صفحة الكاتب : محمد جواد الميالي

من الدبلوماسية إلى السوقية 
محمد جواد الميالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


لطالما كانت الولايات المتحدة، تعتبر نفسها راعية للديمقراطية وحقوق الإنسان، والآن ستستخدم هذه الشعارات كورقة ضغط في مفاوضاتها وصفقاتها التجارية، دون مراعاة للمبادئ أو القيم التي كانت تروج لها..
سيحل اليوم بدلاً من الدبلوماسيين المدربيين، سياسيين يمارسون خطاب الاستفزاز بإسلوب علني، وكأن أمريكا تريد أن تعود لتصبح "الشرطي" الذي يبتز العالم بوضوح ودون مواربة، وكان أول تصريحات الرئيس رقم ٤٧ " لن يكون هناك مكان للمهرجون في الشرق الأوسط!".
بالطبع سيكون للمنطقة نصيب الأسد من هذا التحول، وستمارس أمريكا سياستها بمنطق "اما معنا أو ضدنا" مع تجاهل تام لأي مواقف وسطية أو مصالح دولية أخرى، ومن يجرؤ على أن يغرد خارج الفريق الأمريكي، سيكون في مواجهة الحملات العسكرية والضغوطات الاقتصادية تحت ذريعة " تهديد الأمن القومي للولايات المتحدة". 
من الواضح أن المصالح الاقتصادية الأمريكية، هي في قمة هرم الاهتمام للرئيس الجديد، إذا ستكون العقوبات المالية هي اللغة الجديدة، التي ستتحدث بها واشنطن مع دول الخليج العربي، وستعود "البقرة الحلوب" إلى الواجهة، ولكن هذه المرة ستكون بشكل مختلف، حيث ستمتد يد أمريكا حتى حلفاؤها الاوربيون، الذين لن يسلموا من هذا المنطق الجديد، الذي يرى العالم كسوق تجاري لا مكان فيه للضعفاء و المترددين.
تبعاً لذلك يتوقع أنه لن يحدث الاستقرار في المنطقة، قبل أن نرى الرئيس ترامب يعقد صفقات تجارية، مع الحكومات ذات السجل الحقوقي السيء، و للزيادة في السخرية، ربما سنراه يعود في اليوم التالي، ليندد بالدول الأخرى لأسباب حقوقية؟! 
انه عصر جديد، عصر تسوق فيه المبادئ دون الحاجة للإلتزام بها، فلقد قررت أمريكا أن تسير على طريق يجعل الربح فوق كل اعتبار، سواء كان ذلك من خلال الصفقات المباشرة، أو من خلال الهيمنة العسكرية على حساب الاستقرار السياسي والدولي.
عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض كرئيس للمرة الثانية، يظهر أن واشنطن قررت التخلي عن لغة السياسة، كما عهدها العالم في مرحلة الديمقراطيين، وبعد ثلاث سنوات من التوتر والتقلبات التي شهدتها السياسة الداخلية، يبدو أن شعار الإدارة الحالية (الربح أولاً، الكلام البذيء ثانياً، والإبتزاز ثالثاً).
لقد تغيرت أمريكا.. من صوت الديمقراطية والعدالة كما تدعي، إلى قطب تجاري عسكري يتحدث بلغة الربح والموت، ولن تتوانى عن استخدام الصفاقة والقتل، في سبيل فرض سيطرتها، وفيما يبدو أن العالم سيكون مجبر على التأقلم مع هذا التحول الغريب.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد الميالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/11/09



كتابة تعليق لموضوع : من الدبلوماسية إلى السوقية 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net