مهما تنوعت الأساليب الحداثوية في الشعر لابد ان يقف المتأمل امام معطيات الذات فبدونها لا يمكن انبثاق أي موقف حياتي خاص أو انساني عام ،ولهذا نجد الحق مع من يرى ان الغرضية تبقى هي الجزء النابض في القصيدة الشعرية كي يتمكن الأثر الجمالي من الولوج الى عمق المعنى ،مع حرية اختيار الشاعر للأسلوب الانسب لاحتواء امكانيته الشعرية ، فالبعض يبلور ذاتيته عبر تجليات مضمونية و يؤسس مكوناته الشعرية عبر فضاءات البوح الشعري ، اشتغالات شعرية تجعلنا ننشغل باستجابة شعورية تختصر المعنى الجمالي وقد سخر الشاعر ( احمد جاسم العبيدي ) في مجموعته الشعرية ( يا غريمي ) مفاهيم التضاد لحمل هذه الذاتية الى مرابع الموضوعية ، فيتكفل بنية اعتمرت الهجاء الغاضب الساعي لتعميم القضية الشعورية بالبعد الانفعالي
( لقد شطبتك من قاموس ذاكرتي
يا دمية صنعت من ابخس الورق
في النار لما دنت منكم زبانية
قالوا : نعوذ برب (الناس والفلق ..ص8)
تكمن تفاعلية الرؤيا في بعدها الفردي الذاتي وعند الشاعر العبيدي يكون المكون التضادي الغاضب قد تجاوز مديات الخاص
( للجالدين على النوى بين الورى
للصارخين بصوتهم والصوت رد
للحالمين العاشقين لشملهم
للمبعدين ومالهم في الهجر يد..ص12 )
تحرك بفسحة من عوالم عديدة ومنها عوالم الهجاء وجعلها قطبا محوريا بدءا من اختيار العنونة الغريم فياء غريمي اعطتنا اكثر من محور اشتغالي ، من الممكن ان نرى ان الياء حققت الغريم الكفؤ ومن الممكن استخدمته كلهجة توبيخية مضمرة جعلته يجول في منطقية اثبات الحق ودحض الانكار بالمحاججة الشعرية وبلغة مطواعة توسعت فيها العبار ة ليسمو الشعر
( خيطت أمسي في غدي يا حاضرا
من أجل آت نافع أعطي لغد ص14)
حضور يعرش لأفاق مستقبلية لها قدرة التحدي وتواصلية خطاب فني متنوع كالرسم والخط والصحافة ، وهذا التنوع قاده الى تقديم نداوة ابداعية متنوعة رشيقة لخلق جو يسوده الابداع فقدم ابياتا تقرا من الوجهين
( مودته تدوم لكل هول
وهل كل مودته تدوم ص27)
فاستعرض تنويعات خلابة من الشعر وقدم مشجرات مذهلة تبين مهارة التصرف الابداعي ، فرسم اشكالا هندسية ومشجرات على شكل مربع ونجمة سباعية وقدم لنا خصوصية الاستعمالات التفردية لأبداع صيغ اسلوبية خاصة كقصيدة الشنشنة حيث جاءت كل مفرداتها حاملة لحرف الشين
( شب الشرار شموسا اشرقت بشرا
والشعب شف الشفا والنشز شاديها
الشيب شجو بشوط الشعر اشهره
والشانؤون كشل الهش تشبيها
شم شريف شفيف الشطر تشرطه
بالشكر يشكو شجيب الشك ينشيها ص39)
وقدم قصيدته الحاسرة وهي قصيدة جميلة دون نقاط
(هطال ماهده الاعصار ماطره
الا وصار بها المهمور للرعد
حمر مدامعه سود علائمه
سمر سواعده للكالح السمد
لله دركم لص سعى لكمو
ردوا الكمال له ، للواحد الصمد ص43 )
ومثل هدا الفعل الابداعي يحمل دلالات الحضور المزدان بعافية الابداع
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat