• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح264 سورة الفرقان الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح264 سورة الفرقان الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم
 
أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً{43} 
تضمنت الآية الكريمة سؤالين : 
1- (  أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) : سؤال تقرير وتعجب , اطاعة هواه وبنى عليه بنيانه , وشرع له دينا من غير حجج ولا براهين .  
2- (  أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً ) : سؤال انكاري , حافظا تحفظه من هواه وتمنعه من الشرك والمعصية .    
 
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً{44} 
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة (  أَمْ تَحْسَبُ ) , تظن , (  أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ ) , سماع تدبر وتفكر , (  أَوْ يَعْقِلُونَ ) , ما تخبرهم به , (  إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ) , النص المبارك يشبههم بالبهائم لعدم انتفاعهم بما يسمعون وعدم تدبرهم بالآيات والحجج التي جئتم بها , ليسوا كالأنعام فقط , بل اشد ضلالا وتيها من الانعام , وذلك : 
1- ان الانعام تنقاد للراعي . 
2- ان الانعام تطلب ما ينفعها , وتترك ما يضرها .
3- كما وان الانعام تميز من يحسن اليها ممن يسيء اليها . 
 
أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً{45} 
تتطرق الآية الكريمة الى ذكر شيئا من صنع الله تعالى , مما يمس الحياة اليومية (  أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ ) , الم تنظر الى صنع ربك , (  كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ) , بسطه , جاء في تفسير القمي عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال "الظل ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس قيل وهو اطيب الاحوال فان الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس يسخن الهواء ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنة فقال وظل ممدود " , (  وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً ) , ساكن لا يتغير , (  ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ) , لولا الشمس لما كان هناك ظلا .    
 
ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً{46} 
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة (  ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا ) ,  اي الظل , فكلما ارتفعت الشمس في السماء تقلص الظل , (  قَبْضاً يَسِيراً ) , قليلا , لتنتظم المصالح .   
 
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً{47}
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقاتها متطرقة الى ثلاث آيات : 
1- (  وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً ) : سترا وغطاء . 
2- (  وَالنَّوْمَ سُبَاتاً ) : راحة للبدن . 
3- (  وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً ) :  تنتشرون فيه لطلب الرزق وقضاء الحوائج .   
 
وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً{48}
تستكمل الآية الكريمة موضوع سابقاتها متطرقة الى آيتين اخريين : 
1- (  وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ) : ارسل الرياح مقدمة مبشرة بهطول المطر .
2- (  وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً ) : ماءا مطهرا بالغ الطهارة .   
 
لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً{49}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة : 
1- (  لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً ) : ما يلازم هطول المطر من نمو الزرع وما يعتاش عليه من الدواب والحشرات .
2- (  وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً ) : احياء الارض الميتة للأكل , فيضيف النص المبارك ان ماء المطر مما يشرب ايضا, فتشرب منه الحيوانات وكذلك الانسان .  
 
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً{50} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ ) , يختلف المفسرون في (  صَرَّفْنَاهُ ) فمنهم من يرى : 
1- قيل صرفنا هذا القول بين الناس في القرآن وساير الكتب . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" . 
2- (  صَرَّفْنَاهُ )  أي المطر , يذهب الى هذا الرأي جملة من المفسرين منهم الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي وكذلك السيوطي في تفسيره الجلالين وغيرهم . 
(  لِيَذَّكَّرُوا ) , ليتفكروا في كمال قدرته وتمام نعمته جل وعلا , (  فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً ) , كفرا بالنعمة وجحودا لها , بأن ينسبوا المطر الى الاسباب الطبيعية مبتعدين عن قدرة الله تعالى وصنعه وتدبيره .    
 
وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً{51} 
الآية الكريمة تخاطب الرسول الكريم محمد "ص واله" ويشمل الخطاب سائر الناس (  وَلَوْ شِئْنَا ) , لو اردنا , (  لَبَعَثْنَا ) , لأرسل الله تعالى , (  فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً ) , في كل قرية نبيا منذرا , ينذرهم ويخوفهم عقاب الله تعالى ويوم الاخرة , فيخفف عنك من اعباء النبوة واداء الرسالة , لكن الله تعالى خصّك بها دون سائر الرسل والانبياء "ع" تعظيما لشأنك واجلالا لك وتفضيلا لك على سائر الرسل والانبياء "ع" , فقابل ذلك بالثبات عليها والاجتهاد فيها اظهارا للحق .      
 
فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً{52} 
يستمر الخطاب في الآية الكريمة ناهيا وامرا , اما ناهيا (  فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ ) , في هواهم وما يريدون منك ان تترك شيئا مما ارسلت به , وامرا (  وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ) , وجاهد الكفار بالقرآن الكريم جهادا لا فتور فيه .
الآية الكريمة في جملتها حثت وحضت الرسول الكريم محمد "ص واله" وسائر المؤمنين ان لا يتهاونوا او يفتروا في مساعيهم لنشر الاسلام والجهاد , او ما هم عليه من الايمان والالتزام بالشرائع .     
 
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً{53} 
تضيف الآية الكريمة آية اخرى من آيات وعجائب قدرته جل وعلا (  وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ) , متجاورين متلاصقين , لا يتمازجان , (  هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ) , احدهما عذب , بالغ العذوبة , (  وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ) , والاخر مالح , شديد الملوحة , (  وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا ) , وضع جل وعلا بين البحرين :  
1- (  بَرْزَخاً ) : حاجزا , مانعا ان يختلط احدهما بالأخر . 
2- (  وَحِجْراً مَّحْجُوراً ) : لا يغير احدهما طعم الاخر . 
 
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً{54}
تضيف الآية الكريمة آية اخرى من آيات وعجائب قدرته جل وعلا (  وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً ) , يختلف المفسرون في كينونة هذا الماء , فمنهم من قال : 
1- الماء المعلوم الذي خمّرت به طينة ادم "ع" , يذهب الى مثل هذا الرأي جملة من المفسرين منهم الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج4 .  
2- النطفة "المني" , يذهب الى مثل هذا الرأي جملة من المفسرين منهم الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج4 والسيوطي في تفسيره الجلالين وغيرهم .     
(  فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً ) , بعد ان تكامل خلق الانسان , لابد من وسيلة للتكاثر وحفظ النوع وديمومته , فقسمه الخالق جل وعلا الى قسمين : 
1- (  فَجَعَلَهُ نَسَباً ) : ذا نسب , او ذكورا ينسب اليهم . 
2- (  وَصِهْراً ) : ذوات صهر , اي اناث يصاهر بهن .       
(  وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) , قادرا مقتدرا في خلقه وصنعه وتدبيره , " حيث خلق من مادة واحدة بشرا ذا اعضاء مختلفة وطباع متباعدة وجعله قسمين متقابلين" . 'تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني' .   



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=58512
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 01
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20