وهل يخفى المرض..؟    
د . منهال جاسم السريح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  اكتشف العلماءُ حتى اليوم ما يربو على المائة والخمسين مرضاً تُعرف بالأمراض المشتركة تصيب الإنسان كما تصيب الحيوان، وقليل من الناس من يعرف أهمية وماهية هذه الأمراض، وقد يكون المعروف منها أقل مما هو مجهول؛ ففي كل عام نسمع عن اكتشاف مسببات مرضية جديدة كان من المعروف الى وقت قريب أنها لا تصيب إلا الحيوان، كان آخر ما تم اكتشافه البريونات الممرضة، والتي تسبب مرض جنون البقر.
 ويرجح العلماءُ سبب ازدياد هذه الأمراض وانتشارها الى زيادة احتكاك الإنسان المباشر بالحيوان، اذ ازدادت تربية الحيوانات الأليفة خاصة الكلاب والقطط وحتى الخنازير وعيشها مع الإنسان تحت سقف واحد، وتماسها المتواصل مع أفراد العائلة خاصة الأطفال. ومازاد الأمر تعقيداً هو العادات التي ألفها الآسيويون والغربيون وهي العيش مع بعض الحيوانات التي كانت بالأمس القريب تعتبر من حيوانات الغابة أو أنها خاصة بالتجارب في المختبرات العلمية كالقردة والجرذان البرية وغيرها من الحيوانات البعيدة عن المجتمعات البشرية، إضافة الى مختلف الطيور والدواجن المختلفة التي أصبحت أساس غذائنا واقتصادنا.
 ومع القلق الذي أتعب النفوس، وتشاؤم علماء البيولوجيا من فرص انتقال العديد من الأمراض الجرثومية من الحيوان الى الانسان والعكس بالعكس.. يطلع علينا البعض قائلاً: إن الأمراض النفسية أو العقلية فقط لا يمكن أن تنتقل من الإنسان الى الحيوان، كمرض جنون العظمة، وانفصام الشخصية، أو العيش في عالم الأحلام، أو تقليد الآخرين، أو الوقوع في غرام المال وحب الذات والأنا أو غيرها من أمراض الوهم والخيال أو حتى الأمراض الفكرية.
 لكن لم يتكلم أحد عن امكانية إنتقال بعض الأمراض النفسية من الحيوان الى الإنسان، ورغم عدم وجود أي دليل مادي على ذلك، فان القرائن وربما بعض الوقائع والقصص تخبرنا بحدوث ذلك منذ مئات السنين...! وإلا بماذا نفسر سلوك الأشخاص الذين يتلونون كل يوم ألف مرة مع علمنا أن التلون والتلوين هبة الطبيعة للحيوان، وسلاح من أجل البقاء..! وماذا نقول عن أولئك الذين يزحفون كالأفاعي غير ظاهرين للعيان الى أن تسنح الفرصة لهم للانقضاض على فريستهم واشباعها لسعاً ولدغاً مميتاً؟ أو الذين هم كالوطاويط لا يعملون إلا في الظلام؟
وماذا نتحدث ونقول عن الذين زادوا على الذئاب في همجيتهم وشراستهم؟
وماذا نقول عن أولئك الذين هم كالغربان السوداء التي لا تعيش إلا على نتن الأجساد ورائحة الموت وأشلاء الجثث المتناثرة؟...
أليست هذه صفات قد تكون انتقلت من الحيوان الى الإنسان؟
ولكن حتى اذا خفيت الأسباب او اختفت.. فهل يخفى المرض؟

الموضوع السابق ( العلويات ) ح 23 ( الضيوف ولكن )

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat