المنظر ( المكان ) :
مكانٌ ما , فناءُ منزل ٍ ؟ ربما , فالمكان يشبه فناء المنزل , مساحة أمام أربعة أبواب مغلقة , لكل منهما لونٌ مختلف عن الآخر , يبدو انها أبواب لغرف نوم أو ما شابه ذلك , وربما لا تكون كذلك ؟! , ولربما كانت مجرد أبواب , ربما لو فتحت لأفضت الى غرفٍ اخرى, الى شارعٍ , الى منزلٍ آخر , " لو " فتحت , ربما تفضي الى أبوابٍ أخرى , وربما أفضت الى جدارٍ كونكريتي صلب ولكنها لم تفتح ولربما لن تفتح , من يعلم ؟!
على الجدار هنالك صورتان , لكليهما بروازٌ أنيق , يعتليه شريطٌ أسود , أنيقٌ هو الآخر , احداهما صورة لرجل يبدو في الصورة عابسا , أو ربما كانت ملامحه على شيء من الجدّية , يبدو طاعنا في السن , رغم ان شعره ما زال يحتفظ بلونه الاسود , لكن ما يميزه حقا هو " آذانه " فقد وضعتا بطريقة تعطي لمن يراه احساسا بأنه قد تعرض لعملية مسخ , والصورة الأخرى لسيدة , تبدو وقورة جدا , ولا ترتسم على شفاهها اية حركة , الا انك حين تنظر في الصورة , تعطيك احساسا وكأنها تبتسم , ومن قراءة الوضع الذي تعلق وفقه الصورتين يصل احساس بعدم الاتفاق , لذا يمكن التخمين بانهما لم يكونا على اتفاق تام في حياتهما ,
وعلى أية حال رغم خلوّ المكان مما قد يجعلك تصفه بالأنيق , الا أن هنالك احساسا داخليا بالأناقة والتحضر
وهذا ما يجعله أقرب الى كونه منزلا , لولا تلك الدكة الصغيرة المرتفعة , التي تتوسط المكان , والتي تشبه تماما دكك القبور ( تلك التي يكتب عليها اسم المتوفى ) , لا بل رؤيتها تجعلك موقنا بانها دكة قبر ,
قبل فتح الستار : نسمع موسيقى , والافضل ان تكون مقتطعة من معزوفة *
( seaside of your dreams)
للموسيقار التركي (murat sakary ali)
بعد فتح الستار نرى ( رحيق ) وهي امرأة في الثلاثين أو الأربعين من العمر , جميلة وأنيقة , تحيطها غلالة ضوء باهت , تقف أمام احدى الصورتين دون ان تظهر لنا الاضاءة تلك الصورة ,
( تنظر صوب مكان الصورة ) صمت ( ثم تخاطبها بطريقة الهمس ) أبي .. أبي .. نعم , ما زلت أبي حتى وأنت في الصورة , أ تعلم ؟ أريد أن أخبرك شيئا , ( صمت) ولكن قبل ذلك اريد منك وعداً , أبي .. أبي هذه المرة فقط , اسمعني أرجوك , هذه المرة فقط , أعدك بذلك , أعلم انك ستقول ككل مرة , اعرف تماما , أحاديث النساء بالنسبة لك ثرثرة تافهة , لكني بحاجة الى ان تسمعني , ( تصيح بهستيرية) أبي ( يبقى صدى الكلمة يتردد ) ( تسير في المكان جيئة وذهابا بقلق واضح ) صمت ( تتوقف أمام صورة المرأة المضاءة ) أمي , أمي , أريد أن اهمس لكِ , لا .. لا .. لا أريده أن يسمع فما أقوله يبقى بيني وبينك , ( تبتسم بخجل وتهمس ) نعم , لا .. ليس سرا ولكن قد يزعجه ما أقوله لكِ , أمي.. لقد أصبحتُ فتاةً كما ترين , ( تدور حول نفسها ) امرأة , ( تضحك بخجل ) امي ما زلت انتظر ولكني سعيدة , ( بنبرة مرتبكة ) صدقيني .. قد يأتي الآن أو بعد لحظة , من يدري ؟ ربما غدا ؟ من يدري ؟ ( صوت طرق باب ) صمت ( يعود الطرق مجددا ) أمي سأذهب لأرد على الهاتف , لا لن أجيب , ( تقف برهة ثم تسير ببطء ) لا بد وانها صديقتي , ليس لها من حديث سوى ذلك الحديث , لا يمكنني سماع اي حديث الآن , ( صمت ) ( يطرق الباب مجددا ) اووووه , لن أجيب , أعلم انها ستسألني بكل برود " هل أنتِ بخير ؟ " لا , من غير الممكن اطلاقا , انها تتعمد تذكيري بأني لستُ بخير .. ستقول : ( تقلد صوتا آخرا ) .. " الو .. نعم هو جميل جدا , ولا ينغص عليّ سعادتي اي شيء " ستقول كل شيء لكنها لن تقول – طبعا – ان زوجها حين دعا مُدينه على العشاء , تعمد الى ان يترك البيت ويخرج , ويتركها معه وحدهما ( تعود الى نبرة صوتها ) , ( تضحك بألم وجنون ) الكل يهرب من الألم بابتسامة زائفة , نعم , يهربون !!, الا انا فالألم يلاحقني ولا مناص منه , ( يرن الهاتف ) اووووه امي , لابد وان الطارق على الباب نفسه , لا .. لا .. لا يمكنني ان اسمعه وهو يقرأ على القرار بصوته الأجش ( تحاول تقليد صوته ) : " لقد قررت البلدية ازالة القبور من المنازل , لأنها تبعث روائح سامة , حسب ما توصل اليه خبراء محليون "
( تعود الى نبرة صوت حزينة وتجلس عند الدكة )
هل سمعت ؟ يقولون ان هذا قبر ؟! لا .. لا تصدقهم .. سأقول لهم جميعا هذا ليس قبرا , انه حديقة جميلة خبأت فيها زهرتي الأخيرة .. لأهديها لك حالما تعود , حتى وان لم يتعلموا الفرق بين الحديقة والقبر , سأمنعهم من ان يزيحوا حديقتي الجميلة .. هنا وردتي الأخيرة , ( تنهض مسرعة وتجلب كأسا من الماء ) عليّ ان اسقيها كل يوم كي لا تذبل , ( تنظر في الكأس حيث ترتسم صورتها ) ( يطرق الباب .. مازالت رحيق تنظر في الكأس , صمت , ثم تصيح بصوت طفولي , ) أمي .. أمي .. افتحي الباب لابد وانها صديقتي , لقد اتمت واجباتها المدرسية وجاءت لكي نخرج , اليوم هو يوم مميز يجب ان أبيع كل الورد , لا لن ارجع والسلة فارغة , سأعود بأجمل وردة فيها , واسقيها كل يوم , ( بنبرة صوت شبابية ) حتى أكبرُ واهديها له , ( تعود الى نبرة صوت حزينة ) .. ومرت كل تلك الأعوام ومازالت الزهرة معي , أسقيها كل يوم , كل لحظة , حتى جاء ذلك اليوم وظننتُ ( يقاطعها صوت طرق الباب ) ( تخفت اضاءة المشهد لمدة ثوان , مع صوت لباب قديم يُفتح ) ( تعود اضاءة المشهد مع وجود كرسي فوقه مانيكان لرجل يرتدي ملابس طبيب يوضع على الكرسي ووجه يتجه صوب صورة الأب ) ( تقف رحيق بحيث يصبح ذلك المنظر منظرا خلفيا , .... (صمت ) ومن ثم صوت لأنفاس مترقبة , ومن ثم تهمس ) وبقيت اسمع .. واسمع صوت أبي وهو يقول له ( تقلد صوت الأب )
- من قال لك ان عندي بنت ؟!
