لِمَاذا أكد الاسلام على ذم حب الدنيا
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

وبما أن لا أحد إلا ويسعى لتأمين إحتياجات نفسه وأهله وكل من يمت إليه بصلة في هذه الدنيا ، فلا بد من وضع حد فاصل بين حب الدنيا
والتعلق بها وبين غير ذلك .
وخير من وضع هذا الحد الفاصل هو أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بقوله : *« الزهد كله بين كلمتين من القرآن ، قال الله سبحانه : " لكيلا تأسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم "* (1) . وبهذه المقولة الشريفة للامام علي ( عليه السلام ) يتضح الحد الفاصل بين التعلق بالدنيا وبين اتخاذها كوسيلة للآخرة .
وقد جسد الرسول الأكرم وأئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) بسيرتهم العطرة وسلوكهم العملي افضل تجسيد لإستثمار الدنيا للآخرة .
وبهذا فقد أوضحوا خطأ من تمسك بالدنيا وفضلها على الآخرة من جهة ، وخطأ من عزف عن الدنيا بكل ما فيها فأهمل مسؤولياته وهجر أزواجه وضيع عياله و أحوج بسلوكه اللاعقلائي أبناءه ، وممن يعتقد بهذا الفكر محمد بن المنكدر الذي روى الامام الصادق (عليه السلام) عنه إنه قال :
"ما كنت ارى ان علي بن الحسين عليه السلام يدع خلقاً أفضل منه حتى رأيت ابنه محمد بن علي عليه السلام فاردت أن أعظه فوعظني فقال له أصحابه : باي شيء وعظك ؟ قال : خرجت الى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني ابو جعفر محمد بن علي وكان رجلا بادنا ثقيلا وهو متكئ على غلامين أسودين أو موليين، فقلت في نفسي:
سبحان الله . شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على مثل هذه الحال في طلب الدنيا، أما إني لاعظنه .
فدنوت منه فسلمت عليه، فرد علي بنهر وهو يتصاب عرقا، فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أرأيت لو جاء أجلك وأنت على هذه الحالة ما كنت تصنع
فقال: لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله عز وجل أكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس و إنما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي الله عزوجل. فقلت: صدقت يرحمك الله، أردت أن أعظك فوعظتني »
إذن فلا إشكال في السعي المرء لسد إحتياجاته واحتياجات من كان مسؤولا عنهم . بل ولا مانع من طلب الرزق الحلال إذا ما حرص على إنفاقه فيما يصح ويجمل
قال أبو بصير : سمعت الامام الصادق ( عليه السلام ) يقول : *« إني لاعمل في بعض ضياعي حتى أعرق ، وإنّ لي من يكفيني ، ليعلم الله عز وجل أني اطلب الرزق الحلال »* (3) .
ولكن الخطر كل الخطر يكمن في التعلق بالدنيا وحبها و تفضيلها على الآخرة .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat