لم يبدو عليها أية علامة تشير إلى أنها مزعجة أو متشائمة أو مشاكسة أو سيئة الخلُق كما إنها ليست أمية فهي معلمة مربية ولا أعلم كم تخرج على يديها من شباب وشابات لكن اليقين أنها أم لطبيبين نعم أم لطبيبين !! علم الله كم سهرت وتعبت وعانت حتى أوصلتهما إلى ما وصلا إليه لتجد نفسها أخيراً في دار المسنين في إحدى المحافظات سألها أحدهم إخبريني سيدتي من هما ولداك ؟ إمتعضت وانكسرت وسالت دموعها وقالت : لا أخشى أن يؤثر ذلك على سمعتهما دعهما فهما بحاجة إلى الراحة ربما أكون ثقيلة الظل عليهما فاتخذا هذا القرار بإيداعي في دار العجزة . هل يزورانك في الاسبوع مرة او في الشهر او في السنة مرة ؟؟ كلا ربما لأنهما مشغولان بعملهما وأولادهما ، الحال جيد هنا وأتلقى من العناية ما يكفيني ، لكني - وتهدج صوتها واختنقت بعبرتها - لكني مشتاقة لهما ، وتذكر السائل حينها قول الشاعر الذي وصف به ولداً عاقاً تعثر بقلب أمه بعد ان استله منها بسكين ليأخذه الى محبوبته ( ناداه قلبُ الأمِّ وهو معفرٌ --- ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر ؟ ) . إنها ليست تراجيديا أو خيال كاتب أو مرويات ( معنعنة ) لا تجد لها بعد التحري أثر ، بل إنها حقيقة ولولا انتهاك السرية التي ينبغي المحافظة عليها في دور الرعاية المعنية وطلب الأم الرؤف لأفصحنا عن أسم السيدة والمحافظة التي تقع فيها تلك الدار ومحل إقامة السيدة السابق وعنوانها الكامل . لم يبق لنا ما نفتخر به على أمم الغرب سوى أواصرنا الإجتماعية وتمسكنا بعاداتنا وتقاليدنا الإسلامية الشرقية الخاصة باحتضان الآباء والأمهات في كبرهم ولا يحسدنا الغرب على صورة من واقعنا المعاش سوى صورة ولد يحمل أباه أو أمه على ظهره ليأخذها الى الطبيب ويعود بها الى المنزل راضياً مستبشراً غير سئِم ولا ضَجِر ذلك ما لم يجده الغرب مع كل إنجازاته ومدنيته وعمارته وعمرانه وإن وُجد فنادرٌ جداً ، وذلك ما بقي لنا من تراثنا وديننا الذي سدنا به العالم يوماً ما حضارةً ودولة ، وها نحن نقترب من تضييع هذه المزية أيضاً كما ضيعنا الصدق والأمانة وحب العمل وإتقانه والريادة في الصناعة والزراعة والعمران . أعلم أن هذه الحالات نادرة ونادرة جداً حتى الان لكنها قد تكون أقل ضررا من مئات الأمهات والآباء الذين يعانون الأمرين من تعامل أولادهم في الكِبَر وقبل الكِبَر داخل بيوتهم ولا يظهرون من ذلك شيئاً للناس وللاعلام لأسباب عديدة . التفكك الأسري خطر يتهددنا فهل نحن صائرون إلى ماقاله نزار قباني (( خلاصة القضية توجزُ في عبارة ، لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية )) .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat