على ضفاف الانتظار(91)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

مسجد الكوفة
من أقدمِ المساجدِ التاريخيةِ المعروفة، بُنيَ في العصرِ الإسلامي الأول، ومازالَ قائمًا، وبحسبِ الرواياتِ الشريفةِ فإنّه باقٍ إلى زمنِ ظهورِ الإمامِ المهدي.
ونظرًا إلى أنَّ الإمامَ المهدي سيتخذُ من العراقِ عمومًا والكوفةِ خصوصًا مركزًا لإدارةِ الدولة، فإنَّ الأنظارَ ستتوجّهُ للسكنِ بالقُربِ منها، بحيث (يُباعُ الذراعُ فيما بينهما -الكوفة والحيرة- بدنانير) و(لأنّ مسجدَ الكوفةِ ليضيق) بالناس، فإنَّ الإمام سيعمدُ إلى بناءِ (مسجدٍ له خمسمائة باب) في الحيرة.
فقد روى الشيخُ في التهذيبِ عن حبَّة العرني، قال: خرج أمير المؤمنين إلىٰ الحيرة، فقال: «لَتَصِلَنَّ هَذِهِ بِهَذِهِ - وَأَوْمَىٰ بِيَدِهِ إِلَىٰ اَلْكُوفَةِ وَاَلْحِيرَةِ -، حَتَّىٰ يُبَاعَ اَلذِّرَاعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا بِدَنَانِيرَ، وَلَيُبْنَيَنَّ بِالْحِيرَةِ مَسْجِدٌ لَهُ خَمْسُمِائَةِ بَابٍ يُصَلِّي فِيهِ خَلِيفَةُ اَلْقَائِمِ، لِأَنَّ مَسْجِدَ اَلْكُوفَةِ لَيَضِيقُ عَنْهُمْ، وَلَيُصَلِّيَنَّ فِيهِ اِثْنَا عَشَرَ إِمَاماً عَدْلاً» ، قلت: يا أمير المؤمنين، ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذٍ؟! قال: «تُبْنَىٰ لَهُ أَرْبَعُ مَسَاجِدَ، مَسْجِدُ اَلْكُوفَةِ أَصْغَرُهَا، وَهَذَا، وَمَسْجِدَانِ فِي طَرَفَيِ اَلْكُوفَةِ مِنْ هَذَا اَلْجَانِبِ وَهَذَا اَلْجَانِبِ - وَأَوْمَىٰ بِيَدِهِ نَحْوَ اَلْبَصْرِيِّينَ وَاَلْغَرِيَّيْنِ» .
وبلفظ (بحار الأنوار) قال: «وَأَوْمَأ بِيَدِهِ نَحْوَ نَهْرِ اَلْبَصْرِيِّينَ وَاَلْغَرِيَّيْنِ» .
ولذلك فإنّه وكما رويَ عنِ الإمامِ الصادق: «لا يبقى مؤمنٌ إلّا كانَ بها أو حواليها، وليبلغنَّ مجالةَ الفرسِ منها ألفي درهم، وليودنَّ أكثرُ الناسِ أنّه اشترى شبرًا من أرضِ السبع بشبرٍ من ذهب، والسبع خطة من خطط همدان» ونتيجةً لذلك فإنّه ستتسعُ الكوفةُ كثيرًا بحيث تصيرُ «أربعة وخمسين ميلًا، وليجاورنّ قصورُها كربلاء» .
هذا أولًا..
وثانيًا: فإنّ مسجدَ الكوفةِ هو المكانُ الذي يُمثِّلُ عاصمةَ الدولةِ المهدوية، إذ رويَ عن الإمامِ الصادق أنّه قال: «دارُ ملكِه الكوفة، ومجلسُ حُكمِه جامعُها، وبيتُ ماله ومقسمُ غنائمِ المسلمين مسجدُ السهلة، وموضعُ خلواته الذكواتُ البيض من الغريين» .
ثالثًا: إنَّ المسجدَ سيكونُ مركزًا علميًا إسلاميًا لتعليمِ القرآن الكريم، إذ رويَ عن أميرِ المؤمنين: «كأنّي بالعَجَمِ فساطيطُهم في مسجدِ الكوفة يُعلِّمون الناسَ القرآنَ كما أنزل ...» .
وروى جابر، عن أبي جعفر أنه قال: «إذا قام قائم آل محمد، ضرب فساطيط لمن يعلم الناس القرآن على ما أنزل الله (جل جلاله) فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنه يخالف فيه التأليف».
رابعًا: روى الشيخ المفيد ما يدلُّ علىٰ أنَّ من علامات الظهور القريبة هو هدم مسجد الكوفة، فقد روي عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله، قال: «إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِدِ اَلْكُوفَةِ مِمَّا يَلِي دَارَ عَبْدِ اَللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ زَوَالُ مُلْكِ اَلْقَوْمِ، وَعِنْدَ زَوَالِهِ خُرُوجُ اَلْقَائِمِ» .
خامسًا: ورويَ عنِ الإمامِ الصادق أنَّ الإمامَ المهدي يهدمُ «مسجد الكوفة، وليبنينّه على البنيان الأول» .
سادسًا: هو المكانُ الذي سيقتلُ فيه الإمامُ المهدي إبليس ، حيثُ رويَ عنِ الإمامِ الصادق: «فإذا بعثَ اللهُ قائمَنا كانَ في مسجدِ الكوفة، وجاءَ إبليسُ حتى يجثو بين يديه على رُكبتيه فيقول: يا ويله من هذا اليوم، فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه، فذلك اليوم هو الوقتُ المعلوم» .
وفي رواية عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي عن أبي عبد الله، التي ذكرت رجوع أمير المؤمنين وكيف أن رسول الله سيقتل إبليس بحربة، وأنه تظهر الجنتان المدهامتان لأمير المؤمنين في الكوفة، وبعد أن يقتل الرسول إبليس: «... فعند ذلك يعبد اللهولا يشرك به شيئاً، ويملك أمير المؤمنينأربعاً وأربعين ألف سنة حتى يلد الرجل من شيعة علي ألف ولد من صلبه ذكراً، في كل سنة ذكراً، وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء الله... ».
قال السيد حسين البروجردي: «والرجعة من الدّنيا وظهورهما في الدنيا دليل على أنّهما - أي المدهامّتان - من جنان الدنيا وجنّة آدم هي من جنان الدنيا فيها البكرة والعشيّ، وهي المدهامّتان، فقد ظهر لمن نظر أنّ جنّة آدم التي أخرج منها هو وزوجته حواء هي من جنان الدنيا وهي الجنتان المدهامّتان، وأنّها موجودة الآن، وأنّها هي بعينها جنّة الآخرة إلَّا أنّها تصفّى، بمعنى أنّها تطهر من أعراض البرزخية سبعين مرّة، فتكون هي بعد التطهير جنّة الخلد...» .
سابعًا: رويَ عن أميرِ المؤمنين أنّه قال: «لا تذهبُ الأيامُ حتى ينصب فيه الحجرُ الأسود، وليأتينَّ عليه زمانٌ يكونُ مُصلّى المهدي من ولدي» .
وقد حدثتِ النبوءةُ الأولى حيثُ إنَّ «القرامطة هدموا الكعبة، ونقلوا الحجرَ الأسودَ ونصبوها في مسجد الكوفة» ، ونحنُ بانتظارِ تحقُّقِ النبوءةِ الثانيةِ على سلامةٍ من ديننا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat