صفحة الكاتب : زيدون النبهاني

رِباطي أصفر وقلبي أبيض ومشروعي أخضر..
زيدون النبهاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 في زمن صارَ فيه انور الحمداني "مرجعاً"، والبغدادية "حوزة"، زمنٌ أهدى فيه أحمد ملا طلال رِباطهُ الأصفر "مُستهزءاً" بقائِل كلمة حق! أبعثُ برسالتي الإولى إلى ولدي زكريا أبن التسعة عشرَ شهراً، رُبما سيتمكن من تفكيك حروفها بعد تسعة عشر عاماً، ولا أدري هل سأكون على قيد الحياة لأشرح لهُ أسبابها..أو لا.
ولدي زكريا..
إعلم إن أباكَ قَد عاش في زمنٍ لم يختاره لنفسهِ، ولا هُم أختاروه له، إنها حُقبة صدام المُظلمة، وما بعد صدام التي أرادها البعض أكثر عُتمة؛ إنهُ زمن الإرهاب والفساد والتِجارة بحقوق الشعب، ومِن ضمنهم أبيك.
قرة عيني،، ما يسلي ضميري المُتعب بهموم الناس، هو إختياري لطريق الشُهداء، فقد أرتديت وشاح الشُهداء والمُجاهدين، وسُرتُ في طريق المرجعية والصالحين، ومَضيتُ مدافعاً عن حقوقك وحقوق أخوتك الذين تراهُم حولك، بمشروعٍ صادِق يؤمن بأحقيتك بوطنٍ مُزدهِر، بعيداً عن صفقات اللسان المشبوهة.
قَدرَ الله لي أن أُولد في مِنطقةٍ بعيدة عن موطنِ أجدادي، شَربتُ مِن دجلة أكثر مما شربتُ مِن الفرات، لهذا كُنتُ بعيداً عَن تجاذبات "الطائفية" المقيتة التي خلقها البعض، وروجَ لها البعض، وأستغلها البعض الأخر، فقط ليتمكن مِن كرسي الحكم، هذا الكُرسي الذي بقيَّ مَصدر جدلٍ دائم؛ هل هو كُرسي الحسين أم كُرسي يزيد؟.
كانَ جُلَّ إهتمام والدي أن أكونَ حُراً أمناً، كحال الأباء كانَ أبي يخشى علينا مِن نوبات صَرع تُصيب بعثياً، فيجرني إلى مديرية الأمن العامة، ليسَ لتهمةٍ معينة فقد كان شعار "الشر يعم" هو الساري المفعول، كانَ يُريد لنا الحرية لكنهُ كانَ يائساً، فأفضل "الفوالين" لم يكن يتوقع نهاية صَدام، كانَ كأنهُ مصيرنا المحتوم!
في النجف؛ قضى والدي طفولتهِ وشبابهِ، كانَ دائِم الحديث عن عائِلة أسمها آل الحكيم، كانت أملاً وإلهاماً للطالبين خلاصاً، وهذا ما حَصلَ بالفعل، الأمل طاعَ سيده، أنفجرَ السكون البائس، في سماء الوطن تبسمت شمس، باقِر الحكيم إنتصَرَ على صَنمية البعث، ورفضَ "صَنميات" أخرى حاولوا فرضها علينا، رَحلَ باقِر شَهيداً وولدَ مَشروعُ أبيك!
تشبثتُ بالخلاص؛ مُجرد فِكرة أن أكون والداً يوماً ما، كانت تُرهقني، لا يُمكن لولدي أن يعيش راكعاً لهُبل جديد، وبغداد تلكَ الطاهِرة التي تحتضن الكاظمين (عليهما السلام)، لا يُمكن أن يعود لها اللا رشيد، هذا ما أرادوه، هذا ما جعلنا ندفعُ الألاف مِن أطهر دمائِنا مِن أجله، وهذا هو سبب إغتيال الحكيم مرتين!
زوايا العُهرِ السياسي كانَت قائِمة؛ الحديث عن الطائفية أصبحَ سُلعة إنتخابية، أقاليم عبد العزيز رفضوها لإنها فقط لا تؤسس لعراقٍ مُقسم، ساسة الكُرد بنو دولتهم بِنفط البَصرة، ليسَ عيباً ولا مَنقصة، لكنَ العيب إنهم لم يُساعدوا البَصرة لِبناء نفسها، فَرُفض مشروع البَصرة العاصمة الإقتصادية، وضاعَت مُبادرة ميسان، ولحقتها الكوت، النجف، بابل، وكلُ مناطِق الأغلبية، إنه زمنُ يُحرمُ فيه الحديث إلا "بالطائفية" هذا مااتحدث عنه..
أخترتُ مشروع الوسطية، تأريخي هكذا، ديدن القادة كذلك، في ستينيات القرن الماضي حَرموا دم الكُرد، وناصروا حُقوق السُنة، ووقفوا مُدافعين "بشهداءِهم" عن الشيعة، عراقٌ يتسِع للجميع لِماذا نُهمش فيه أحداً!
رباطي الأصفر كانَ إنعاكساً لقلبي الأبيض، سويةً كتبا مَشروعٌ أخضر لمُستقبلٍ أخضر، تحكُم فيهِ المكونات وتتشارك الواجبات والحقوق، ليسَ حِبراً على ورق، ليسَ هواءٌ في شبك، أقرأ ياولدي.. التأريخ، ستُنصفنا صفحاتهِ، حتى التأريخ المُزيف الذي يكتبوه بأقلامهم المأجورة سيسجدُ خوفاً من العاقِبة، مهما حاولوا بناء "قصر الإمارة" ضلَ مهدوماً أمام روعة مُسلم بن عقيل (عليه السلام)، إنها إرادة الله التي تقضي على إرادة السوء.
حولنا؛ في غُرفِ الشأن السياسي، عُقدت صفقات؛ كانت أربيل عام ألفين وعشرة مُجرد بداية، بداية لنهاية أرادوها أعداءِ العراق (أبناءهِ وجيرانه)، فزع الطعنة عِندما تأتيك ممن لا تتوقع، في ظلمة الليل كتبوا للعراق "عُتمة"، رفضنا نحن، حذرنا شعبنا، طرقنا الأبواب لنُخبر الجميع، المرجعية كانت نِبراس هدايتنا، أخبرت وصَرّّحت لا بل صَرخت "المُجرب لا يُجرب"، ولدي الحبيب: جربنا المُجرب بإعطائهِ ثلث المقاعد البرلمانية.. فأصابنا الجَرب!
لم نُريد أبداً أن تكون حُكومة ألفين وأربعة عشر ضعيفة؛ كانَت شراكة الأقوياء أو غالبية المكونات مشروعنا الذي يُعبر عنهُ شِعارنا، حُصول الولاية الثالثة "الكارثية" كانَ قابَ قوسين أو أدنى، فالكلُ يُشترى، بوزارة أو ببرميل نَفط يُشترى، أستبقنا الأحداث، بعدَ أن فرضوا هم رئيسين للجمهورية والبرلمان، أسقطنا المؤامرة، ضربنا كعادتنا صَنمٌ أخر لكنهُ يتنفس، فبقي كالخِنجر في خاصرة التحول الديمقراطي، بدأ كُلَ ساعة يقطع "أوردة" العملية السياسية.
عامين حوصرنا فيها؛ بينَ فسادٍ مُستشري وإنخفاض أسعار النفط "مصدر التمويل الوحيد لميزانية الدولة"، والحكومة الرديفة تعمل، تؤلف قِصصاً وتعزف سمفونيات، ثأرها حملنهُ ماجدات الولاية الثالثة ومِشعان، العربية والجزيرة والبغدادية لا تُشاهِدها ياولدي.. فأنهن بنات الضرورة صدام!
فساد الثماني سنوات وأكثر؛ على هذه الحكومة كشفه، ومحاسبة الفاسدين، إرجاعِ الأموال المنهوبة ظُلماً، إنهاء ظاهِرة المناصِب بالوكالة، والأهم تحقيق الإنتصار على داعش، هذه مَطالب المرجعية "الخيط الأبيض"، ومطالب الشعب، ومتبنياتنا، نعم تبنيناها فأصبحنا خَطراً يُهدد السُراق والقتلة، فأصطفوا سويةً تحتَ هُتافات الملك سلمان!
ولدي حبيبي..
قالَ لي مرة أحد الشباب في مقهى شعبي: "ليسَ أباءنا أفضل منا في قيادة السيارات؛ لكن السيارات كانت قليلة، في النجف يمكن لكَ أن تحصي عدد السيارات، كانت لا تتجاوز المئة"!
وأنا أكتبُ لكَ هذه الرسالة، أبلغكَ إن السيارات أصبحت أكثر مِن ظلم صدام حسين، في كل بيتٍ سيارة، في كل زقاق عُشرون، في كل منطقة مئات، ما يعكس صورة واقعنا الإقتصادي الذي تحولَ جذرياً بعد عام التحرير، لكن؛ لا يزال البعض يُريدنا أن نعود للمربع الأول، مِنهم من إشتاق لعصى "المفوض حسين كامل"، ومنهم من يريد الرقص على أغاني "صادك ياصدام"!
رباطي أصفر.. قلبي أبيض؛ مستقبلكَ أخضر بوجود الحكيم عمار، عندما تقرأ هذه الرسالة ستتسائل عن سبب ثقتي بهذا الرجل! سأجيبك من الآن؛ إنهُ قائِد أنجبتهُ المِحن..، سيصرخون مثل الدراويش "المزورين"، سيبكون مثلَ التماسيح على الشعب، لكن الشعب سيعرف يوماً: القائِد الحقيقي الذي يُطالب بحقوقهِ، وقتها سينتصر الشعب والقائد وستجد أنتَ مُستقبلاً يليقُ بجمال عينيك..
محبتي
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زيدون النبهاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/05/03



كتابة تعليق لموضوع : رِباطي أصفر وقلبي أبيض ومشروعي أخضر..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net