صفحة الكاتب : علي الغراوي

مُسائلة بلاعدالة ومُصالحة بلا وطنية..!
علي الغراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  عقِب 2003، وبعد سقوط نظام البعث ، شُرع قانون إجتثاث الأخير، ضمن أولى القوانين التي جاء بها( بول بريمر) وعندما أكتشف السياسيون الجدد! أن بعض البعثيون(ثروة!) لايمكن التفريط بها بشكلٍ جذري، أستبدل الإجتثاث، بقانون المُسائلة والعدالة 2008؛ ليُصنف ضمن قوانين العدالة الإنتقالية المؤقتة؛ أذ ينتهي بأنتهاء المهمة التي شُرع من أجلها، لكن الأخيرة لم تنتهي بعد، منذ سقوط الحكم البعثي، وحتى هذه اللحظة، فعلى مايبدو؛ أن تلك المهمة ستظل أزلية، حتى يواصل البعث مسلسل إجتثاث  ضحاياه!

بعد الترسبات والتخلف الذي ورثته مفاصل الدولة، وفاتورة الحروب المتوالية، ونظامٍ؛ حَكَم البلد مايقارب نصف عقدٍ من الزمن، كالكابوس المُرعب في يقظة"المكَاريد" كانت الخطوة في تشريع هكذا قوانين ضرورية وبأوانِها؛ لإعادة ترتيب ما بعثره البعث، وخلق نظام يستمد قوته من تجارب الأنظمة، التي أسعدت شعوبها، وطي صفحة سوداء من تأريخ البلد، سجلها البعثيون في الماضي القريب، بأحرف من الزعيق والدم، والمقابر الجماعية، وأحواض التيزاب، و"عنجهيات" أبن"صبحة" الضرورة!

قد تكون الفوضى الطائفية العارمة في 2006؛ قد تركت أثراً كبيراً في تركيبة السلم الإجتماعي، مما جعل إزالة تراكمات الماضي، وتنفيذ إجراءات العدالة الإنتقالية ليست بالسهلة، ما دامت العملية السياسية(الديمقراطية) في دوامة التناقضات بين القوى السياسية، فإن لم تُحسم المهمة التي شُكل من أجلها القانون الذي يستمد وصفاً إستثنائياً لمعالجة مُخلفات ماضٍ قريب ؛ فالتأخير ليس من مصلحة  النظام السياسي الجديد؛ بل يُزيد النار حطباً.

إنهيار النسيج الإجتماعي، وتأخر المُسائلة والعدالة في إنهاء مهمتها، قد يكون من معوقات"المُصالحة الوطنية" بين الأطراف المتخاصمة، وتبين فيما بعد؛  أن البعثيون، هم طرفٌ خصم  يدخل ضمن مفهوم المصالحة؛ ليأخذوا فُرصهم للإنخراط  في مفاصل الدولة؛ المدنية والعسكرية ذات المواقع الحساسة، وتمنح لهم الرواتب التقاعدية جزاء خدمتهم لنظام البعث!

ستبقى العملية السياسية عرجاء بِساق واحدة؛ لوجود شوائب البعث العالقة في جسدها، مما يسبب بفتح ثغرات خطيرة في النظام السياسي؛ تهدد بإنهياره في أي لحظة، وسنُقتل ألف مرة؛ نتيجة المصالحة( الكلاوات) التي لم تكن سوى مُخاض حملٍ كاذب.

ينساق الى الذهن عدة تساؤلات؛ إذا كان الإجتثاث قد أُستبدل بِمُسائلة وعدالة، تحقيقاً لما يسمى( مصالحة وطنية) فأين الأخيرة يوم ذبح(1700) شهيداً من قاعدة سبايكر أمام أنظار جمهور الشركاء في عمليتنا السياسية؟! وأينها في عمليات النزوح، القتل الجماعي للشيعة، والأيزيدية، والمسيح؟! أي مصالحة، وطرفها خائن بحق آلاف الجنود، الذين قتلوا ظلماً؟! 

لازال قانون المُسائلة والعدالة، تحت تأثير الضغوطات، والمغفرة السياسية، ولم يعد إجتثاث البعث، سوى أكذوبة يستخدمها بعض السياسيون، لإعطاء صبغة بهية الصورة للمُصالحة الوطنية التي يزعمونها! ليتوغل البعثيون حياة العراقيون، ويأخذوا ما كانوا عاجزين عنه في زمن صنمهم، من وظائف، ومناصب عسكرية، وأمنية، ورواتب تقاعدية، لنبقى تحت قانون عدالة بلا مُسائلة، ومُصالحة بلا وطنية..!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي الغراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/13



كتابة تعليق لموضوع : مُسائلة بلاعدالة ومُصالحة بلا وطنية..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net