صفحة الكاتب : د . محمد سعيد التركي

سلسلة المعرفة الحلقة الرابعة والثلاثون النظام الاقتصادي في الإسلام الجزء الأول
د . محمد سعيد التركي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صفة الدولة الإسلامية (دولة الخلافة) مطلب المسلمين الأعظم
 
 
عندما نتحدث عن النظام الاقتصادي في الإسلام، فإننا نتحدث عن القواعد الأساسية لبناء الاقتصاد كاملاً، كما أمر الله سبحانه وتعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا نتحدث عن أفكار متنوعة ومتغيرة تتوافق أو تتشابه مع صورة الأحكام الإسلامية، قد يأخذها بعضهم كغطاء للتعاملات الربوية أو الشركات المساهمة الرأسمالية، أو ينبذها بعضهم الآخر. ولا نتحدث هنا عن أفكار وتعاملات من الإسلام تتعامل بها بنوك ربوية رأسمالية كفرية لتسهيل تعاملاتها البنكية، ويدعي التعامل بها بنوك أخرى تسمي نفسها إسلامية. وكذلك فإننا عندما نتحدث عن النظام الاقتصادي الإسلامي، فإننا لا نتحدث عن صدقات تُوزع هنا وأموال تُنفق هناك، أوقات المناسبات للمتسولين والمحتاجين، ولا نتحدث هنا عن مؤسسات خيرية منطلقة من مشاعر إسلامية تقوم بتجميع وتوزيع تبرعات المحسنين، وليس نظام الإسلام الاقتصادي هو نظام الزكاة، بل الزكاة هي حكم من أحكام النظام الاقتصادي الإسلامي.
 
إن النظام الاقتصادي الإسلامي هو كيان كامل، فإما أن يتم أخذه كاملاً، أو أن يُدع كاملاً. فلا يمكن أخذ جزء منه، ونبذ أو تعطيل الجزء الآخر، وإلا فلن يكون إسلامياً. وهو على الإطلاق ليس نظاماً يمكن تطبيقه من دول أساسها باطل شرعاً، ونظام الحكم فيها غير إسلامي، بل يتطلب لتطبيقه وجود أو قيام دولة الخلافة الإسلامية، لأنه أحد أركانها، وكون الاقتصاد عصب الحياة عادة، فإن النظام الاقتصادي تدور حوله كل أنظمة الدولة الأخرى، السياسية والاجتماعية وغيرها، ويدور هو حولها في كيان كل دول العالم، ولذا فإنه من المستحيل الترقيع في كيان الدولة الإسلامية ببعض أحكام الاقتصاد وذلك من جهتين :
 
الجهة الأولى: من الناحية العقدية، والجهة الأخرى من الناحية العملية
فمن الناحية العقدية، فإنه يستحيل على الحاكم والدولة والشعب أن يرتضوا أحكام الإسلام، إن لم يكونوا يؤمنون بها وبقطعية وجوب تطبيقها، فهي مقيدة بالعقيدة، حتى ولو نجح أحد الحكام بمخادعة الناس وادعى تطبيقه لها. أما من الناحية العملية التطبيقية، فحتى يتم تطبيق نظام الإسلام الاقتصادي، فإنه يجب هيكلة كل الأنظمة التي حوله لكي تتناسب معه وتتناسب مع إمكانية تطبيقه، وكذا الحال مع أي نظام اقتصادي آخر من الأنظمة الاقتصادية الثلاث المعتبرة عالمياً، الاشتراكي والرأسمالي والإسلامي، فإنه لا يمكن تركيب شيء على شيء، فلا يتأتى لأي دولة عالمية تَبَنّي نظام الإسلام الاقتصادي وهي تدين بالرأسمالية، كما يدّعون حالياً أنه بالإمكان الاستفادة من أفكار الإسلام الاقتصادية لحل المشكلة الاقتصادية العالمية في أمريكا والعالم .
 
إذن فما هو النظام الاقتصادي الإسلامي، وعلى أي قواعد يقوم ?
 
•          تدور كل الأحكام والمعالجات الاقتصادية في الإسلام حول مسألة تمكين الناس من الانتفاع بالثروات، وتوزيع الأموال والمنافع على جميع أفراد الرعية، وتعتبر هذه هي وجهة نظر الإسلام في علم الاقتصاد، أي هي المشكلة الاقتصادية، التي تدور حولها كل المعالجات.
•          النظرة إلى إشباع حاجات المجتمع الأساسية هي موضع اهتمام الأحكام الشرعية في الاقتصاد الإسلامي .
•          تصب كافة الأحكام الشرعية في مسألة ضمان إشباع جميع الحاجات الأساسية لكل فرد من أفراد الرعية إشباعاً كلياً، وكذا في ضمان تمكين كل فرد منهم من إشباع الحاجات الكمالية . 
•          كون أن المسلمين في الدولة الإسلامية سواء،، على امتداد واتساع الأراضي الإسلامية وحتى كل من يحمل التابعية الإسلامية) من رعايا دولة الخلافة)، فإنه تنطبق عليه أحكام الاقتصاد سواء بسواء، ولا يُستثنى أحد منهم، وذلك كما جاء في الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وما قيس عليه من الأحكام.
•          تنطلق أحكام الإسلام الاقتصادية من ثلاث قواعد عامة: تحديد ماهية الملكية وأنواعها، كيفية التصرف بالمال المملوك، وكذلك كيفية توزيع الثروات للناس .
 
الملكية :
 
لقد نظم الإسلام الملكية تنظيماً دقيقاً بين ملكية الدولة (نقول الدولة وليس الحاكم أو حزبه)، وبين ملكية الفرد، وبين الملكية العامة، وجعل هناك ضوابط دقيقة جداً في عدم الخلط بينهم، لئلا يفقد الأفراد حقهم في طلب العيش وامتلاك الأموال والتصرف بها، وحتى لا ينتزعها أحد منهم بغير حق من الأفراد أو الحاكم أو زبانيته، وحتى لا يتعدى أفراد على ما هو من الملكية العامة، كالأراضي وثروات الأرض أو المنافع العامة، أو الخدمات كالصحة والتعليم وغيرها، فيُحرم عامة الناس منها، وحتى لا تختلط الأمور بين ما تمتلكه الدولة من الأموال والثروات، وبين ما هو ملكية عامة أو ملكية فردية.
 
لذا فإن عملية الملكية في الإسلام منظمة تنظيماً دقيقاً، وما يخالفها يكون ليس من الإسلام حتماً وخارج عنه، فمن خلال تحديد ماهية الملكية تأتي الانحرافات الاقتصادية في العالم أجمع، ويأتي تسلط شرذمة قليلين من حكام دول العالم على مقدرات العالم أجمع، وعلى مقدرات شعوبهم وشعوب غيرهم، فهذا يحرم الملكية الفردية ويجعل الدولة هي المالك لكل شيء (الاشتراكية)، والآخر أطلق عنان الحرية للأفراد بالملكية (الرأسمالية)، فجعلهم يمتلكون ما هو ملكية عامة من ثروات الأرض وغيرها، وجعلهم يمتلكون ما يجب على الدولة أن تمتلكه أصلاً لمنفعة الناس، مما جعل المال ينحاز كله في أيدي أفراد قليلين في العالم (من الرأسماليين(، مما مكنهم أن يسودوا العالم ويعيثوا في الأرض الفساد .
 
 
قال الله تعالى في سورة الجاثية 13 
 وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
وقال تعالى في سورة التوبة 33 
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
 
http://dralturki.blogspot.com/2009/04/blog-post_7384.html

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد سعيد التركي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/04/19



كتابة تعليق لموضوع : سلسلة المعرفة الحلقة الرابعة والثلاثون النظام الاقتصادي في الإسلام الجزء الأول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net