الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

منهجُ العنفِ الإسرائيلي بينَ نتنياهو وبينت
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يخطئ من يظن أن نفتالي بينت أكثر عنفاً وأشد تطرفاً من سلفه بنيامين نتنياهو، وإن كان هو تلميذه ومريده، وخادمه وأجيره، وصنيعته وأداته، وحليفه وشريكه، أو أنه أكثر منه قوةً وأسرع حسماً وأمضى قراراً، وأعمق فكراً وأكثر خبثاً، وأبرع سياسةً وأمهر حنكةً، وإن كان يحاول أن يكون كذلك ويسعى، فهو على الرغم من خلافاته معه، إلا أنه يعتبر نتنياهو أستاذه ومرشده، وأسوته وقدوته، فهو الذي أشرف على تأسيس حزبه وبناء ائتلافه، وتحصين موقعه وتأمين رئاسته، وهو الذي قدمه وَوزَّره، ورفع قدره وعززه.

وهو أي نتنياهو، الذي خبرناه على مدى سنواتٍ طويلةٍ فاق فيها غيره رئيساً للحكومة الإسرائيلية، فكان متطرفاً متشدداً عنصرياً صهيونياً يمينياً ليكودياً، أضر بنا وآذانا، وأساء إلينا واعتدى علينا، وصادر أرضنا ونهب خيراتنا، واعتدى على مقدساتنا ونازعنا على ما بين أيدينا واغتصبه، وهدم بيوتنا وطرد أهلنا، وشن علينا حروباً قاسية، ومارس ضدنا سياسةً قمعيةً، قتلاً واعتقالاً وحصاراً وتجويعاً، وشمل بسياسته العنصرية أهلنا في الأرض المحتلة عام 1948، فبث الفتنة بينهم، ونشر الجريمة في مجتمعاتهم، وفرض عليهم قوانين عنصرية ضيقت عليهم الحياة، وحرمتهم من الاستمتاع بحقوقهم أو تطوير حياتهم وتحسين ظروفهم، الأمر الذي جعله الأسوأ علينا من بين زعمائهم، والأكثر إيذاءً لنا من بين قادتهم.

الحقيقة أنهما يتشابهان في الجرم، ويتكاملان في الخبث، ويتنافسان في العدوان، ولا فرق بينهما ولا بين أي صهيوني آخر، فالمعلم نتنياهو يسخر منه ويهزأ، ويتهمه بالضعف والعجز، وعدم القدرة على الفعل أو الجرأة على الحسم، ويراه أنه ارتقى مرتقىً صعباً ليس له، وأنه أُلبس ثوباً أوسع منه ففاض به وتعثر، والتلميذ يحاول بمزيدٍ من العنف وكثيرٍ من الشدة والتطرف، أن يثبت له أنه وحكومته أهلٌ للمسؤولية، وأقدر على القرار، وأوفى للشعب وأصلح للدولة، وأنه قادر على تحقيق ما عجز أستاذه عن تحقيقه، بل وعلى إصلاح ما أفسده وإعادة النظر في ما أساء القبول به والموافقة عليه، وإعادة فرضه وتثبيته بنسخته الجديدة المعدلة، التي تتوافق مع المصالح القومية الإسرائيلية وتخدمها.

لعل الفرق بينهما يكمن في قوة نتنياهو وخبثه، وفي تلونه ونفاقه، ومداهنته ومراوغته، وعدم خشيته من أن يتهم بالضعف والعجز، وعدم القدرة والكفاءة، فتاريخه الأسود له يشهد، وبفعاله الخبيثة ينطق، وإنجازاته تسبقه، وما حققه لشعبه وكيانه لا يستطيع أحدٌ أن ينكره، وقد كانت سياساته العدوانية مخططاً لها ومتدرجة، ومنظمة ومستمرة، وطالت الأرض والمقدسات، والتاريخ والمستقبل، وبمجموع نقاطها المتفرقة مثلت خطاً متصلاً ومنهجاً متكاملاً، وقد توافقت مع أطماعه الشخصية وطموحاته في القيادة والزعامة، ورغبته أن يكون طالوت إسرائيل وملكها، ومنقذها ومخلصها.

بينما يحاول نفتالي بينت، الذي يتهم بأنه غرٌ صغير ضحل التجربة قليل الخبرة، وأنه متسللٌ إلى المنصب ولا يستحقه، أن يخفى ضعفه بمزيدٍ من العنف، وأن يستر عجزه بالقوة المفرطة، وأن يتجاوز سطحيته وانعدام خبرته باقتحامه الأخطار، ومحاولته تغيير المعادلات وفرض قواعد للصراع جديدة، فكان عدوانه الأخير على لبنان عنيفاً ومدوياً، استخدم فيها جيشه الطيران الحربي لأول مرةٍ منذ العام 2006، وأغار على مناطق جديدة وإن كانت مفتوحة.

وعدوانه المتكرر على أهداف في قطاع غزة، الذي حاول الظهور فيها قوياً وعنيفاً ومقصوداً، لرغبته في المساواة بين البالون والصاروخ، وبين حرق المزروعات وتدمير المباني، في محاولةٍ منه لتطمين سكان الجنوب، بأنه سيؤمن لهم الأمن الذي يتطلعون إليه، وسيحقق لهم الهدوء الذي يبحثون عنه، والذي عجز عن فرضه أو تحقيقه لهم سلفه نتنياهو، رغم طول مدة حكمه، وكثرة وعوده وتعهداته.

أما حلفاء نفتالي بينت وشركاؤه في الحكومة، فهم وإن كانوا معارضين لنتنياهو ومختلفين معه في طموحه وأحلامه، وأطماعه ومنافعه الشخصية، فهم مثله تماماً في السياسة، وشركاؤه في الفكر والعقيدة، وفي السلوك والممارسة، ولعلهم يحرضون بينت أكثر ويدعمون سياساته العدوانية، ويطالبونه بالوفاء بوعوده والالتزام بعقيدته، فلا يظنن أحدٌ أن أفيغودور ليبرمان وجدعون ساعر وإيليت شاكيت وغيرهم، أقل تطرفاً من نتنياهو أو بينت، بل هم يسبقونهما ويزاودون عليهما، وهم على أتم الاستعداد والجاهزية للاستقالة من الحكومة وتفكيك الائتلاف في حال رأوا من رئيسها انكفاءً وتراجعاً، أو ضعفاً وليناً.

كما يخطئ من يظن أن من بين الصهاينة حملانٌ ونوقٌ وأسودٌ وصقورٌ، فهم جميعاً وإن ارتدوا جلد الحملان وكساهم ريش الحمام وجهٌ واحدٌ، وهم جميعاً ذئابٌ وضباعٌ تغدر وتمكر، وتنتهز الفرص وتنقلب، وتتحين الظروف وتعتدي، وهم مجرمون قتلة، ساديون عدوانيون، عنصريون صهيونيون.

لكنهم يخطئون إن هم ظنوا أنهم بمزيدٍ من العنف وقليلٍ من اللين يستطيعون تغيير المعادلات وفرض قواعد للصراع والاشتباك جديدة، تكون لهم فيها اليد العليا والكلمة الأقوى والقرار الفصل، ذلك أن قوى المقاومة ما عادت تلك التي كانوا يعرفونها أو يظنونها، فهي اليوم مختلفة كلياً، شكلاً ومخبراً، وظاهراً وباطناً، فهي أقوى عوداً وأشد بأساً، وأكثر مراساً وأفضل خبرةً، وقد باتت قادرة على الفعل والبطش، بل وعلى المبادرة والاستباق، ولم تعد فقط تختص برد الفعل والانتقام، بل بصناعة الحدث وفرض الفعل، والشواهد على ذلك كثيرة، وحذر العدو منها كبير، وخوفه من مفاجئاتها يقيده ويربطه، ويمنعه من المغامرة ويحول بينه وبين الحماقة، وإن لم تكن عنه بعيدة وعليه مستحيلة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/08/12



كتابة تعليق لموضوع : منهجُ العنفِ الإسرائيلي بينَ نتنياهو وبينت
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
أدخل كود التحقق : 5 + 3 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net