للسورة الشريفة فضائل وخصائص جمة , منها ما ورد في كتاب ثواب الاعمال عن الامام الباقر عليه السلام : من أدمن في فرائضه ونوافله سورة ق وسع الله عليه في رزقه وأعطاه كتابه بيمينه وحاسبه حسابا يسيرا .
بسم الله الرحمن الرحيم
ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ{1}
تستهل السورة الشريفة بــ ( ق ) , وللمفسرين فيه اراء كثيرة منها :
- انه حرف من الحروف النورانية "المقطعة" .
- عن الصادق عليه السلام وأما "ق" فهو الجبل المحيط بالأرض وخضرة السماء منه وبه يمسك الله الارض أن تميد بأهلها . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
- اما القمي فيرى في تفسيره ان " ق جبل محيط بالدنيا من وراء يأجوج ومأجوج وهو قسم " .
( وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ) , قسم , ذو المجد والشرف .
بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ{2}
تستمر الآية الكريمة ( بَلْ عَجِبُوا ) , قريشا , ( أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ ) , الرسول الكريم محمد "ص واله" , من بينهم يخوفهم ويحذرهم من النار , ( فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ) , فقال الكفار ان هذا الانذار مما يعجب منه .
أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ{3}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة مبينة سبب الغرابة والتعجب ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ) , أبعد ان نموت وتندرس اجسامنا بالتراب سنبعث من جديد , ( ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) , ذلك الرجع بعيد الوقوع والتحقق , وهكذا اعتقدوا استحالته .
قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ{4}
تستمر الآية الكريمة محققة ( قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ ) , ما تأكله من اجساد موتاهم , ( وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ) , يرى اغلب المفسرين انه اللوح المحفوظ , وهو محفوظ بمعنى : 1- حافظا لكل التفاصيل صغيرة كانت او كبيرة .
2- محفوظ من التغيير او التبديل .
3 – محفوظ من التلاعب والحذف .
بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ{5}
تستمر الآية الكريمة مبينة ( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ ) , بل ان الكفار كذبوا بكل ما جاءهم به النبي الكريم محمد "ص واله" , ( فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ ) , مضطرب , لا يستقر على حال , تارة يقولون انه ساحر واخرى يقولون انه كاهن ومرة يقولون انه درس ذلك واخذه من رجل اعجمي او من اهل الكتاب ... الخ .
أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ{6}
تضمنت الآية الكريمة سؤالا توجيهيا اخباريا ( أَفَلَمْ يَنظُرُوا ) , الكفار حين انكروا البعث , ( إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ ) , حيث اثار قدرته وتدبيره جل وعلا , ( كَيْفَ ) , فيتفكروا في كيفية :
- ( بَنَيْنَاهَا ) : رفعناها .
- ( وَزَيَّنَّاهَا ) : بالكواكب والنجوم .
- ( وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ) : شقوق او فتوق تعيبها , ما يدل ويؤكد كمال خلقه .
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ{7}
تمضي الآية الكريمة قدما في موضوع سابقتها الكريمة منتقلة هذه المرة الى الارض ( وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا ) , بسطناها , دحوناها , ( وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ ) , الجبال الثوابت , ( وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) , من كل صنف يبهج النفوس ويسر الناظرين .
تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ{8}
تستمر الآية الكريمة مبينة ( تَبْصِرَةً ) , تبصرة منه تعالى الى عباده , ( وَذِكْرَى ) , وكذلك هي ذكرى "تذكير" , ( لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ ) , كثير الرجوع الى ربه , متفكر في بديع صنعه .
وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ{9}
الآية الكريمة مضيفة ( وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) , الغيث , ( مُّبَارَكاً ) , كثير النفع , ( فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ ) , مختلف انواع البساتين , ( وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) , حبوب الزرع التي تحصد , كالحنطة والشعير وغيرها .
( عن الباقر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله في هذه الآية ليس من ماء في الارض إلا وقد خالطه ماء السماء ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ{10}
تضيف الآية الكريمة ( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ) , طوالا , ( لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ ) , منضود متراكب بعضه فوق بعض .
رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ{11}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( رِزْقاً لِّلْعِبَادِ ) , البر والفاجر منهم , ( وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً ) , كأحياء الارض القاحلة بالماء , ( كَذَلِكَ الْخُرُوجُ ) , كما انزلنا الماء فأنبتت الارض القاحلة ودبت فيها الحياة , كذلك تخرجون احياء بعد موتكم وهو جوابا لقولهم ( أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ) .
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ{12}
تضيف الآية الكريمة ( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ) , ليس وحدهم من كذب برسالتك , بل ان الامم السابقة كذبت رسلهم ايضا كقوم نوح "ع" ( وَأَصْحَابُ الرَّسِّ ) , يختلف المفسرون في شأنهم , فمنهم من يقول هم الذين ارسوا نبيهم , واخرون يرون انهم اصحاب البئر وكان نبيهم حنظلة بن صفوان , ( وَثَمُودُ ) , قوم صالح "ع" .
وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ{13}
تضيف الآية الكريمة اقواما اخرى ( وَعَادٌ ) , قوم هود "ع" , ( وَفِرْعَوْنُ ) , ليس فرعون وحده المقصود , بل ذلك يشمل قومه , ( وَإِخْوَانُ لُوطٍ ) , قوم لوط "ع" .
وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ{14}
تذكر الآية الكريمة اقواما اخرى ( وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ ) , اصحاب الغيضة وهم قوم شعيب "ع" , ( وَقَوْمُ تُبَّعٍ ) , يرى بعض المفسرين انهم قوم ملك في اليمن , اسلم ودعا قومه الى الاسلام , فكذبوه "تفسير الجلالين للسيوطي" , ( كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ ) , كل قوم منهم كذبوا رسلهم , كما كذبتك قريش , ( فَحَقَّ وَعِيدِ ) , فاستوجبوا بذلك الهلاك والعذاب , في الآية الكريمة تسلية للرسول الكريم محمد "ص واله" وايضا تهديدا لمشركي قريش .
أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ{15}
تستمر الآية الكريمة ( أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ) , لم يعيينا الخلق الاول , فلا تعينا الاعادة , ( بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ ) , شك , ( مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ) , من البعث , وبمعنى اخر , انهم لا ينكرون قدرته جل وعلا في الخلق الاول , لكنهم في حالة خلط وشبهة وريب في استئناف الخلق .
( عن الباقر عليه السلام أنه سئل عن هذه الاية فقال تأويل ذلك أن الله تعالى إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم وسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار جدد الله عالما غير هذا العالم وجدد خلقا من غير فحولة ولا اناث يعبدونه ويوحدونه وخلق لهم أرضا غير هذه الارض تحملهم وسماء غير هذه السماء تظلهم لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد وترى أن الله لم يخلق بشرا غيركم بلى والله لقد خلق ألف ألف عالم وألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم واولئك الادميين ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat