• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : مونودراما(( رحيـق )) نصٌ مسرحيّ .
                          • الكاتب : د . مسلم بديري .

مونودراما(( رحيـق )) نصٌ مسرحيّ

 المنظر ( المكان ) : 

مكانٌ ما , فناءُ منزل ٍ ؟ ربما , فالمكان يشبه فناء المنزل , مساحة أمام أربعة أبواب مغلقة , لكل منهما لونٌ مختلف عن الآخر , يبدو انها أبواب لغرف نوم أو ما شابه ذلك , وربما لا تكون  كذلك ؟! , ولربما كانت مجرد أبواب , ربما لو فتحت لأفضت الى غرفٍ اخرى, الى شارعٍ , الى منزلٍ آخر ,  " لو " فتحت , ربما تفضي الى أبوابٍ أخرى , وربما أفضت الى جدارٍ كونكريتي صلب  ولكنها لم تفتح ولربما لن تفتح , من يعلم ؟! 

على الجدار هنالك صورتان , لكليهما  بروازٌ أنيق , يعتليه شريطٌ أسود , أنيقٌ هو الآخر , احداهما صورة لرجل يبدو في الصورة عابسا , أو ربما كانت ملامحه على شيء من الجدّية , يبدو طاعنا في السن , رغم ان شعره ما زال يحتفظ بلونه الاسود , لكن ما يميزه حقا هو  " آذانه   " فقد وضعتا بطريقة تعطي لمن يراه احساسا بأنه قد تعرض لعملية مسخ , والصورة الأخرى لسيدة , تبدو وقورة جدا , ولا ترتسم على شفاهها اية حركة , الا انك حين تنظر في الصورة , تعطيك احساسا وكأنها تبتسم  , ومن قراءة الوضع الذي تعلق وفقه الصورتين يصل احساس بعدم الاتفاق , لذا يمكن التخمين بانهما لم يكونا على اتفاق تام في حياتهما , 

وعلى أية حال رغم خلوّ المكان مما قد يجعلك تصفه بالأنيق , الا أن هنالك احساسا داخليا بالأناقة والتحضر 

وهذا ما يجعله أقرب الى كونه منزلا , لولا تلك الدكة الصغيرة المرتفعة , التي تتوسط المكان  , والتي تشبه تماما دكك القبور ( تلك التي يكتب عليها اسم المتوفى ) , لا بل رؤيتها تجعلك موقنا بانها دكة قبر ,

قبل فتح الستار : نسمع موسيقى , والافضل ان تكون مقتطعة من معزوفة *

( seaside of your dreams)  

للموسيقار  التركي (murat sakary ali)   

بعد فتح الستار نرى  ( رحيق ) وهي امرأة في الثلاثين أو الأربعين من العمر , جميلة وأنيقة , تحيطها غلالة ضوء باهت , تقف أمام احدى الصورتين دون ان تظهر لنا الاضاءة تلك الصورة , 

 

( تنظر صوب مكان الصورة )  صمت ( ثم تخاطبها بطريقة الهمس ) أبي .. أبي .. نعم , ما زلت أبي حتى وأنت في الصورة , أ تعلم ؟ أريد أن أخبرك شيئا , ( صمت) ولكن قبل ذلك اريد منك وعداً , أبي .. أبي هذه المرة فقط , اسمعني أرجوك , هذه المرة فقط , أعدك بذلك , أعلم انك ستقول ككل مرة , اعرف تماما , أحاديث النساء بالنسبة لك ثرثرة تافهة , لكني بحاجة الى ان تسمعني , ( تصيح  بهستيرية) أبي ( يبقى صدى الكلمة يتردد )  ( تسير في المكان جيئة وذهابا بقلق واضح ) صمت ( تتوقف أمام صورة المرأة المضاءة ) أمي , أمي , أريد أن اهمس لكِ , لا .. لا .. لا أريده أن يسمع فما أقوله يبقى بيني وبينك , ( تبتسم بخجل وتهمس ) نعم , لا .. ليس سرا ولكن قد يزعجه ما أقوله لكِ , أمي.. لقد أصبحتُ فتاةً كما ترين , ( تدور حول نفسها ) امرأة , ( تضحك بخجل ) امي ما زلت انتظر ولكني سعيدة , ( بنبرة مرتبكة ) صدقيني ..  قد يأتي الآن أو بعد لحظة , من يدري ؟ ربما غدا ؟ من يدري ؟ ( صوت طرق باب ) صمت ( يعود الطرق مجددا ) أمي سأذهب لأرد على الهاتف  , لا لن أجيب , ( تقف برهة ثم تسير ببطء ) لا بد وانها صديقتي , ليس لها من حديث سوى ذلك الحديث , لا يمكنني سماع اي حديث الآن , ( صمت ) ( يطرق الباب مجددا ) اووووه , لن أجيب , أعلم انها ستسألني بكل برود " هل أنتِ بخير ؟ " لا , من غير الممكن اطلاقا , انها تتعمد تذكيري بأني لستُ بخير .. ستقول : ( تقلد صوتا آخرا ) ..  " الو .. نعم هو جميل جدا , ولا ينغص عليّ سعادتي اي شيء " ستقول كل شيء لكنها لن تقول – طبعا – ان زوجها حين دعا مُدينه على العشاء , تعمد الى ان يترك البيت ويخرج , ويتركها معه وحدهما ( تعود الى نبرة صوتها ) , ( تضحك بألم وجنون )  الكل يهرب من الألم بابتسامة زائفة , نعم , يهربون !!,  الا انا  فالألم يلاحقني ولا مناص منه , ( يرن الهاتف ) اووووه امي , لابد وان الطارق على الباب نفسه , لا .. لا .. لا يمكنني ان اسمعه وهو يقرأ على القرار بصوته الأجش ( تحاول تقليد صوته ) :  " لقد قررت البلدية ازالة القبور من المنازل , لأنها تبعث روائح سامة , حسب ما توصل اليه خبراء محليون " 

( تعود الى نبرة صوت حزينة وتجلس عند الدكة )

 هل سمعت ؟ يقولون ان هذا قبر ؟! لا .. لا تصدقهم .. سأقول لهم جميعا هذا ليس قبرا , انه حديقة جميلة  خبأت فيها زهرتي الأخيرة .. لأهديها لك حالما تعود  , حتى وان لم يتعلموا الفرق بين الحديقة والقبر , سأمنعهم من ان يزيحوا حديقتي الجميلة  .. هنا وردتي الأخيرة , ( تنهض مسرعة وتجلب كأسا من الماء ) عليّ ان اسقيها كل يوم كي لا تذبل , ( تنظر في الكأس حيث ترتسم صورتها )  ( يطرق الباب .. مازالت رحيق تنظر في الكأس , صمت , ثم تصيح بصوت طفولي , ) أمي .. أمي .. افتحي الباب لابد وانها صديقتي , لقد اتمت واجباتها المدرسية وجاءت لكي نخرج , اليوم هو يوم مميز يجب ان أبيع كل الورد , لا لن ارجع والسلة فارغة , سأعود بأجمل وردة فيها  , واسقيها كل يوم , ( بنبرة صوت شبابية ) حتى أكبرُ واهديها له ,  ( تعود الى نبرة صوت حزينة ) .. ومرت كل تلك الأعوام ومازالت الزهرة معي , أسقيها كل يوم , كل لحظة , حتى جاء ذلك اليوم وظننتُ ( يقاطعها صوت طرق الباب ) ( تخفت اضاءة المشهد لمدة ثوان , مع صوت لباب قديم يُفتح ) ( تعود اضاءة المشهد مع وجود كرسي فوقه مانيكان لرجل يرتدي ملابس طبيب يوضع على الكرسي ووجه يتجه صوب صورة الأب )  ( تقف رحيق بحيث يصبح ذلك المنظر منظرا خلفيا ,   .... (صمت ) ومن ثم صوت لأنفاس مترقبة , ومن ثم تهمس ) وبقيت اسمع .. واسمع صوت أبي وهو يقول له ( تقلد صوت الأب )

- من قال لك ان عندي بنت ؟! 

- صمت 

- أين رأيتها .. لاحظ انك لا تُحاسِب على كلامك .. وربما يرجع ذلك الى انك ترى الناس بعين طبعك 

- صمت 

- لا يوجد عندي بنات لا للزواج ولا للحب , أنا رجل أعزب هل تفهم ... كيف تدعي ان لي بنت ؟! 

( تعود الى نبرة صوت حالمة وقد بقي صدى كلمة حب يتردد في اذنها ) حب .. حب كنت لا اعرف معنى هذه الكلمة .. حتى أعطيت تلك الفتاة وردة , كانت حمراء.. لا .. فحبيبها يرتدي قميصا ابيضا , لم اعد اتذكر لونها لكني اتذكر اني احسست بان الله كان يبتسم , وقتها -فقط -عرفت معنى الحب ,  ( تبقى كالمتأملة حتى يقاطعها صوت طرق على الباب , ( بنبرة شبابية ) لا بد وان الصديقات حضرن ليحتفلن معي فاليوم هو ذكرى ميلادي , ( تصيح بأدب) أمي هل ان كل شيء جاهز للاحتفال , نعم سنحتفل , وسيحضرن جميعهن ونطفئ الشمع , ( تخفت الإضاءة ) صمت لبرهة ( تعود الاضاءة حيث تظهر لنا طاولة صغيرة فوقها شموع ) سنحتفل وستقترب أنفاسنا جميعا وتتحد وان كانت مصادرها مختلفة , ( تقترب من الشمع ) نعم , ستنفخ معي مهى الطيبة الجميلة وليلى المغرورة , وهيفاء السمراء الرشيقة , سيفرح الجميع وانا معهم وسيمضى من عمري عام لن يعود , ويأتي عام آخر وربما سيأتي " هو " معه ( تخفت الاضاءة ) صمت  ( تعود الإضاءة لتظهر لنا رحيق وهي تحتضن الدكة ) لا لن أدعهم يزيحوا آنيتي الجميلة , فهنا زهرتي , سأصرخ .. لا..  ( يبقى صدى الكلمة يتردد في المكان حتى يقطعه صوت طرق على الباب ) ( تخفت الإضاءة لثواني , صمت , تعود بعدها لتظهر لنا كرسيا يجلس فوق مانيكان يرتدي ملابس لرجل مهندس بالمواجهة مع صورة الأب  بينما تقف  رحيق الى جانب المنظر ) لا أسمع ماذا يقول ولكني أحاول . . ليس بداعي الفضول ولكن لأخبر صديقاتي عمّا حصل , نعم ( تمد رأسها وتضع يدها خلف أذنها محاولة استراق السمع ,) 

نعم هكذا افضل .. ( تصيح بشهقة ) ماذا .؟ هل سأخبر الصديقات بما قاله أبي ؟ ( تقلد صوت الأب )

- تفضل من غير مطرود .... لا يوجد عندي بنت 

( تعود الى نبرة صوتها ) نعم , ربما ؟ ( تتلمس شعرها وقد ابيضّ ) هل أنا بنت ؟ من أنا ؟  ( تتصنع الجديّة ) ليس مهم هذا , المهم هو كيف امنعهم من ازاحة حديقتي الجميلة , ( تنهض وتدور في المكان جيئة  وذهابا بقلق واضح )  لم يتبق المزيد من الوقت , بعد قليل سيأتي عمال البلدية ومعهم رئيسها بكرشه الضخم , أوووووه لا اعتقد ان المكان سيتسع له , سيتنفس كل الأوكسجين الموجود في العالم , لا يهم أن أختنق أنا , ولكني أخشى أن تختنق زهرتي الجميلة , فرئيس البلدية قد يجلس فوقها ويصيح بذوق " ممكن شااااااي " وقد ينظر بذوق كبير أيضا الى العمال وهم يزيحون حديقتي الجميلة وربما داس أحدهم " بذوق كبير " فوق زهرتي 

( تجثو على ركبتيها وتصرخ ) لا ..... لا ... لا يمكنني تخيّل ذلك , صحيح انهم لا يعرفون الحب , لكنهم  لن يفعلوها , ربما يعرفون الجمال , وربما لا.. من يعرف ؟ لكنها كارثة حقيقية ان لم يعرفوا ذلك , ربما قد يأتي الآن وسيمنعهم من فعلهم وسيلقنهم درسا في الجمال والحب .. ربما لكن عليّ أن أفعل شيئا احترازيا فربما تأخر أو وصلوا قبله , ( صوت طرق على الباب )

( تخفت الإضاءة الا بقعة ضوء على رحيق وهي تدور في أحد الأركان بقلق ) 

ياااااااااااه ماذا ؟ لا أصدق رئيس البلدية عندنا .؟ ماذا يريد ؟ لا أسمع بالضبط , انه يضحك ...  وكذلك أبي ؟! لا أعرف ما الذي يحدث ؟! 

( عودة الإضاءة )

( تظهر لنا رحيق وهي جالسة بقرب الدكة وممسكة بيدها جريدة , وتقرأ بصوت مسموع وهي تقلب صفحات الجريدة) " كلام في الحب , ( تواصل ) ربما كنت جميلة سابقا , لكنني اليوم أجمل , نظرت في المرآة , صورتي ذاتها , لكنني أجمل , عرفت أنه شيء لا يرى لكنه احساس بالوجود , بالكينونة "

( تقلب الصفحة وتطلق آه وزفير حارق ) ( ثم تقرأ )

 

" ولاحظ الخبراء ان اسباب التشوه الخلقي الجنيني  الذي يزداد هذه الايام نتيجتها تأخر النساء عن الزواج , ولكن الحل أصبح ممكنا , فبإمكان المرأة الإنجاب من غير زواج .... " 

( ترمي الجريدة دون ان تكمل قراءة الخبر وقد اصابها الذهول والاشمئزاز )

 لا .. ذلك مستحيل العلم يتطور بصورة غريبة ومعه تتحجر العقول .. عليّ أن أخفي .. لا بل .. احرق الجريدة , حتى لا يراها أبي فيغضب , ( تنهض ) ولكن الاحراق يسحب الأوكسجين من الجو وربما ماتت زهرتي اختناقاً , عليّ أن أخفيها في مكان ما , حتى تموت – الجريدة طبعا- , مكان لن يصله أحد ٌ , ربما هنا خير مكان , معي هنا ستموت حتما وتختفي , ( تدور في المكان بقلق وتخاطب نفسها ) هل اصبح الوقت أوان اليأس ؟ هل سألجأ الى الجريدة واعتذر منها صاغرةً ؟ لا .. لا يمكن ذلك مازال الوقت مبكرا , نعم لو كان عندي ولد لما خشيت من البلدية أو رئيسها لكن الوقت مازال مبكرا فقد يأتي بين اللحظة والأخرى ,  وربما أتى الآن ( تجلس قرب الدكة ) آه .. اشعر بتعب حيال ذلك , يمكنني ان أصبر قليلا وربما كثيرا , لكن الامر مرهون في العواقب , لذا عليّ ان اصنع العواقب لا انتظرها , ( تخفت اضاءة المشهد  مع صوت رنين الهاتف ) 

( تنهض رحيق  بتثاقل وتضع يدها فوق اذنها ) 

الو .. الو  .. نعم يمكنني السماع بشكل جيّد , 

- لا افضل الخوض في الموضوع مجددا

- صمت

- آه .. نعم زهرتي انها بخير الى الآن وما زلت انتظر لأضعها في المكان المناسب

- صمت 

- ماذا تقصدين ؟ بليلة واحدة فقط 

- صمت

- وماذا يكلف ذلك ؟

- صمت 

( يُضاء المكان بضوء خائف متراقص مع مؤثرات صوت رقاص ساعة تُسمع تكاته بشكل توافقي ..)

( تتحدث رحيق بهستيرية واضحة ) نعم كل شيء بطعم الابتذال , انا اسعى لغاية سامية , الجميع يمتلك الحلول الرخيصة , لا يمكن ان نلمع الوسائل الرخيصة لنسلك بها الى غايات سامية , 

( صوت رنين الهاتف ) عليّ ان افتح الباب , ( تتحرك خطوة واحدة ثم تتسمر في مكانها ) لا ينبغي ان افتحه انا , ربما ظنّ بي السوء ؟ من يعلم ؟ الناس يهمها المظاهر , لا يعرفون ان محتوى الماس هو فحم !!

( تخفت انارة المشهد , مع صوت فتح باب , الا بقعة ضوء  تتركز على رحيق التي تجلس القرفصاء )

هل سمعتِ ؟ لقد اصبح ابوك كما هي أمكِ , حساسا لما تلاقين , يشكو ما تحسين , ( تضع رأسها على الارض بحيث تلامس أذنها الأرض ) 

يااااااه ما أجمل صوته الرخيم وهو يأن الما ً لأجلي , كم كنت قاسيةً بحقك أبي , 

( تنهض ) يا الهي انه يلعنك بشدة لأجلي , سامحه لأجلي يا رب ,   فهو أبي 

( ترجع الى وضعها السابق بسرعة ) لا .. عليّ ان ارهف السمع اكثر , ( صمت) ..

( تتغير ملامح وجهها بسرعة ) تفوووو ... ما هذا القرف 

( يرن الهاتف)    .. لا لن أجيب , أعرف من المتصل , لا بد وأن صديقتي ولدت , نعم أعرف ماذا انجبت ربما صبي , نعم سيكون لها زوج واربعة اولاد ,

( صمت ) لا .. لا ليس في قلبي أي حسد تجاهها , أنا فرحة , أنظري ( تتصنع الابتسام )  ربما ليس بينهم ابدا واحد على الاقل يمكنه ان يحمي زهرتي الجميلة , ( صمت ) وربما كان , من يدري ؟ 

( تنهض ) عليّ ان اجد الجريدة ( صمت ) لا .. لا لن اعود الى الخبر ذاته , أنا ابحث عنها فقط لكونها جريدة , نعم لأتسلى بها ربما أضيع بها بعض الوقت حالما يعود , ( صمت ) ولكن عندي غيرها الكثير , ( صمت ) هل سأبحث عن غيرها ؟ نعم فذلك يسهل لي استهلاك المزيد من الوقت , ( صمت )  ولكن هذه متوفرة وربما كان البحث اضنى عليّ من أي شيء , ( صمت ) صعبان لا ثالث لهما , الانتظار والبحث , ربما لو تناولت هذه الجريدة لوفرت على نفسي عناء البحث , ورضيت بهم الانتظار , أضعف الايمان  , نعم , 

( تتناول الجريدة من الارض وتقرأ ) " اغرب تحقيق صحفي "  ( صمت ) ( ثم تقرأ ) " ظاهرة غير مسبوقة ربما ..... ) ( صمت )  ( تواصل ) " وقالت مراسلتنا في حديثها مع رحيق , ( صمت ودهشة )

الفتاة التي حرص والدها لسنوات على منع اي خاطب من الزواج بها ليتزوجها هو بعد ذلك ( صمت عميق وبكاء )

( تواصل القراءة وهي في شبه غيبوبة )

, وفي سؤالنا عمّا سوغ لهم الاقدام على مثل هذا الامر قالت رهف : ان والدي لم يكن يعترف باي من القوانين وكلها كان يصفها بالمادية التي لا تراعي انسانية الفرد " 

( تنهار ببكاء متصل )

( اظلام المشهد لبرهة .... ثم تضاء رحيق فقط حيث نراها وهي تلف يديها حول رقبتها ثم تنتزعهما بقوة كمن يحاول تخليص نفسه من حبل  ملفوف على رقبته , تدور حول نفسها ببطيء , تتلمس شعرها خصلة بعد أخرى , تدور ثم تدور حتى تقع على الارض ) 

( تعود لنا الاضاءة على شكل هلامي يحيط رحيق بلون اصفر مخضر وهي تصرخ ) حلم .. حلم .. حلم ... لا بد وانه حلم .. انا متأكدة من ذلك لقد قصصته على صديقتي الطيّبة , لم أكن اعلم بانه سيشاع , كل ذلك كان حلم , لم يكن سوى طيبة مني ( تصرخ ) حماااااااااااقة .. نعم ... بلااااااااااهة 

 ( تخفت الاضاءة الى بقعة ضوء شاحبة ,تبقى تدور في المكان كمن يبحث عن شيء ثم تستقر اخيرا لتظهر لنا " رحيق " وقد تغيرت كثيرا وقد اصبح التعب والهم باديين على ملامحهما وقد سلبها ذلك لمحة الامل والجمال )

( تنهض بتثاقل وتهمس ) لم يبق أمل من قدومه عليّ ان افكر في الحلول الممكنة فالطموح اصبح وهما أو ضربا من الهذيان , عليّ ان اجد الجريدة , لا بد وانها شاخت ولم تعد حلولها ممكنة اليوم  فقد مضى من الوقت نصف ساعة , آه كم كان ذلك كثيرا , نصف ساعة !! ربما ماتت الناس وتغيرت الاسواق واوراق العملة , وانا ما زلت اقبع في ذاتي ,  ( تجد الجريدة بعد بحث قليل , تجلس قرب الدكة وتقرأ ) " عمليات الاخصاب الاصطناعي مكنت كثيرا من النساء من الحصول على اطفال بصحة جيدة وشوارب يقف عليها الصقر , وحتى فتيات لم يتزوجن بعد أصبح بإمكانهن الحصول على الاطفال بالمواصفات التي يرغبن فيها " 

( تجلس وتفكر ثم تهمس) نعم الآن وبعد كل ما مضى , سيصبح لي ولد , ربما هو اضعف الايمان , حتى لو لم يتكمن من الحفاظ - لي- على زهرتي لأهديها لأبيه , سيحافظ عليها لنفسه ويهديها يوما لمن سيحب  , لا يهم ان يكون له اب , المهم ان يكون ذاته ( تضحك بهستيرية ) 

( تأخذ الجريدة وتواصل القراءة ) " ولا يتطلب ذلك الامر كثيرا , كل ما هو مهم ان لا تكون المتقدمة ممن يرغبن بالاحتفاظ بكونهن فتيات لان ذلك سيُذهب ما يجعلهن كذلك " 

( ترمي بالجريدة بعيدا وتصرخ ) لا يمكنني ذلك , ( تتجه نحو صورة الام ) امي انا ما زلت  فتاةً ولا تصدقي الاحلام ( تصيح ) امــــــــــــــــــــــي , ( صوت طرق شديد على الباب يصل الى حد توقع ان الباب سيكسر )

( تنصت رحيق ) نعم هل تسمعين يا امي ؟ انهم يريدون قتلي ؟! ( تضحك بهستيرية ) أمي ينعتوني بالعاااااا ( تصيبها غصة ) يقولون اني حامل !! ( تضحك بجنون ) أمي هل سمعتِ  .؟ يدعون باني فقد كوني بنتا !! أبي ( تصرخ)  هذا تأويل رؤياك , أبـــــــي ( تزيح الدكة وتدخل في الحفرة ) ( صوت طرق شديد على الباب , ينكسر بعدها الباب مع صوت جلبة وضجة )

                                                               ستــــــــــــار 

                                             ستار

ملاحظة مهمة : 

لا يجوز إخراج النص , أو الاشتغال على أفكاره وصوره , أو حتى نشره في مكان آخر دون الرجوع للمؤلف 

مسلم بديري

العراق / 

تلفون :  009647703205506

ايميل : Muslim_tyrant@yahoo.com

*   http://www.youtube.com/watch?v=Z3uzvKyg9V0

 

 

 


كافة التعليقات (عدد : 9)


• (1) - كتب : سفيان ، في 2019/01/20 .

ارجو الموافقه باعطائي الاذن لتمثيل المسرحيه في اختبار لي في كليه الفنون الجميله ...ارجو الرد


• (2) - كتب : مسلم بديري ، في 2013/12/29 .

يرجى مراسلتي على المعطيات الواردة في اسفل النص ،

د. مسلم ..

• (3) - كتب : زهراء ، في 2013/12/27 .

ارجو الموافقه باعطائي الاذن لتمثيل المسرحيه في اختبار لي في كليه الفنون الجميله ...ارجو الرد

• (4) - كتب : زهراء ، في 2013/12/26 .

مسرحيه رائعه جدا ومضمونها اروع

• (5) - كتب : مسلم بديري ، في 2012/08/15 .

المخرج الذكي والمميز الاستاذ عباس عبد الغني ....شكرا لمرورك الجميل وروحك الاجمل واتمنى لك كل التوفيق في تقديم النص....محبتي الابدية

• (6) - كتب : عباس عبد الغني ، في 2012/08/15 .

يحمل النص مضموناً فكرياً سريالياً يحتاج الى لغة اخراجية حلمية تتمتع بسرد للواقع بلون سريالي متخم باللامعقول والواقع على السواء , وهو نص استهويته وانوي اخراجه وتقديمه لاهم مهرجانات المغرب. شكرا للمبدع د. مسلم على انجازه الآخر الذسي يضاف الة مجمل انجازاته التي عهدناها فيه.

• (7) - كتب : مسلم بديري ، في 2012/08/12 .

http://www.youtube.com/watch?v=Z3uzvKyg9V0

رابط المقطوعة الموسيقية التي اشرت لها في دخول النص
للموسيقار : murat sakary ali
عنوان المقطوعة : seaside of your dreams

• (8) - كتب : مسلم بديري ، في 2012/08/12 .

الأب الصديق علي حسين الخباز .. دمت بالف خير ومحبة وشكرا لمرورك .. دمت تحت قبة ابي الفضل

• (9) - كتب : علي حسين الخباز ، في 2012/08/12 .

صديقي الدكتور مسلم بديري ، تحية طيبة سلمت ايها الرائع في هذه المسرحية اراك قد اخضعت تقنية كتابة القصة الى المسرحية وتم الاعتناء بالجانب الوصفي لتهيئة المشهد بشكل دقيق تقبل المودة والدعاء




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=20632
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 08 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6