- صمت
- أين رأيتها .. لاحظ انك لا تُحاسِب على كلامك .. وربما يرجع ذلك الى انك ترى الناس بعين طبعك
- صمت
- لا يوجد عندي بنات لا للزواج ولا للحب , أنا رجل أعزب هل تفهم ... كيف تدعي ان لي بنت ؟!
( تعود الى نبرة صوت حالمة وقد بقي صدى كلمة حب يتردد في اذنها ) حب .. حب كنت لا اعرف معنى هذه الكلمة .. حتى أعطيت تلك الفتاة وردة , كانت حمراء.. لا .. فحبيبها يرتدي قميصا ابيضا , لم اعد اتذكر لونها لكني اتذكر اني احسست بان الله كان يبتسم , وقتها -فقط -عرفت معنى الحب , ( تبقى كالمتأملة حتى يقاطعها صوت طرق على الباب , ( بنبرة شبابية ) لا بد وان الصديقات حضرن ليحتفلن معي فاليوم هو ذكرى ميلادي , ( تصيح بأدب) أمي هل ان كل شيء جاهز للاحتفال , نعم سنحتفل , وسيحضرن جميعهن ونطفئ الشمع , ( تخفت الإضاءة ) صمت لبرهة ( تعود الاضاءة حيث تظهر لنا طاولة صغيرة فوقها شموع ) سنحتفل وستقترب أنفاسنا جميعا وتتحد وان كانت مصادرها مختلفة , ( تقترب من الشمع ) نعم , ستنفخ معي مهى الطيبة الجميلة وليلى المغرورة , وهيفاء السمراء الرشيقة , سيفرح الجميع وانا معهم وسيمضى من عمري عام لن يعود , ويأتي عام آخر وربما سيأتي " هو " معه ( تخفت الاضاءة ) صمت ( تعود الإضاءة لتظهر لنا رحيق وهي تحتضن الدكة ) لا لن أدعهم يزيحوا آنيتي الجميلة , فهنا زهرتي , سأصرخ .. لا.. ( يبقى صدى الكلمة يتردد في المكان حتى يقطعه صوت طرق على الباب ) ( تخفت الإضاءة لثواني , صمت , تعود بعدها لتظهر لنا كرسيا يجلس فوق مانيكان يرتدي ملابس لرجل مهندس بالمواجهة مع صورة الأب بينما تقف رحيق الى جانب المنظر ) لا أسمع ماذا يقول ولكني أحاول . . ليس بداعي الفضول ولكن لأخبر صديقاتي عمّا حصل , نعم ( تمد رأسها وتضع يدها خلف أذنها محاولة استراق السمع ,)
نعم هكذا افضل .. ( تصيح بشهقة ) ماذا .؟ هل سأخبر الصديقات بما قاله أبي ؟ ( تقلد صوت الأب )
- تفضل من غير مطرود .... لا يوجد عندي بنت
( تعود الى نبرة صوتها ) نعم , ربما ؟ ( تتلمس شعرها وقد ابيضّ ) هل أنا بنت ؟ من أنا ؟ ( تتصنع الجديّة ) ليس مهم هذا , المهم هو كيف امنعهم من ازاحة حديقتي الجميلة , ( تنهض وتدور في المكان جيئة وذهابا بقلق واضح ) لم يتبق المزيد من الوقت , بعد قليل سيأتي عمال البلدية ومعهم رئيسها بكرشه الضخم , أوووووه لا اعتقد ان المكان سيتسع له , سيتنفس كل الأوكسجين الموجود في العالم , لا يهم أن أختنق أنا , ولكني أخشى أن تختنق زهرتي الجميلة , فرئيس البلدية قد يجلس فوقها ويصيح بذوق " ممكن شااااااي " وقد ينظر بذوق كبير أيضا الى العمال وهم يزيحون حديقتي الجميلة وربما داس أحدهم " بذوق كبير " فوق زهرتي
( تجثو على ركبتيها وتصرخ ) لا ..... لا ... لا يمكنني تخيّل ذلك , صحيح انهم لا يعرفون الحب , لكنهم لن يفعلوها , ربما يعرفون الجمال , وربما لا.. من يعرف ؟ لكنها كارثة حقيقية ان لم يعرفوا ذلك , ربما قد يأتي الآن وسيمنعهم من فعلهم وسيلقنهم درسا في الجمال والحب .. ربما لكن عليّ أن أفعل شيئا احترازيا فربما تأخر أو وصلوا قبله , ( صوت طرق على الباب )
( تخفت الإضاءة الا بقعة ضوء على رحيق وهي تدور في أحد الأركان بقلق )
ياااااااااااه ماذا ؟ لا أصدق رئيس البلدية عندنا .؟ ماذا يريد ؟ لا أسمع بالضبط , انه يضحك ... وكذلك أبي ؟! لا أعرف ما الذي يحدث ؟!
( عودة الإضاءة )
( تظهر لنا رحيق وهي جالسة بقرب الدكة وممسكة بيدها جريدة , وتقرأ بصوت مسموع وهي تقلب صفحات الجريدة) " كلام في الحب , ( تواصل ) ربما كنت جميلة سابقا , لكنني اليوم أجمل , نظرت في المرآة , صورتي ذاتها , لكنني أجمل , عرفت أنه شيء لا يرى لكنه احساس بالوجود , بالكينونة "
( تقلب الصفحة وتطلق آه وزفير حارق ) ( ثم تقرأ )
" ولاحظ الخبراء ان اسباب التشوه الخلقي الجنيني الذي يزداد هذه الايام نتيجتها تأخر النساء عن الزواج , ولكن الحل أصبح ممكنا , فبإمكان المرأة الإنجاب من غير زواج .... "
( ترمي الجريدة دون ان تكمل قراءة الخبر وقد اصابها الذهول والاشمئزاز )
لا .. ذلك مستحيل العلم يتطور بصورة غريبة ومعه تتحجر العقول .. عليّ أن أخفي .. لا بل .. احرق الجريدة , حتى لا يراها أبي فيغضب , ( تنهض ) ولكن الاحراق يسحب الأوكسجين من الجو وربما ماتت زهرتي اختناقاً , عليّ أن أخفيها في مكان ما , حتى تموت – الجريدة طبعا- , مكان لن يصله أحد ٌ , ربما هنا خير مكان , معي هنا ستموت حتما وتختفي , ( تدور في المكان بقلق وتخاطب نفسها ) هل اصبح الوقت أوان اليأس ؟ هل سألجأ الى الجريدة واعتذر منها صاغرةً ؟ لا .. لا يمكن ذلك مازال الوقت مبكرا , نعم لو كان عندي ولد لما خشيت من البلدية أو رئيسها لكن الوقت مازال مبكرا فقد يأتي بين اللحظة والأخرى , وربما أتى الآن ( تجلس قرب الدكة ) آه .. اشعر بتعب حيال ذلك , يمكنني ان أصبر قليلا وربما كثيرا , لكن الامر مرهون في العواقب , لذا عليّ ان اصنع العواقب لا انتظرها , ( تخفت اضاءة المشهد مع صوت رنين الهاتف )
( تنهض رحيق بتثاقل وتضع يدها فوق اذنها )
الو .. الو .. نعم يمكنني السماع بشكل جيّد ,
- لا افضل الخوض في الموضوع مجددا
- صمت
- آه .. نعم زهرتي انها بخير الى الآن وما زلت انتظر لأضعها في المكان المناسب
- صمت
- ماذا تقصدين ؟ بليلة واحدة فقط
- صمت
- وماذا يكلف ذلك ؟
- صمت
( يُضاء المكان بضوء خائف متراقص مع مؤثرات صوت رقاص ساعة تُسمع تكاته بشكل توافقي ..)
( تتحدث رحيق بهستيرية واضحة ) نعم كل شيء بطعم الابتذال , انا اسعى لغاية سامية , الجميع يمتلك الحلول الرخيصة , لا يمكن ان نلمع الوسائل الرخيصة لنسلك بها الى غايات سامية ,
( صوت رنين الهاتف ) عليّ ان افتح الباب , ( تتحرك خطوة واحدة ثم تتسمر في مكانها ) لا ينبغي ان افتحه انا , ربما ظنّ بي السوء ؟ من يعلم ؟ الناس يهمها المظاهر , لا يعرفون ان محتوى الماس هو فحم !!
( تخفت انارة المشهد , مع صوت فتح باب , الا بقعة ضوء تتركز على رحيق التي تجلس القرفصاء )
هل سمعتِ ؟ لقد اصبح ابوك كما هي أمكِ , حساسا لما تلاقين , يشكو ما تحسين , ( تضع رأسها على الارض بحيث تلامس أذنها الأرض )
يااااااه ما أجمل صوته الرخيم وهو يأن الما ً لأجلي , كم كنت قاسيةً بحقك أبي ,
( تنهض ) يا الهي انه يلعنك بشدة لأجلي , سامحه لأجلي يا رب , فهو أبي
( ترجع الى وضعها السابق بسرعة ) لا .. عليّ ان ارهف السمع اكثر , ( صمت) ..
( تتغير ملامح وجهها بسرعة ) تفوووو ... ما هذا القرف
( يرن الهاتف) .. لا لن أجيب , أعرف من المتصل , لا بد وأن صديقتي ولدت , نعم أعرف ماذا انجبت ربما صبي , نعم سيكون لها زوج واربعة اولاد ,
( صمت ) لا .. لا ليس في قلبي أي حسد تجاهها , أنا فرحة , أنظري ( تتصنع الابتسام ) ربما ليس بينهم ابدا واحد على الاقل يمكنه ان يحمي زهرتي الجميلة , ( صمت ) وربما كان , من يدري ؟
( تنهض ) عليّ ان اجد الجريدة ( صمت ) لا .. لا لن اعود الى الخبر ذاته , أنا ابحث عنها فقط لكونها جريدة , نعم لأتسلى بها ربما أضيع بها بعض الوقت حالما يعود , ( صمت ) ولكن عندي غيرها الكثير , ( صمت ) هل سأبحث عن غيرها ؟ نعم فذلك يسهل لي استهلاك المزيد من الوقت , ( صمت ) ولكن هذه متوفرة وربما كان البحث اضنى عليّ من أي شيء , ( صمت ) صعبان لا ثالث لهما , الانتظار والبحث , ربما لو تناولت هذه الجريدة لوفرت على نفسي عناء البحث , ورضيت بهم الانتظار , أضعف الايمان , نعم ,
( تتناول الجريدة من الارض وتقرأ ) " اغرب تحقيق صحفي " ( صمت ) ( ثم تقرأ ) " ظاهرة غير مسبوقة ربما ..... ) ( صمت ) ( تواصل ) " وقالت مراسلتنا في حديثها مع رحيق , ( صمت ودهشة )
الفتاة التي حرص والدها لسنوات على منع اي خاطب من الزواج بها ليتزوجها هو بعد ذلك ( صمت عميق وبكاء )
( تواصل القراءة وهي في شبه غيبوبة )
, وفي سؤالنا عمّا سوغ لهم الاقدام على مثل هذا الامر قالت رهف : ان والدي لم يكن يعترف باي من القوانين وكلها كان يصفها بالمادية التي لا تراعي انسانية الفرد "
( تنهار ببكاء متصل )
( اظلام المشهد لبرهة .... ثم تضاء رحيق فقط حيث نراها وهي تلف يديها حول رقبتها ثم تنتزعهما بقوة كمن يحاول تخليص نفسه من حبل ملفوف على رقبته , تدور حول نفسها ببطيء , تتلمس شعرها خصلة بعد أخرى , تدور ثم تدور حتى تقع على الارض )
( تعود لنا الاضاءة على شكل هلامي يحيط رحيق بلون اصفر مخضر وهي تصرخ ) حلم .. حلم .. حلم ... لا بد وانه حلم .. انا متأكدة من ذلك لقد قصصته على صديقتي الطيّبة , لم أكن اعلم بانه سيشاع , كل ذلك كان حلم , لم يكن سوى طيبة مني ( تصرخ ) حماااااااااااقة .. نعم ... بلااااااااااهة
( تخفت الاضاءة الى بقعة ضوء شاحبة ,تبقى تدور في المكان كمن يبحث عن شيء ثم تستقر اخيرا لتظهر لنا " رحيق " وقد تغيرت كثيرا وقد اصبح التعب والهم باديين على ملامحهما وقد سلبها ذلك لمحة الامل والجمال )
( تنهض بتثاقل وتهمس ) لم يبق أمل من قدومه عليّ ان افكر في الحلول الممكنة فالطموح اصبح وهما أو ضربا من الهذيان , عليّ ان اجد الجريدة , لا بد وانها شاخت ولم تعد حلولها ممكنة اليوم فقد مضى من الوقت نصف ساعة , آه كم كان ذلك كثيرا , نصف ساعة !! ربما ماتت الناس وتغيرت الاسواق واوراق العملة , وانا ما زلت اقبع في ذاتي , ( تجد الجريدة بعد بحث قليل , تجلس قرب الدكة وتقرأ ) " عمليات الاخصاب الاصطناعي مكنت كثيرا من النساء من الحصول على اطفال بصحة جيدة وشوارب يقف عليها الصقر , وحتى فتيات لم يتزوجن بعد أصبح بإمكانهن الحصول على الاطفال بالمواصفات التي يرغبن فيها "
( تجلس وتفكر ثم تهمس) نعم الآن وبعد كل ما مضى , سيصبح لي ولد , ربما هو اضعف الايمان , حتى لو لم يتكمن من الحفاظ - لي- على زهرتي لأهديها لأبيه , سيحافظ عليها لنفسه ويهديها يوما لمن سيحب , لا يهم ان يكون له اب , المهم ان يكون ذاته ( تضحك بهستيرية )
( تأخذ الجريدة وتواصل القراءة ) " ولا يتطلب ذلك الامر كثيرا , كل ما هو مهم ان لا تكون المتقدمة ممن يرغبن بالاحتفاظ بكونهن فتيات لان ذلك سيُذهب ما يجعلهن كذلك "
( ترمي بالجريدة بعيدا وتصرخ ) لا يمكنني ذلك , ( تتجه نحو صورة الام ) امي انا ما زلت فتاةً ولا تصدقي الاحلام ( تصيح ) امــــــــــــــــــــــي , ( صوت طرق شديد على الباب يصل الى حد توقع ان الباب سيكسر )
( تنصت رحيق ) نعم هل تسمعين يا امي ؟ انهم يريدون قتلي ؟! ( تضحك بهستيرية ) أمي ينعتوني بالعاااااا ( تصيبها غصة ) يقولون اني حامل !! ( تضحك بجنون ) أمي هل سمعتِ .؟ يدعون باني فقد كوني بنتا !! أبي ( تصرخ) هذا تأويل رؤياك , أبـــــــي ( تزيح الدكة وتدخل في الحفرة ) ( صوت طرق شديد على الباب , ينكسر بعدها الباب مع صوت جلبة وضجة )
ستــــــــــــار
ستار
ملاحظة مهمة :
لا يجوز إخراج النص , أو الاشتغال على أفكاره وصوره , أو حتى نشره في مكان آخر دون الرجوع للمؤلف
مسلم بديري
العراق /
تلفون : 009647703205506
ايميل : Muslim_tyrant@yahoo.com
* http://www.youtube.com/watch?v=Z3uzvKyg9V0
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat