حصر الأجتهاد
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لابد أن نتناول هنا و في هذ المورد المعلومة الأدق حول قضية الأجتهاد , و قضية التعبد بالمذاهب الأربعة , و التي حقيقتها ( حصر الأجتهاد بالمذاهب الأربعة فقط ) .
فمن باب المعلومة المفيدة أنه و في أوائل عام ( 1359 هـ ) أرسل السيد جعفر الأعرجي من الموصل في العراق رسالة إلى الشيخ ( آغا بزرك الطهراني ) في النجف الأشرف يسأله أن يكتب له رسالة في بيان بدء المذاهب الأربعة , و وجه التعبد بها , و تاريخ حصر الأجتهاد فيها , فكتب له الشيخ الطهراني رسالة بعنوان ( حصر الأجتهاد ) و من المفيد الرجوع لها للوقوف على تفاصيل أدق عن الموضوع و بشكل تفصيلي مع مراجعة الكتب التي كتبت عن موضوع الأجتهاد , و الت تناولته من حيث حقيقته , و التحقيب التاريخي الخاص به .
و تاريخياً تعد الفترة ما بين عام ( 631 هـ ) , و عام ( 645 هـ ) هي الفترة التي تم أصدار الحكم بالإلزام بالمذاهب الأربعة .
فيذكر الشيخ أغا بزرك في كتابه المتقدم الذكر أنه يوم أفتتاح المدرسة المستنصرية , و ذلك سنة ( 631 هـ ) قد ( قسمت على أربعة أقسام :
فسُلم الربع القبلي الأيمن إلى الشافعية .
و الربع الأيسر إلى الحنفية .
و الربع الثالث يمنة الداخل للحنابلة .
و الميسرة للمالكية .
و أختير لكل مذهب أثنان و ستون نفساً من الذين يقرؤون الفقه و الأحكام . و رتب لهم مدرسان : أحدهما من الشافعية , و الثاني من الحنفية . و نائبا مدرس , أحدهما : حنبلي , و الآخر مالكي ... و ألزم الخليفة المدرسين فيها بذكر كلام المشايخ الأربعة فقط , و أحترامهم , فأُلزموا بذلك , و أجابوا جميعاً بالسمع و الطاعة ) .
و في مصر أُفتي بحصر التعبد بالمذاهب الأربعة عام ( 665 هـ ) كما أورد ذلك المقريزي في خططه .
و قد تبنى هذا الأمر الكثير من السلاطين , و وعاظهم , و أصحاب المصالح حتى أصبح سنة متبعة لدى السواد الأعظم يتعبدون به بلا أدنى تأمل فيه , و كأنه قرآن منزل .
إلا أنه و رغم ذلك فقد أستنكره العقلاء من العلماء , و أنتقدوه , فمثلاً نجد الشيخ صديق حسن خان البخاري القنوجي ( ت 1307 هـ ) في كتابه ( حصول المأمول من علم الأصول ) يقول : ( أن من حصر فضل الله على بعض خلقه , و قصر فهم هذه الشريعة المطهرة على من تقدم عصره , فقد تجرأ على الله عز و جل , ثم على شريعته الموضوعة لكل عباده , ثم على عباده الذين تعبدهم بالكتاب و السنة ... فان كان التعبد بالكتاب و السنة بمن كانوا في العصور السابقة , و لم يبق لهؤلاء المتأخرين إلا التقليد لمـن تقدمهم , و لا يتمكنون من معرفة أحكام الله في كتاب الله و سنة رسوله , فما الدليل على هذه التفرقة الباطلة , و المقالة الزائفة , و هــل النسخ إلا هـذا , سبحانك هذا بهتان عظيم ) .
فلا نجد في التاريخ أي دليل عقلي , أو شرعي على حصر الأجتهاد في المذاهب الأربعة , إلا لأن السلطان أمر بذلك ؟؟!! و هل نفهم معناً لتكبيل العقل أكثر من ذلك ؟!
1 : الشيخ محمد محسن بن علي بن محمد رضا الطهراني النجفي ( 1293 ـ 1389 هـ ) .
2: و بالخصوص الطبعة المحققة من الكتاب المذكور .
3 : حصر الأجتهاد , أغا بزرك الطهراني , ص 105 ـ 107 .
4: تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي القاهري البعلبكي المقريزي نسبة إلى حارة المقارزة في بعلبك ( 766 ـ 845 هـ ) .
5 : الخطط المقريزية , ج 2 , ص 344 .
6 : بل إنهم يقبلون النقاش في القرآن الكريم , و لا يقبلون النقاش في هذا الأمر أبداً .
7 : حصر الأجتهاد , ص 113 ـ 114 .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat