صفحة الكاتب : سلمان رشيد الهلالي

الفرق بين المثقف الشيعي والمثقف السني (دراسة في سايكولوجية المثقف الشيعي والسني في العراق)
سلمان رشيد الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ان المتتبع الخبير والذكي والمتسامي عن الايديولوجيات الخطابية والثورية والانساق الثقافية التقليدية السائدة ,يجد في الدراسات والمقالات التي ينشرها يوميا بالانترنت الكتاب والمثقفون الشيعة تختلف اختلافا كبيرا وبنيويا عن المقالات والدراسات التي ينشرها الكتاب والمثقفون السنة . وهذا الاختلاف يرجع الى اسباب عدة لاحصر لها , ولكن يبقى اهمها طبيعة الشعور بالاقلية والدونية والاستلاب والخصاء عند الكتاب والثقفين الشيعة امام المركزية السنية ,وخضوعهم لتاثيرات الاستهداف الطائفي والقومي الذي قامت بها السلطات الحاكمة السابقة في العراق خلال الاربعون عاما بين (1963 – 2003) , وانعكاسات ذلك الاستهداف على توجهاتهم وميولهم وكتاباتهم , ومحاولة اظهار انفسهم كعلمانيين ووطنيين وعروبيين ومدنيين امام الاخرين من خلال مهاجمة هويتهم ومجتمعهم ورموزهم . ولايمكن ادراج جميع الامثلة التي تعبر عن هذه الحالة المنتشرة التي اعترف بها الكثير (حتى المصابين بها) . ولكن يمكن الاقتصار على الموقفين :
الموقف الاول : بعد سقوط النظام البعثي عام 2003 ظهرت للعلن بقايا عظام المقابر الجماعية التي راح ضحيتها مئات الالاف من الشيعة (والاكراد طبعا ) الذي اعدموا بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991 من قبل النظام البعثي , وضمت الشباب والنساء والاطفال والكهول وغيرهم , ظهر لنا الروائي المعروف الاستاذ عبد الرحمن مجيد الربيعي - وهو شيعي من الناصرية وصاحب رواية (القمر والاسوار) - في لقاء مع جريدة (الشرق الاوسط) السعودية عام 2004 وهو يطالب بغلق هذا الملف (ملف المقابر الجماعية) واسدال الستار عنه بعد اشهر قليلة من اكتشافه بقوله (عليهم ان ينسوا الخطاب القديم، الديكتاتورية والمقابر الجماعية وما شابه، فذاك عهد مضى) !!!!
الموقف الثاني : على النقيض من ذلك موقف الكاتب والمؤرخ ابراهيم العلاف من الموصل في معرض تقييمه الشخصي للزعيم عبد الكريم قاسم , وكيف انه لاينسى له الجرائم التي حصلت في عهده والتي قام بها الشيوعيين في حركة الشواف عام 1959 - رغم انها ليست باوامر منه , وانما من قبل الشيوعيين وجماعة انصار السلام - بالقول (الرجل انا لااحبه كثيرا ,وعلاقتنا وعلاقة الموصل به لم تكن على ما يرام , بسبب ما حدث في سنة 1959 .. لكن للتاريخ حكم وللتاريخ سنن وللتاريخ قوانين لابد من مراعاتها وكتابة ما حدث كما وقع بالضبط , ومن حق الرجل علينا ان نكتب عنه كما هو ، وكما وقع في عهده من احداث بغض النظر عن محبتنا له من عدمها) . بمعنى ان العلاف يعترف بنزاهة ووطنية عبد الكريم قاسم في مقالته في موقع (الحوار المتمدن) , ولكنه تجاوز ذلك التقييم والمفاهيم الوطنية وغيرها الى تصورات مناطقية , فما دامت الموصل تعرضت في عهده الى صراعات ومذابح وتجاوزات من قبل الشيوعيين , فانه لاينسى له ذلك .
