صفحة الكاتب : يوسف هداي ميس الشمري

 بكاء ابنته الصغيرة يشرخ له فؤاده، ليتها تبكي من عارض ألم بها، أو مرض لا يكاد أن يفارقها، لكان الأمر عليه هين، ولكنها تبكي من الجوع . لم تتعش في الليلة البارحة فنامت على البكاء، وكأنها تعلم بأنها لن تجد ما تسد به رمقها هذا الصباح، فاستفاقت تصرخ بوجه الدنيا معلنة أنها جائعة. تريد أن تملأ بطنها الخاوية كما هو حال بقية الأطفال في جميع أنحاء المعمورة .
اليوم هو الأول في حظر التجوال . هب من فراشه على عجالة إلى المغسلة، وذهنه يسترجع أسبوعا عصيبا قضاه عاطلا عن العمل، بسبب المعارك الحامية التي اشتعلت في قلب المدينة ، ثم ما لبت أن أرسلت حممها إلى بقية الضواحي والأحياء . فتح الصنبور، ثم بسط كفيه، وضعهما تحت الماء المنهمر بغزارة، كان اليوم الأول من المعارك بمثابة استراحة له،أما الثاني فقد بدأت معالم الأزمة بالظهور، سبع بنات مع أمهن ولا معيل لهن سواه، ولما تزل المعارك محتدمة بعد .
انتظر الفرج يأتيه لاحقا ، ولكن بلا فائدة . بل كانت الأمور في تفاقم مستمر، إذ نفدت المؤونة من بيتهم. فحزموا بطونهم جياعا . .
نظر للماء المهدور على كفيه، لعل الدماء التي أريقت تفوق هذا الماء بكثير .
غسل وجهه، ثم ارتدى ملابس العمل، أبصر امرأته وهي تهديء ابنتها، تذكر وجهها حين عادت خاوية اليدين، بعد أن اعتذرن لها كل جاراتها عن المساعدة ، فالمحنة قد طالتهن كذلك . طيلة يوم أمس لم يذوقوا إلا بعضا من حروف الخبز اليابس، تكاد معدته ان تجف من قلة الأكل، الجوع أنهكه حتى أثر على حيويته في الحركة .
_ الحمد لله فالأزمة قد انتهت .
خرج من داره مسرعا ، يحدوه الأمل في استحصال قوت عياله . رأى جاره يمشي قبالته، وقبل أن يحييه ، بادره قائلا :
_ إلى اين ذاهب ؟ .
وخزه بنظرة حيرى من دون أن ينبس .
أردف :
_ لقد نشب القتال مجددا .
مضى الرجل في طريقه دون أن يتوقف ، فيما بقى مشدوها لهذا الخبر الذي اتلف له أعصابه ، هل يؤوب لبيته؟ لن يجد غير ثلة من البنات يحطمهن الجوع . خب راجعا، دفر الباب ، أخرج بندقيته ، تأكد من جاهزيتها للرمي، عبر عتبة الباب، رمى اطلاقتين في الهواء، ثم حث الخطو عدوا نحو السوق .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يوسف هداي ميس الشمري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/12/21



كتابة تعليق لموضوع : قال أبو ذر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net