صفحة الكاتب : د . محمد تقي جون

منامات ابن سيا المنامة الأولى النقطة الأولى
د . محمد تقي جون

المنامة الأولى النقطة الأولى امريكا احتلت الكويت!

 في فجر حصاريّ مفعم بالتلاشي والتجاعيد والدوائر، جلس ابن سيَّا شارداً فمعاوداً، يبحث عن النقطة الأولى.

" الحصار كان نتيجة عن احتلال الكويت. والحصار مصنوع مصطنع لتغيير مجرى حياة العراق وأخلاق العراقيين الى الهاوية. فالحصار تابع للاحتلال، والاحتلال متبوع بالحصار: تابع ومتبوع.. حلقات من الأسى والذل والجوع "!!

يحق لابن سيَّا المتوغل في المحنة غير الواغل فيها ولا الوارش، أن يؤشر ما يؤشر فكلامه موثوق وحدسه مؤتمن. قال: " ان صدام الذي جيء به للحروب مِسعَراً كان في كل تصرفاته مسيَّراً، بل كل حركاته وكلماته وحتى هواياته اشتغل عليها مصمم وماكير وسينارست ومخرج.. فليس بعد هذا التصور أن يكون احتلال الكويت برغبته الشخصية!!

وبناء عليه:

ليس صدام وحده من احتلَّ الكويت، بل امريكا واسرائيل بمساعدة بعض الخليجيين والكويتيين، بالاتفاق مع صدام. وقد قاومهم الشعب الكويتي ببسالة، وعارضه أكثر العراقيين (في قلوبهم) ببسالة، واستغفل وأغري عراقيون – كالعادة – فكانوا اداة الاحتلال.

ثم صمت طويلاً واستطرد... " إن قراءة الأحداث وفق المعادلة الرياضية تؤكد: أن الشعب العراقي والشعب الكويتي عانيا معاً تلك المأساة (المتشعبة) و(المركبة)" وأكمل:

" مثلت فكرة (احتلال الكويت) قنبلة موقوتة في غيب تاريخ الكويت الحديث، أو (سيفاً) مصلتاً مسلَّطاً على الكويت منذ استقلاله ومطالبة الحكومات العراقية به. فهي قضية مفتوحة وجدت امريكا ضرورة ايجاد انهاية جذرية لها وغلق ملفها للأبد. وممكن قراءة ذلك من ان كل من طالب بالكويت تمت تصفيته من قبل بريطانيا وامريكا. فقد طالب به وهدَّد باستعادته بالقوة (الملك غازي) وحكومات: (نوري السعيد)، و(عبد الكريم قاسم)، و(عبد السلام عارف) بوصفه قطعة من العراق (وكلهم ماتوا قتلا)، واستمرت الفكرة بعدهم قنبلة أو سيفاً مصلتاً.

وقد اشتغلت الادارة (الإسرا- مريكية) على إبطال هذه القنبلة وكسر هذا السيف. ووجدت أن هذا لا يتمّ الا بمساعدة حاكم عراقي (متعاون) ليقضي على الفكرة بالمرة أو (فد مرة). ثمَّ لأنه (متعاون) سيخرج من الكويت بلعبة حرب مضمونة. فضلا عن تحقيق هدف امريكي آخر هو تهديم العراق وتحطيم الانسان العراقي، ووضع حدود نفسية بين البلدين والشعبين، مستحيلة الاختراق في يوم ما أو رئيس ما، فالفواصل النفسية على الازالة عصية، والتذرع لفرض الحصار فصار في العراق ما صار.

وأخذاً للاحتياط من قوة الجيش العراقي، حطّم صدام جيشه؛ فكان حين دخل الكويت بمعنويات ميتة، وبأرثّ حالة من الجوع والعري المختلف، فالجندي (المترف في حرب ايران) صار يستجدي الاجرة (الكروة) ويأكل وجبة واحدة. وقبل الهجوم أمر صدام الطيارين أن يطيروا على ارتفاع 100 متر فقط! وحين اعترض قائد سلاح الجو بأنَّ الطائرات على هذا الارتفاع تثير التراب وترفعه الى عنان السماء فتجعل الطائرات تصطدم ببعضها وتحطم نفسها بنفسها، أعدمه صدام!! مما جعل الطيارين بين خائف محطم النفس، أو خائف هارب الى ايران.. ولذا انهزم الجيش بلا مقاومة بالضربات الاميريكية.

وممكن تسمية عملية احتلال الكويت بهذا الجيش الميت بـ(عملية البنسلين)! اذ يحقن المريض بخلايا ميتة من المرض لقتل الخلايا الفعالة، وهكذا حقن الكويت بجيش ميت لقتل فكرة  ًاحتلاله بجيش قوي مستقبلاً والشفاء منها تماما .

وبوصفه جزءاً من العملية، أطلق صدام كلاباً بشرية دسَّها في الجيش العراقي الباسل ضخم التاريخ المناضل، فعاثت فساداً واعتداءً واغرت غيرها من الجيش، فظهر العراقيون في اعين الناس لا اخوانيين ولا انسانيين ولا اخلاقيين، مما جعل الكويتيين ردَّ فعل عن ذلك يبنون جدارا نفسيا بينهم وبين العراقيين، يفصل الارض ويمتد الى السماء، فلا يلتقيان يوماً، وهو طعم بلعه الشعبان، فبني جدار ماجوجي يطاول الابد.

إذاً الكويت احتلت بارادة عالمية وعون عربي! يدل على ذلك ان هوليود انتجت فيلما بعنوان (الدفاع الأفضل) من اخراج اليهودي ويلارد هويك يصور الجيش العراقي وهو يحتل الكويت قبل الاحتلال الفعلي بست سنوات!! وقد نشرت مجلة الوطن (1984) والعربي (نيسان 1988) الكويتيتان ذلك، الا انه مرَّ على العيون بلا (قراءة). وقد التقت مصالح امريكا واسرائل وبعض عرب الخليج بما نفذه طائعاً كلبهم صدام واكثر طوعاً أتباعه (البعثيون) الذين يطبقون الحكمة الهندية للقرود الثلاثة (لا ارى، لا اسمع، لا أتكلم) والتي عبرت عنه اللغة الفارسية بـ(سي بندي). 

نتيجة مبهرة توصل إليها ابن سيَّا الذي عانى الحصار وغاص في مآسيه وغاض حتى فاض بلؤلؤة حقيقته. كان ابن سيَّا يفكر كالنار بتهلب.. فيخبو ثم يشبّ: وأردف مضيفاً في الدليل ومفيضاً: ليت الشعبين يعودان أخوين جارين، ويمحيان جبال الحقد التي زرعها الساسة والسياسة، وقفز صائحاً وبألمٍ صادحاً:

شعبَ الكويت ليتَ من      عاديته آخيْـــــــــــتْ

أخٌ وجارٌ يا لهـــا                  أمنيــــــــــــةً يا ليْتْ

أخــــــــوك من أبٍ وأمٍّ ..لهـــــــــــما انتمــــــــــــيْتْ

عروبة زكت دماً        وشرفـــــــــت من بيتْ

من مائها وتربها        جُبلتَ فاستـــــــــويْتْ

جيشُ العراق ما أتى     للفوز بل للفـــــوْتْ

أتاك مهزوماً بلا    حولٍ، وعزمٍ مَيْـــــتْ

هل دار في بالك أو      ظننتَ أو ظنـــــــــــيَّتْ

أن قوى الشرِّ التي    إحتلتِ الكويـــــــــــتْ

ليس العراقيين بل    (يُونايتتد إستيْــــتْْ)

وعملاء بذلوا    شعوبهــــــــــم للموتْ


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد تقي جون
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/01/16



كتابة تعليق لموضوع : منامات ابن سيا المنامة الأولى النقطة الأولى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net