الحدباء كانت تراثاً وحضارةً وثقافةً ورمزُ مدينةٍ، لكنها دُرست فباتت أثراً بعد عين، وهذا بالتأكيد ما كان متوقعاً عند كل ذي لُب.. فالقطيع الذي حكم المدينة لم يكن من النبلاء أو الأشراف، فقد فجروا قبلها مراقد الأنبياء والمساجد، وهدموا بمعاولهم آثاراً تفوق بأعمارها الحدباء أضعافاً مضاعفة.. فلا عجب بأن يقدم مغولُ هذا العصر على فعلتهم الشنيعة هذه، ولكن كل العجب بمن تفاجأ أو أنصدم أو بالغ في حزنه، لأنه أما أن يكون قد حسن ظنه بالدواعش، أو قد نزل للتو من كوكب المريخ فرأى ما رأى عن غير سابق معرفة..!! فصاحب أبسط عقل كان يدرك تماماً بأن كل ما حوته المدينة من بشر وحجر كان أقرب للعدم منه للوجود، لا يسلم منها الا البهائم ما ظهر منها وما بطن..!!
على أهلنا في موصل الأستقامة، موصل الحرية، موصل عراقنا الحبيب، وقبل أن ينشغلوا بأعادة بناء المنارة ويضعوها من أولوياتهم، أن يكرموا وفادة هذه الرموز الحقة، هذه الشوامخ، هذه المنارات التي عجزت كل معاول الدواعش عن خدشها أو النيل منها، فقد رُصت من صخور صلدة وبُث فيها من أباء الحسين الذي بينه وبين الأنحناء بونٌ شاسع...
أكرموا وفادة هؤلاء الرجال لأن طينهم لم يستخلص منه الكثير فقد أدخره الله لوعثاء الأزمنة وجور الأشباه..
أقيموا في وسط مدينتكم نصباً لهذا الصرح السومري وأمنوا به، وأنا ضامنٌ بأنه لن يُزحزح، فقد تجاوز في عمره الثمان الاف سنة وما زال في عنفوانه وأبائه..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat