الصفحة الرئيسية
أخبار وتقارير
المقالات
ثقافات
قضية رأي عام
اصدارات 
المرئيات (فيديو)
أخبار العتبات
أرسل مقالك للنشر


صفحة الكاتب : ادريس هاني

بمناسبة المولد النبوي الشريف
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تعرفنا على محمد (ص) في أولى مدارك الصبا في متن قصيدة البردة، لأحمد بن سعيد البوصيري من القرن السابع الهجري(القرن 11 ميلادي)، وليس في متن بني عبد الوهّاب..
وهي أهم وأعظم قصيدة كتبت في المديح النبوي. وكان لهذه القصيدة وسبب إنشادها حكاية يرويها البوصري الذي ألفها حين أصيب بالفالج، الشلل النصفي وهكذا رأى النبي في منامه يضع بردة على نصفه المصاب بالشلل، قبل أن يقوم معافى. وفيها نقرأ:
فكيف تنكر حباً بعد ما شـــــــــــــهدت به عليك عدول الدمع والســـــــــقمِ
محضتني النصح لكن لست أســـــمعه إن المحب عن العذال في صــــــممِ
والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ علــــى حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطــــم
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلــــــــــى أن اشتكت قدماه الضر مــــــن ورم
وراودته الجبال الشم من ذهــــــــــب عن نفسه فأراها أيما شـــــــــمم
محمد ســـــــــــــــيد الكونين والثقليـن والفريقين من عرب ومن عجـــــمِ
هو الحبيب الذي ترجى شــــــــفاعته لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــم
وتقوّل في قصيدته شيوخ السلفية والوهابية ونسبوا إليه فيها الشرك والضلال، مع انها تفيض بالتقدير والإجلال. ولم نكن نعلم أن الوهابية تكفّرنا ونحن أطفال نتحلّق حول البردة والهمزية ونجد فيها رقيّا بالوصف وعدلا في المديح لا شطط فيه، وأين الشطط والإنسان الكامل له في الأسفار حالات لا يدركها المريد..
الذين يكذبون على محمد اليوم ويقيمون باسمه إمارات الدّم ويخربون الأوطان ويقتلون الإنسان يصعب عليهم إدراك هذه المقامات، فلذا كانوا أكثر الأقوام إهانة للنبي وأكثرهم تطاولا حتى وصفوا من يمدحه بالكفر..وتكفي إهانة أنهم ارتضوا له في عصرنا خليفة داعشي متبغدد إن رأيته ولّيت منه فرارا..فالنور لا يخلفه الظلام..وخير البشر لا يخلفه شرّ البريّة..وكذبوا وخلطوا ولبّسوا...فليكن عيد ميلاده اليوم ميلاد لعهد جديد تضمحلّ فيها فلول كو كلوكس كلان المتأسلم..وليتركوا هذا الدين لفطرة الشعوب الطيبة وأعلامه الشامخة ورجاله العارفة وكفى من التشويه والتلبيس، فلقد قال محمد(ص) حوله: " قد كثرت عليّ الكذابة وستكثر بعدي فمن كذب عليّ متعمّداً فليتبوأ مقعده من النار"......ويا ما كذبوا..
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإنّ ميلاد محمد (ص) يعيدنا إلى السيرة..والسيرة من التاريخ..والتاريخ محاط بالكذب والزيف..كذب صراح وكذب غير معلن..لذا فالدعوة قائمة لإعادة كتابة السيرة..لمزيد من الفهم لمضامين ما كان بإمكان كتبتها في عصور سابقة أن يكشفوا عن كامل دلالتها..ومثل التاريخ فإن السيرة تكتب في كل عهد وجيل..ويهمني أن أقف على جانب يتعلق بحالة الحصار الذي عاش فيه محمد ص، حصار لا يقف عند شعب أبي طالب بل هو حصار امتدّ جتى في أزمنة الفتح..كان الفتح محطة جديدة لنمط آخر من الحصار..تشكل طبقة سياسية واجتماعية: المنافقون..
غادر النبي وترك من أواخر ما نزل سورة المنافقين، مع أنه لم يقبل بمحاربتهم مباشرة..لقد كان حول المدينة منافقون كثير..وكانت تدابير محمد (ص) ممعنة في الإشارة لا المباشرة، وحينما أسرّ لحذيفة بسرّ أسماء المنافقين لا سيما بعد العودة من مؤتة، وحين قيل له لم لا تقاتلهم، قال الكلمة التاريخية: حتى لا يقال إن محمدا يقتل أصحابه..يهمني هنا أن أتوقف عند هذه العبارة نظرا لأهميتها القصوى..كنا نتساءل مرارا: كيف سيقولون ذلك ما دام النبي فعله؟ والحقيقة، هي أن المشكلة في قتال المنافقين ليس هم بل عوام الخلق الذين تتمكّن منهم ملابسات المنافقين..فالمنافقون يقاتلونك ويحاربونك بشعاراتك نفسها، وتراهم في موارد الاستعراض يسابقونك وينافسونك حتى قد يزايدون عليك فيما أنت رائد فيه..وهكذا أصبح المنافقون يزايدون على محمد في دعوته نفسها..ولو حاربهم لحاربوه بدعوته..وهم من شدّة تلبيسهم على الناس لو حاربهم لتباكوا إلى حدّ ينقلب الاستشكال رأسا على عقب فيقال : إن محمدا يقتل أصحابه..سيتقولون ما لا يليق بنبي، وستكون النتيجة هي ضرب مصداقية النبوة نفسها..سوف يقولون إن محمدا ما فعل ذلك إلاّ حسدا لمن كانوا معه ، أو لهيمنته على البلاد والعباد أو حبّا في الدنيا أو ..أو...لأن إبداع المنافقين في الشّر يفوق كلّ إبداع..تنام عين أهل الحق والمنافق يهندس السيناريوهات ويحبك الآكاذيب ويتفنن في البهتان..لقد كانت مشكلة الإسلام مع المنافقين، بل هي مشكلة كل فكرة جميلة أو كيان حصين أو دين..المنافقون ينخرون الحقيقة من الداخل، ومثل نقّار الخشب لا ينتهون، ومثل السوسة ينخرون كيان الحقيقة بالبهتان..
تأتي ساعات على أهل الحق فيرون الزور والمنكر ولا يستطيعون أن يفضحوا أصحابه، لأنّ المنافقين يتغلغلون في نسيج الحقيقة ويتكيفون مع خطابها ويصبحون جزءا من صرحها وما هم كذلك، بل ينسون أحيانا أنهم منافقون فيمعنون في المزايدة وقد يسقطون في طريق التحدي ويصبحون نجوما..وليس أمام أهل الحق ان يقولوا شيئا لكي لا يستنزفوا .. إنّ المنافق لا يستطيع أن يبقى لولا وجود تمكين له من قبل شريحة من المجتمع..إنهم يتموضعون بعد ان يجدوا لهم الشريحة الأضعف والتي ترتبط معهم بمصالح ظاهرة أو خفية..فهم يعملون ضمن برنامج ويستعملون خطابا ورموزا وتقنية في الإقناع.. لم يكن من السهل أن تمسك بمنافق حتى في عصر النبوة.. ولا حيلة لك مع المنافقين حتى لو كان العصر عصر غلبة للحق..لذا اكتفى بالتلميح: لتعرفنهم في لحن القول..فخطاب المنافق مليئ بالمفارقات والنقائض..لأنّ أكاذيبه متخمة فيكثر فيها العثار..ليس لك إلاّ أن تتأملهم ويكون الفضل انك تعرفهم ولا يعرفهم العوام..ولكن المنافقين لن يطفؤوا نور محمد..ذلك الذي لم يقدم نفسه إلاّ: أنا الرحمة المهداة...وفي القرآن: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )..فلقد وضع محمد ألغام خير تحت أقدام المنافقين، وذلك حين جعل هذا الدين يأبى أن يتمحّض لدعوتهم..سيجدون أنفسهم أقلية ليس لهم من حيلة سوى أن يستنجدوا بالاستكبار العالمي..إنّ المنافقين لا يعيشون من دون تمكين..فما أن يتمكنوا حتى يجهزوا على البلاد والعباد..في تاريخ هذا الدين نقائض تجعل فعل تهريبه من قبل المنافقين أمرا صعبا..ولولا أفاعيل الإمبريالية وتمكينها للمنافقين لما استطاعوا أن يحدثوا أمرا..ولا الوعي الساذج والغفلات التي تحيط بالشعوب لما أمكن هؤلاء أن يتحركوا داخلهم مثل السمكة في البحر..لا نمط للمنافقين سوى أن يتغلغلوا في اي اتجاه..لا تعتقد انّ المنافقين يوجدون في المعسكر الآخر، وإلاّ ما كانوا منافقين..بل تواجدهم في محيط الحق:(وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ)..وفي كل فرصة يقفزون إلى المحيط الضيق للمركز ثم الأضيق إلى أن يمسكوا بالمركز..المنافقون حولك وبين يديك وخلفك وأمامك..لا تنظر بعيدا بل هم الأقرب..محنة النبي مع المنافقين تتكرر..لأنها قاعدة اجتماعية..ستجد المنافقين في السلم والحرب..في العقد الاجتماعي والنزعات اليعقوبية وكذا في الفوضوية..هم يتماهون مع كل اتجاه ولهم حكاية في كل اتجاه..إنما شيء واحد يقهر المنافقين، هو التّاريخ..التاريخ مصيبتهم..فعادة يكون المنافق حكاية من يسقطون سهوا..حركة النفاق حركة لقيطة لا تاريخ لها..إنّ أخطر سؤال يزعج المنافق هو: "أنت مين؟"..
صلّى عليك الله يا أبا الزهراء وعلى آلك الآطياب المطهّرين، وقاتل الله كلّ منافق وخاب من كان لهم أُذٌنا..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/12/11



كتابة تعليق لموضوع : بمناسبة المولد النبوي الشريف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ£ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¯ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ®ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع† ط·آ·ط¢آ¸ط·آ¦أ¢â‚¬â„¢ط·آ·ط¢آ¸ط·آ«أ¢â‚¬آ ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ¯ ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ§ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬أ¢â‚¬ع†ط·آ·ط¢آ·ط·آ¹ط¢آ¾ط·آ·ط¢آ·ط·آ¢ط¢آ­ط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¹â€کط·آ·ط¢آ¸ط£آ¢أ¢â€ڑآ¬ط¹â€ک : 7 + 2 =  



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net