العبادي .. هل سيكون سيسي العراق ؟
د . عبد الكاظم جعفر الياسري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عبد الكاظم جعفر الياسري

بعد الضوء الأخضر من المرجعية الرشيدة ومظاهرات الغضب العراقي للإصلاح ، وجد رئيس مجلس الوزراء العراقي نفسه عند مفترق طريق باتجاهين لا ثالث لهما .
أولهما ترك الحكومة لشخصية أخرى من نفس الوسط المغضوب عليه ( مرجعيا وشعبيا ) وفق نفس السياقات التي سارت عليها العملية السياسية المشلولة أصلا ، أو الاستجابة لما تمليه عليه المصلحة الوطنية العليا والالتزام الديني الصادق ، ولأن العبادي ربيب عائلة فاضلة وقد تربى على قيم الطهارة والأخلاق الحميدة وهو سليل من قدم ولديه قرابينا للحرية فقد أختار الأسلوب الأخير ، أملا في إصلاح ما يمكن إصلاحه وإنقاذ السفينة الموشكة على الغرق ، مع إن نقطة ضعفه هي انه قد اكتسب خبرته الإدارية من خلال العمل بعد 2003 في المؤسسات الحكومية الحالية ، التي تفتقر إلى التخطيط الإستراتيجي وآلية اتخاذ القرار الإداري بالإضافة إلى عدم الخبرة والكفاءة والنزاهة التي تتصف بها هذه المؤسسات ، لذا فإن خياراته ستبقى محددة وسيظل مكبلا بآليات لا تصلح للإصلاح الجذري الكبير الذي يتطلبه الوضع وفضلا عن رغبة الجماهير والمرجعية فيه .
إن تحول العراق إلى دولة مفلسة ليس بعيدا عن التحقق إذا ما بقت الممارسات بسياقها الحالي ، وإذا ما استمر التردي والتراجع في مسيرة بناء الدولة .
لكل ما تقدم وللإخطار المصيرية التي تحيط بالبلد ولظروف المرحلة العصيبة ، فإن على العبادي أن يخرج من عباءته ويتخلى عن ما يعتقده مسلمات لا يمكن الخروج عليها ، صحيح أن الخروج عن بعض نصوص الدستور سيعد مخالفة ، ولا يمكن أن تقبل هذه النصيحة من أستاذ جامعي يحترم الأصول والمعايير ، لكن درء مفسدة كبيرة بمخالفة صغيرة أو مخالفات صغيرة جائز ومحبب في مواضع كثيرة ، فقد أثبتت التجارب أن هذا الدستور لا يصون البلد ولا يحمي المواطن ولم يستطع أن يقف أمام آلاف الانتهاكات للمال العام والحريات الشخصية وحرمة الإنسان ، فلماذا نستمر في مراعاته وتقديسه ، مع الإدراك بأن عدم وجود دستور أو ترك فراغا دستوريا سيعد كارثيا بحد ذاته ، لذا يفضل اللجوء إلى الشعب للتفويض أولا ثم تغيير الدستور تدريجيا وفق استفتاء لأنه سيكون عملا خلاقا يبني ولا يهدم .
ولكي لا نطيل في التحليل ، فإني أقولها بصدق للدكتور العبادي ، لقد توفرت لك فرصة لم تتوفر لجميع من حكموا العراق سابقا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة بعد ثورة العشرين ، فلا تضيعها لأن التاريخ لا يرحم ، لا تبقى تدور حول نفسك وحول نفس الدائرة التي أثبتت فشلها ... أخرج للفضاء الأوسع فإن العراق توحد معك ولديك مباركة صمام الأمان ...المرجعية الرشيدة ، أخرج .. يا رعاك الله ... من دائرة الفشل إلى دوائر النجاح ، خذ التفويض أولا ثم غير الدستور لبناء دولة ديمقراطية حديثة فيها ضمانات عدم العودة للدكتاتورية والظلم والطغيان والحروب العبثية الكارثية , وفيها أيضا ضمان عدم استمرار الفساد وسرقة المال العام وهدر كرامة المواطن والوطن .
فهل ستكون سيسي العراق ... أتمنى من قلبي لك التوفيق ...والله من وراء القصد
د.عبد الكاظم جعفر الياسري
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat