى الروضتين: هل تنوع في قراءة القرآن أثناء الجلسة، لكي لا يمل السامع القراءة الواحدة؟ 
 لا شك أن المثقف الموسيقي ينوع في القراءات، بحيث تتوافق مع معنى الآيات وتتناسق مع الحدث، فمثلاً يقرأ مقام (الرست) في الآيات القصصية والمال والميراث، ومقام (السيكا) في آيات الفرح والسرور، ومقام (البياتي) في آيات العذاب والعقاب والنار، ومقام (الصبا) في آيات الحزن والموت.  
صدى الروضتين: ماذا تقول في وسط هذه الأجواء الروحانية في شهر الله المبارك إلى أصحاب القلوب القاسية التي ارتبطت بالماديات، وتركت المعنويات، حتى يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى؟
أقول: اللهم أصلح أحوال المسلمين جميعاً، وتقبل توبتهم، واغفر لهم ذنوبهم, وأوصيهم بالرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وأن يكثروا من قراءة القرآن خاصة في هذا الشهر المبارك.
صدى الروضتين: نصيحة تقدمها إلى الجيل الجديد من القراء القرآن؟
أنصحهم بالإخلاص لكتاب الله (عز وجل) وتقوى الله في قراءته، وعدم التنفس أثناء القراءة, وأحذرهم من القراءات التي تدخل التغني بآيات القرآن التي لا تتناسب مع كتاب الله المجيد، وهي تخالف القراءات العشر المشهورة, وهذه النصيحة قدمها لي أساتذتي الكبار، وكذلك أوصي بها تلامذتي.
صدى الروضتين: ماذا تقول إلى من يتهم الشيعة بأن لديهم مصحفاً غير هذا القرآن المنزل على رسول الله (ص)؟
عندما قرأت في مصاحف الشيعة لم أجد حرفاً واحداً محرفاً من القرآن الكريم، وهي أكاذيب ودعايات مغرضة، تريد أن تنال من أتباع مذهب أهل البيت (ع)، وتشوه دينهم ومعتقداتهم.
 صدى الروضتين: شعورك وأنت تزور مدينة كربلاء المقدسة؟
شعور جميل جداً بزيارتي لمدينة الحسين (ع) وأخيه أبي الفضل العباس(ع)، مما أراح نفسي وأثلج صدري بزيارتي لهذه المقامات الطاهرة، ونتمنى من الله أن يحشرنا معهم وتحت لوائهم في يوم المحشر.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat