العصبية .... بين الألتزام.... والأنانية !
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من أخطر المشاكل الأجتماعية التي نعيشها مشكلة العصبية ، نحن نتعصب دائماً ،نتعصب ذاتياً،فنتعصب لأنفسنا ، ونتعصب لعوائلنا ،ونتعصب لبلدنا ،ونتعصب وطنياً وقومياً ، ونتعصب طائفياً ،ونتعصب حزبياً ، نحن في الواقع مجتمع العصبيات ،والعصبيات نوع من أنواع الأنانية،تتميز بأنها قد تضيق وقد تتسع أيضاً ،فمامعنى أن نتعصب ؟
العصبية معناها إنك تلتزم هذا ...وترفض ذاك ،أيضاً أن تتعصب بمعنى أن تجعل الحق معك ولو كنت مخطئاً ، وأن تجعل جماعتك في موقع التقدير والتعظيم ، حتى لو كانوا مستحقين التحقير ..
هذه هي العصبية ...وهو أن تعتبر أن جماعتك وحزبك وعشيرتك وطائفتك على الحق دائماً ، وهكذا تعتبر أن كل شيءيتصل بك أو بما تريد أن تلتزمه هو حق، وكل شيء يتصل بالآخرين هو باطل !!
نحن متعصبون ...وأول من تعصب وقادته عصبيته إلى النار هو إبليس ، حين تعصب لعنصره فقال [أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ] الأعراف 12،وهكذا نحن نعتبر أن عشيرتنا أعظم من العشيرة الأخرى، كذلك فإننا في الطائفة وفي الحزب وفي الحركة وفي المنظمة وفي كل شيء من الأشياء التي نعيشها نحن نتعصب لأننا مجتمع العصبيات ،ومشكلة مجتمع العصبيات أنه يسحق الحق لحساب الباطل ، حتى لو رأى الحق أمامه ،فهو يسحقة كما فعل إبليس ،وإبليس كان يعرف الله معرفة كبيرة ، وكان العابد وهو يعرف أن طاعة الله تؤدي بالأنسان إلى النجاة ، ومعصيته إلى النار ،ولكن عصبيته جعلته يتمرد على الله سبحانه وتعالى (أأسجد لمن خلقت طيناً ]الأسراء 61،كل منا يقول :أنا لاأخضع لأبن العشيرة الفلانية ، وغير ممكن أن أخضع لأبن العائلة الفلانية ؟غير ممكن ، أنا لاأخضع لأبن المحور السياسي هذا ؟إذا كان الحق معه فلماذا لاتخضع ؟ أنت لست تخضع له بل أنت تخضع للحق والعصبية تقود للكبرياء ، والكبرياء يقود إلى الكفر أو الضلال ، وهما يقودان الأنسان إلى النار !!
لهذا لابد أن نفكر بأن نغير طبيعة العصبية في أنفسنا ،أن نفرق بين شيئين :بين الألتزام وبين العصبية ،فرق بين أن نلتزم بفكر أو خطٍ أو بقيادة ، وبين أن نتعصب ، فعلينا أن نعمل على أن نغير أنفسنا في مجتمعنا ...
وهناك معضلة أخرى ،فنحن نتربى على الأنانية ، يربينا آباؤونا عليها ،ويربينا مجتمعنا عليها ، وفي مجتمعنا نتربى على أن لايطيق أحدنا أن يكون هناك شخص مماثل لنا على مستوى الأشخاص وعلى مستوى الجماعات وفي المواقع السياسية أو الدينية أو الأقتصادية أو الأجتماعية ،وعندما يقال للأنسان إن الساحة تسعك وتسع الناس الآخرين ، وإن السوق يمكن أن يربحك ويربح التاجر الذي إلى جانبك ،وإن المجتمع يمكن أن تتعايش فيه أنت والآخرون من دون أن ينقص من حظك أو ينقص من حظ الآخرين شيء،فلماذا نريد أن نلغي وجود الآخرين ونقضي على دورهم وموقعهم في هذه الحياة ؟لماذا والساحة يمكن أن تتسع لنا وتتسع للآخرين ، ولكن الأنانية والعصبية تصرخ في داخل أنفسنا،لاللأخرين ....أنا وحدي القيادة ،وأنا وحدي التجارة ،وأنا وحدي الأجتماع ، الأنانية تفرض نفسها على الناس وتخرب حياة الناس ...!!
نحن كثيراً مانتسائل : لماذا نتقاتل وندمر ونتعصب ونتباغض؟ ونبحث عن الحل ولن نجد الحل إلا إذا إستطعنا أن نخضع لخطة إيمانية نغيير فيها مافسد من أفكارنا ومن أخلاقنا ومن عواطفنا ، فأن التغيير في الداخل سوف ينعكس على الخارج فنحن عندما لانكون في مواقع الأنانية فلاشك أننا سنتعاون مع بعضنابكل أريحية وعندما لانكون في مواقع العصبية سيستمع بعضنا للبعض الآخر ، لكن كيف يمكن أن نغيير المجتمع من دون أن نغيير العناصر الأساسية الفكرية والروحية والعقلية والعاطفية التي صنعت مأساة المجتمع ؟
نحن نعرف أن كل النتائج السلبية التي تأتي من الأنانية ومن العصبية لايمكن أن تتغير ،وأن كل أوضاع الصراع التي نعيشها وكل المشاكل الآتية من العصبية ومن الأنانية لن تُحل مادامت نفوسنا مشبعة بهما، لأن مافي نفوسنا ينعكس على أعمالنا ، ولأن الله تعالى قال [لايغير الله مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم ] لهذا لابد أن نغير هذا الشيء الداخلي حتى نحقق أهدافنا الخارجية بكل سعادة وإطمئنان ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat