الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : د . فاضل حسن شريف

الإبصار و البصائر في القرآن الكريم (ح 3)
د . فاضل حسن شريف

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


قال الله تبارك وتعالى عن بصائر في آيات قرآنية "قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ" ﴿الأنعام 104﴾ بصائر اسم، بصائر اي البينات و الحجج العقلية أو آيات و براهين تهدي للحقّ، قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين: قد جاءتكم براهين ظاهرة تبصرون بها الهدى من الضلال، مما اشتمل عليها القرآن، وجاء بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فمَن تبيَّن هذه البراهين وآمن بمدلولها فنَفْعُ ذلك لنفسه، ومَن لم يبصر الهدى بعد ظهور الحجة عليه فعلى نفسه جنى، وما أنا عليكم بحافظ أحصي أعمالكم، وإنما أنا مبلغ، والله يهدي مَن يشاء ويضل مَن يشاء وَفْق علمه وحكمته، و "وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا ۚ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي ۚ هَـٰذَا بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" ﴿الأعراف 203﴾ بصائر: حجج واضحة و براهين بَيِّنة، و البصيرة: الحجة و الشاهد، وكذلك العقل و الفطنة و العبرة، و "قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَـٰؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا" ﴿الإسراء 102﴾ بَصَائِرَ: بينات تُبَصِّر من يشاهدها بصدقي، فردَّ عليه موسى: لقد تيقَّنتَ يا فرعون أنه ما أنزل تلك المعجزات التسع الشاهدة على صدق نبوتي إلا رب السموات والأرض، لتكون دلالات يَستدِل بها أولو البصائر على وحدانية الله تعالى في ربوبيته وألوهيته، وإني لعلى يقين أنك يا فرعون هالك ملعون مغلوب، و "وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَىٰ بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" ﴿القصص 43﴾ بصائر: عِبرَا و براهين، بَصَائِرَ: فيه من النور لقلوبهم تبصرهم حقائق الأمور، بصائر للنّاس: أنوارا لقلوبهم تبْصِر بها الحقائق، بصائر للناس: حال من الكتاب جمع بصيرة وهي نور القلب أي أنوارا للقلوب، ولقد آتينا موسى التوراة من بعد ما أهلكنا الأمم التي كانت من قبله كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين فيها بصائر لبني إسرائيل، يبصرون بها ما ينفعهم وما يضرهم، وفيها رحمة لمن عمل بها منهم، لعلهم يتذكرون نِعَم الله عليهم، فيشكروه عليها، ولا يكفروه، و "هَـٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ" ﴿الجاثية 20﴾ بَصَائِرُ: بينات تبصرهم طريق الفلاح، بصائر للناس: بيّـنات تبصّرُهم سبيل الفلاح، بصائر للناس: معالم يتبصرون بها في الأحكام والحدود، هذا القرآن الذي أنزلناه إليك أيها الرسول بصائر يبصر به الناس الحق من الباطل، ويعرفون به سبيل الرشاد، وهدى ورحمةٌ لقوم يوقنون بحقيقة صحته، وأنه تنزيل من الله العزيز الحكيم.
جاء الذكر الحكيم "بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ" في آيات قرآنية: الانعام 104، الاعراف 203. وورد الذكر الحكيم "بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً" في آيات قرآنية: القصص 43، الجاثية 20. و جاء الذكر الحكيم "إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ" في آيات قرآنية: ال عمران 13، النور 44.
جاء في الامثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى‌ بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ‌" (القصص 43). و الكلام في أنّ المقصود من "الْقُرُونَ الْأُولى‌" (القصص 43) أي الأقوام السابقين. من هم؟ قال بعض المفسّرين: هو إشارة إلى الكفّار من قوم نوح و عاد و ثمود و أمثالهم. لأنّه بتقادم الزمان و مضيّه تمحى اثار الأنبياء السابقين، و يلزم من ذلك وجود كتاب سماويّ جديد في أيدي البشر. و قال بعض المفسّرين: هو إشارة إلى هلاك قوم فرعون الذين كانوا بقايا الأقوام السابقين، لأنّ اللّه سبحانه آتى موسى كتاب التّوراة بعد هلاكهم. و لكنّه لا مانع من أن يكون المقصود بالقرون الأولى في الآية شاملا لجميع الأقوام. و البصائر جمع بصيرة و معناها الرؤية، و المقصود بها هنا الآيات و الدلائل التي تستوجب إنارة قلوب المؤمنين. البصائر جمع بصيرة و أمّا البصر فجمعه أبصار. و الهدى و الرحمة أيضا من لوازم البصيرة و على أثرها تتيقظ القلوب‌. ثمّ يبيّن القرآن الكريم هذه الحقيقة، و هي أنّ ما ذكرناه لك يا رسول اللّه، في شأن موسى و فرعون و ما جرى بينهما بدقائقه، هو في نفسه دليل على حقانيّة القرآن، لأنّك لم تكن حاضرا في هذه الميادين التي كان يواجه موسى فيها فرعون و قومه! و لم تشهدها بعينيك. بل هو من الطاف اللّه عليك، إذ أنزل عليك هذه الآيات لهداية الناس.
تكملة للحلقة السابقة قال الله عز وجل عن الابصار في آيات قرآنية "رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ" ﴿النور 37﴾ والابصار: الواو حرف عطف، ال أداة تعريف، أبصار اسم،تتقلب فيه القلوب والأبصار: تضطرب من الخوف، القلوب بين النجاة والهلاك والأبصار بين ناحيتي اليمين والشمال: وهو يوم القيامة، رجال لا تشغلهم تجارة ولا بيع عن ذِكْرِ الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة لمستحقيها، يخافون يوم القيامة الذي تتقلب فيه القلوب بين الرجاء في النجاة والخوف من الهلاك، وتتقلب فيه الأبصار تنظر إلى أي مصير تكون؟ و "يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ" ﴿النور 44﴾ لأولي الأبصار: لأصحاب البصائر على قدرة الله تعالى، ومن دلائل قدرة الله سبحانه وتعالى أنه يقلب الليل والنهار بمجيء أحدهما بعد الآخر، واختلافهما طولا وقِصَرًا، إن في ذلك لَدلالة يعتبر بها كل مَن له بصيرة، و "بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ" ﴿الحشر 2﴾ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الأَبْصَارِ: اتعظوا يا أصحاب العقول، هو سبحانه الذي أخرج الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، من أهل الكتاب، وهم يهود بني النضير، من مساكنهم التي جاوروا بها المسلمين حول المدينة، وذلك أول إخراج لهم من جزيرة العرب إلى الشام، ما ظننتم أيها المسلمون أن يخرجوا من ديارهم بهذا الذل والهوان؛ لشدة بأسهم وقوة منعتهم، وظن اليهود أن حصونهم تدفع عنهم بأس الله ولا يقدر عليها أحد، فأتاهم الله من حيث لم يخطر لهم ببال، وألقى في قلوبهم الخوف والفزع الشديد، يُخْربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فاتعظوا يا أصحاب البصائر السليمة والعقول الراجحة بما جرى لهم، و "خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" ﴿البقرة 7﴾ أبصارهم: أبصار قلوبهم، مفردها البصر وهو العين، و العلم، طبع الله على قلوب هؤلاء وعلى سمعهم، وجعل على أبصارهم غطاء؛ بسبب كفرهم وعنادهم مِن بعد ما تبيَّن لهم الحق، فلم يوفقهم للهدى، ولهم عذاب شديد في نار جهنم.
جاء في الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي عن طبع الابصار والغفلة: قوله تعالى "أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ" (النحل 108) إشارة إلى أن اختيار الحياة الدنيا على الآخرة والحرمان من هداية الله سبحانه هو الوصف الذي يوصف به الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم والذين يسمون غافلين. فإنهم باختيارهم الحياة الدنيا غاية لأنفسهم وحرمانهم من الاهتداء إلى الأخرى انقطعوا عن الآخرة وتعلقوا بالدنيا وجعلوها غاية لأنفسهم فوقف حسهم وعقلهم فيها دون أن يتعدياها إلى ما وراءها وهو الآخرة فليسوا يبصرون ما يعتبرون به ولا يسمعون عظة يتعظون بها ولا يعقلون حجة يهتدون بها إلى الآخرة. فهم مطبوع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم فلا تنال قلوبهم ولا سمعهم وأبصارهم ما يدلهم على الآخرة ، وهم غافلون عنها لا يتنبهون لشيء من أمرها. فظهر أن ما في الآية السابقة من الوصف بمنزلة المعرف لما في هذه الآية من الطبع ومن الغفلة فعدم هداية الله إياهم إثر ما تعلقوا بالدنيا هو معنى الطبع والغفلة ، والطبع صنع إلهي منسوب إليه تعالى فعله بهم مجازاة والغفلة صفة منسوبة إليهم أنفسهم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . فاضل حسن شريف
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/12/11



كتابة تعليق لموضوع : الإبصار و البصائر في القرآن الكريم (ح 3)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
ط£ط¯ط®ظ„ ظƒظˆط¯ ط§ظ„طھط­ظ‚ظ‚ : 9 + 3 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net