صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

المجتمع اللامسؤول؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المجتمع العربي نشأ على عدم الشعور بالمسؤولية , ذلك أن الأجيال قد تربت على أن الدولة هي المسؤولة.
الحكومة هي المسؤولة , والحاكم هو المسؤول!!
 
ولهذا ترى الناس أنها بريئة ولا علاقة لها بما يحصل ويتطور في المجتمع , ولا بعنيها المساهمة في الإصلاح والتصدي للإنهيار.
 
فالإنسان في مجتمعنا يتجاهل الدور المسؤول المُجَسد عند أبناء المجتمعات المعاصرة المتقدمة , التي يرى فيها معظم الناس أنهم مسؤولون عن تقرير مصير البلاد , ويتحملون دور المشاركة والتضحية في سبيل رفعتها وقوتها وعزتها.
 
ومن أركان الشعور بالمسؤولية إبتكار فرص العمل , فالمجتمعات المتقدمة معظم الأعمال فيها نشاطات خاصة , أي أفكار مستثمرة من قبل الناس , فالشركات ليست أفكارا حكومية وإنما فردية , وأكثر القطاعات المهيمنة والمؤثرة في الحياة هي من صنع الأفراد , الذين إنطلقوا بتجسيد أفكارهم وتحويلها إلى شركات.
 
ومن علائم المسؤولية الأخرى أن أبناء المجتمع يدفعون الضرائب , ويتفهمون معنى أن يتحملوا بعض العناء من أجل رفعة البلاد.
 
فعندما تجاوز العجز في الميزانية حدا كبيرا , بعض المجتمعات المتقدمة إرتضت وتحملت رفع سعر البنزين إلى خمسة أضعاف وأكثر , لأنها تعتبر ذلك مساهمة وطنية للتصدي للمحنة الإقتصادية وتجاوزها.
 
أما في مجتمعاتنا فنحن نصرخ أن البطالة عالية والدولة لا توفر فرص العمل , وإن أرادت أن تعالج العجز الإقتصادي نهب بوجهها بلا شعور بالمسؤولية , وإنما نحسب الحكومة من واجبها أن تكون مسؤولة عن كل شيئ , ولا مسؤولية تقع على عاتق المجتمع.
 
هذه العلة الحضارية المروعة هي التي تسببت بالمزيد من التداعيات الإجتماعية والإقتصادية والعقائدية , ذلك أن الشباب المتعلم لا يستثمر في الأفكار ويحولها إلى مشاريع إقتصادية , وإنما يجلس على قارعة الطريق وينتظر الحكومة أن توفر له فرصة العمل.
 
بينما المجتمع المسؤول يصنع فرص العمل , واللامسؤول ينتظر فرصة العمل ولربما لا تأتي.
 
ولهذا فأن المجتمع لكي يتحرر من ربقة التأخر والعجز والضعف , لابد للإنسان فيه أن يجسد الشعور بالمسؤولية , وأن يبدأ الشباب بإبتكار المشاريع التي توفر فرص العمل وتنمي الإقتصاد.
 
لي صديق تخرج من الجامعة التكنولوجية وما فكر بالعمل في الحكومة , لكنه بدأ بمشاركة شخص آخر في ورشة لصناعة ما يحتاجه السوق , وعندما كنت أزوره في محله أحسبه لن ينجح , أو سيعيش كما يريد ويطمح من هذا العمل , لكنه مع الأيام تطور وتحولت ورشته , التي كان يعمل بها لوحده مع شريكه , إلى شركة يعمل فيها عشرات العاملين من أبناء المجتمع.
 
ولو فعل كل خريج مثلما فعل صديقي لتحولت البلاد إلى شركات , تتنافس بينها في الجودة والنوعية ووفرة الإنتاج.
 
وهذا يشير إلى أن الطاقات موجودة وكامنة وتحتاج لتوظيف في الطريق الصحيح وليس المنحرف. 
 
فكل طاقة لا بد لها من التصريف , والمعضلة التي تعيشها المجتمعات أنها تسمح لطاقات الشباب بالإنبعاج في دروب منحرفة تتسبب بمتوالية الويلات القاسية!! 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/21



كتابة تعليق لموضوع : المجتمع اللامسؤول؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net