فيما ان عبد الرحمن الربيعي , ورغم علمه ان المقابر الجماعية هى لابرياء ونساء واطفال ومن اهل منطقته ومذهبه , وباوامر مباشرة من النظام البعثي الحاكم , الا انه لم يهتم بها فقط , او يكتب عنها , بل ويطالب بنسيانها !!! . ومن المؤكد ان هناك الالاف من المثقفين الشيعة مثل عبد الرحمن الربيعي لم يكتبوا عن المقابر الجماعية ابان الحقبة الديكتاتورية , ولم يذكروا الارهاب بمقالة خاصة او دراسة تحليلية وموضوعية .
ماهو الفرق بين الربيعي الشيعي والعلاف السني رغم ان كلاهما عراقيان ؟؟؟ انه الفرق بين الانسان والمثقف المستلب والمازوم والمتضاد مع هويته ومنطقته (وهو الربيعي) , والانسان والمثقف المتصالح مع هويته وذاته ومذهبه ومنطقته (وهو العلاف) . فالعلاف عندما يكتب وينشر ياخذ في باله اهل منطقته وهويته ومدينته . فيما على النقيض من ذلك عند الاستاذ الربيعي وغيره من الكتاب الشيعة - وخاصة القوميين والشيوعيين - فانه عندما ينشر او يكتب فانه لاياخذ في (باله) او فكره منطقته وهويته ومدينته الناصرية ((كيف يهتم بهؤلاء الصعاليك والمعدان والشروكية ؟؟)) بل ياخذ في (باله) وفكره التصورات الايديولوجية والعلمانية والسياسية التي يعتقد بها , والرقيب القومي العربي والسيد الوهمي الطائفي الذي صنع سياقات الثقافة والخطاب والنسق , وبالتالي فانه ينظر اليهم بعين الحاكم القومي والطائفي الاوحد وليس بعينه هو , وهذا هو الفارق بين عبد الرحمن الربيعي الذي يصف الناصرية في روايته (الوشم) ب(رمز العهر السياسي) تقربا للنظام البعثي الحاكم , لان اغلب مثقفيها كانوا من الشيوعيين ,. فيما يصف سيار الجميل مدينته الموصل (براس العراق) او (دماغ العراق) !!! وهذا مثال واحد من الاف الامثلة يمكن ادراجها عن هذا الموضوع , وهو المثال هو الذي يفسر سبب سكوت وتهاون المثقفين والادباء والكتاب الشيعة عن ظاهرة الارهاب بعد 2003 , حيث نادر ماتجد احدهم كتب مقالا خاصا عنه , او عن داعميه من الدول العربية وضحاياه من النساء والاطفال الذين يقتلون يوميا بالمئات في بغداد والمحافظات الجنوبية بالسيارات الانتحارية العربية . ويمكن حصر سبب سكوتهم المريب وجبنهم الواضح الى نقاط عده اهمها :
1 – ظاهرة الحقد على الجماعة الشيعية . فالانسان الشيعي في وسط وجنوب العراق يتراكم حلال سني حياته ومراهقته وشبابه حقدا هائلا على ابناء منطقته واهله ومذهبه وجماعته , لاسباب عشائرية او طبقية او مناطقية او ايديولوجية او سياسية او اجتماعية , او الشعور بالغبن والاضطهاد والفقر والحرمان والعجز عن تحقيق الذات , وعدم وجود سلطة نافذة تنقل ذلك الحقد الى الخارج او الاخر – كما حصل عند اهل السنة - تتزايد الى مدايات اسطورية بعد ان يتحول هذا الانسان من متعلم بسيط الى (كاتب او مثقف او اديب او فنان) , حيث ينتقل الحقد من العاطفة الى الكلام والفعل الذي يتجسد بالكتابة والتبرير , كما في كتابات سيد المخصيين العراقيين اياد الزاملي وهاشم العقابي ورسلي المالكي . ويمكن مراجعة تفاصيل هذا الموضوع في دراستنا في موقع الحوار المتمدن (ظاهرة الحقد في المجتمع العراقي) وهى بخمسة اقسام .
2 – ظاهرة الارتزاق للجهات والدول الخليجية او المحلية . وتجد هذا واضحا في كتابات الكثير من المثقفين الشيعة , ويبدو ان الحقد والدونية خلق الارضية الملائمة لانتشار ظاهرة الارتزاق والترويج للمحور العربي او الخليجي المعتدل مثل الامارات والسعودية , او الكتابة وفق السياسات التي يريدها هذا المحور , كما في كتابات رشيد الخيون وفاطمة المحسن وحميد الكفائي وعزيز الحاج . او الكتابة وفق التصورات والخطابات التي يريدها الامبراطور الاعلامي الكبير في كردستان العراق الاستاذ فخري كريم الذي استدرج الاف من الكتاب والمثقفين الشيعة الى التصورات التي يريدها البرزاني وغيره , كما في كتابات قاسم حسين صالح وكاظم حبيب وعلي حسين , وتجد هذا واضحا في المقالات التي تنشرها جريدة المدى او في مواقع الانترنت وغيرها .وقد صور ظاهرة الارتزاق عند الكتاب الشيوعيين واليساريين للسعودية الشاعر مظفر النواب بقوله (ليس غريبا على سمة العصر ان ترى شيوعيا يصلي خلف اليماني في الحرمين) .
3 – ظاهرة الدونية والاستلاب والخصاء التي يعاني منها مايقارب 90 % من الكتاب والمتعلمين والمثقفين الشيعة , بسبب الاستهداف الطائفي والقومي والبعثي الطويل , وشعورهم بالجبن والتخاذل والهزيمة الذاتية والشخصية ,ومحاولة تعويضها او ترميمها من خلال مهاجمة هويتهم ومناطقهم ومذهبهم واثبات وطنيتهم وعروبتهم وعلمانيتهم امام المركزية السنية المتحكمة بالخطاب الثقافي والسياسي في العالم العربي والاسلامي , وارضاء السيد الوهمي في ضمائرهم وسرائرهم المدجنة , كما في كتابات جعفر المظفر وغيره . وقد صور ذلك عبد الرحمن الربيعي نفسه في رواية (الوشم) بقوله (يوم اعطيت راسي للكتب شربت الجبن والتخاذل . ويوم اعطيته للانتماء عرفت الخيانة والهزيمة) .
وكالعادة .. يرفض الكثير من المثقفين العراقيين وضعهم ضمن هوية معينة (وخاصة الشيعية) بالقول : انهم تجاوزوا تلك الهويات الضيقة الى الفضاء الوطني او العلماني او المدني او اليساري او القومي او الليبرالي , وبالتالي لايجوز الحكم عليهم وفق هذا المنهج . وهذا القول هو مايصرح به يوميا ابناء الاقليات في العالم العربي والاسلامي كالشيعة والكورد والمسيحيين والعلويين والامازيغ والصابئة والدروز واليهود والتركمان والكورد الفيلية وغيرها , ونحن في الوقت الذي نشكرهم على هذا التجاوز والتسامي المصطنع كرد فعل من الاستهداف القومي والديني والاثني والطائفي , نود ان نبين لهم الاتي : انك تجاوزت هذه الهويات الفرعية ظاهريا , ولكن احذر ان تلقي عليك تلك الهويات تبعاتها اللاشعورية التي تبلورة بسبب القرون الطويلة من ذلك الاستهداف والانتقاص من قبل تلك المركزية , حتى تولدت عندك نوعا من العقد والسلوكيات التي تحاول فيها التملق للاخرين وكسب رضاهم وعطفهم . فالاستاذ عبد الرحمن الربيعي تجاوز مشكورا الهوية الشيعية والجنوبية الى فضاء المنظورات العلمانية والقومية , ولكن تلك الهوية الشيعية القت عليه تاثيراتها وتداعياتها اللاشعورية او اللاشعور الجمعي – حسب وصف يونغ – الذي تبلور من خلال الاستهداف القومي والطائفي الطويل . فيما ان الاستاذ العلاف لم يتجاوز مذهبه وهويته ابدا , والسبب لانها توفر له الضمانة والاعتزاز والسلطة , ولم يشعر بالنقص والدونية بسببها , وبالتالي فهو لايتحرج من الانتساب اليها , بل والفخر بها . ونحن في الوقت الذي لانطالب من الربيعي وغيره من الكتاب والادباء والمثقفين الشيعة ان يكون مثل العلاف ((لان هذا مستحيل التحقق عند الشخصية الجنوبية والشيعية)) او التمركز على هويته الجنوبية والشيعية , فاننا نطالبه ايضا ان يكون حذرا من التاثيرات اللاشعورية لتلك الهوية والاستلاب الذي تنتجه , وان يكون موضوعيا ومعرفيا وشجاعا في الحياد والطرح , لان المعرفة قوة كما قال بيكون .
ان تراكم الاستهداف الطائفي والبعثي والقومي جعلت الانسان الشيعي والجنوبي يشعر بثلاث تبعات نفسية خطيرة هى :
1 - الاستلاب : اي الشعور بالعجز عن اثبات المعاني والقيم العصرية والاتهام بالتاخر عنها , او عدم مواكبتها من قبل جهات طائفية وقومية واعلامية نافذة , الامر الذي يجعل المثقف الشيعي في موقع الاستلاب عنها ومحلولة تعويضها من خلال المزايدة عليها . فالجهات الحكومية والطائفية النافذة تتهم الشيعي العراق على الدوام بانه مذهبي ومتدين ومتخلف وطائفي وغير عروبي وطقوسي وعميل وايراني وتبعي , والسبب الوظيفي وراء ذلك هو رغبتها في التحريض على مهاجمة هويته ومذهبه ورموزه والتبرء منها اولا , وترسيخ شعوره بالاستلاب (استلاب المدنية والعلمانية والوطنية والقومية والماركسية والليبرالية والاسلامية) ثانيا , لذا تجده يعمل باي وسيلة الانتساب الى هذه العناوين البراقة المطعون فيها من قبل الحاكم القومي والطائفي السابق والمزايدة عليها والتطرف في الانتساب اليها . ويبدو ان البنية الاصلية لهذه الظاهرة هى واحدة عند الشيعة , وان اختلفت السلوكيات والمظاهر , فالعامة الشيعة يجلدون الاجساد في عاشوراء والمثقفين الشيعة يجلدون الهوية في الانترنت .
2 - الدونية : وهو الشعور بالادنى منزلة والضعة والنقص امام الاخر المختلف بالثقافة والمذهب والتوجه . والاستلاب والدونية والخصاء يتناسب طرديا مع قوة الاستهداف الطائفي والقومي البعثي . فكلما كان الاستهداف قويا على فئة شيعية معينة , كان الاستلاب والدونية والخصاء اقوى , لذا تجد مثلا ان استفحال هذه الظاهرة في محافظات النجف وكربلاء والناصرية اقوى من غيرها , والسبب قوة الاستهداف الحكومي وتركيزه على هذه المحافظات من قبل الانظمة الطائفية والبعثية السابقة . وقد فصلنا ذلك في مقالانا (ظاهرة الدونية عند الجماعة الشيعية في العراق) في موقع الحوار المتمدن .
3 - الخصاء : وهو العجز عن الدفاع امام الطعون والاتهامات والافتراءات والاكاذيب والتجاوزات من الطائفيين والقوميين العرب التي تنال من الجماعة الشيعية يوميا بالانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي , والسكوت عنها , او محاولة تبريرها والدفاع عنها , بل وربما التماهي معها او تاييدها . وهذا الخصاء عند المثقف والاديب الشيعي في العراق قد تبلور من خلال تحكم سلطة الاب الذي يقوم باخصاء ابنائه , وبالتالي صناعة المثقف المخصي ,وكما قال ادونيس (ان العراق هو خطيئة الاب) . وابلغ مثال على ذلك الخصاء هو عدم ردهم على المقالات التي نشرها صدام حسين عام 1991 في جريدة الثورة الذي طعن بشرفهم واعراضهم , بل ولم يردوا على الشاعر سعدي يوسف الذي وصفهم بالكاولية . وكما قال الكاتب الدكتور ناجي الركابي : (الكاتب العراقي يكتب لقارئ متخيل اصطناعي يتربع على مخيلته . لذلك لن يكون همه تفكيك الوقائع والبحث عن المعنى بقدر ان يكون هدفه الاعظم ارضاء ذلك القارئ المتخيل الذي سيكسبه شرعية الاعتراف اذا ما رضي عما يكتب . لذلك تجد ان الذ الكتابات واكثرها شغفا لدى المثقف (من اصول شيعية) جلد ذاته وتبخيس هويته الثقافية , سواء كان بالوقائع المطمورة تاريخيا التي يحاول اعادة الحياة لها وتسليط الضوء عليها , او باختراع هوامش رمزية جديدة لهويته الثقافية ,وتشويه تلك الهوامش بكل ما ينعش القارئ المتخيل , لانه سيرى فيها تاكيدا لمركزيته المتوارثة , لذلك لن يكون هدف الربيعي نصرة الحقيقة او الترويج لها , بقدر ما يكون ارضاء ذلك المتخيل ليبقى في دائرة الاعتراف . اما العلاف فهو منتم اساسا لتلك المركزية المتوارثة , ولايحتاج لاي اعتراف يسعى لتوكيده لذلك يكتب بتجرد وحرية) .
وختما نقول : ان هذا المنهج المعتمد في نقد وتعرية ظاهرة الدونية والاستلاب والخصاء والارتزاق والحقد عند الانتلجنسيا الشيعية في العراق هو منهج غير ناجح في التخلص من تلك الاختلالات عند المصابين بها من الكتاب والادباء والمثقفين – ان لم يكن العكس – فقد لوحظ ان هناك اصرارا وتزايدا عندهم في طروحاتهم وافكارهم وارائهم حول هذا الموضوع , والسبب هو محاولة ابعاد هذه الاتهامات والامراض والسلوكيات عنهم بدعوى انهم علمانيون ووطنيون وعروبيون ومدنيون حقيقية , وليس محاولة تعويض الاستلاب والدونية في نفوسهم الموتورة والمازومة بسبب الاستهداف الطائفي والبعثي الطويل الامد . فبعد نشرنا تلك المقالات الخاصة بهذا الموضوع ابتدءا من مقال (ظاهرة كيس الحاجة عند المثقفين الشيعة والمسيحيين والكورد) وانتهاءا بمقال (ظاهرة الدونية عند الجماعة الشيعية في العراق) ومابينهما من الدراسات التي ذكرت هذا الموضوع والتي ادرجنها فيها اسماء العديد من الكتاب المخصيين المصابين بها امثال رشيد الخيون وكاظم حبيب وحميد الكفائي , وجدنا مباشرة بعدها تزايد كبير واصرار عجيب على تبني ليس نفس المقولات والاراء التي تدل على الاستلاب والدونية فحسب , بل وتزايدها في مديات اخرى عجيبة وغريبة من الاراء , تضاهي اراء الطائفي المعروف خير الله طلفاح , وبالتالي فليس مصادفة ان تصبح تلك الكتابات اكثر هجومية ودونية بعد نشر تلك المقالات التي تنقد الانتلجنسيا الشيعية وتعريها , سيما وانها وصلت اليهم شخصيا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي واهمها الفيس بوك . ان خطاب النقد والتعرية والتفكيك الذي نعتمده في العراق هو خطاب فاشل بامتياز , لان المثقفين في هذه البلاد ليس هاجسهم او مرجعيتهم الثقافية هو المعرفة والعلمية والموضوعية , وانما الايديولوجيا والسياسة والبواعث النفسية , وبالتالي فان هؤلاء المثقفين المصابين بالدونية والخصاء والاستلاب سوف لايعيدوا انتاج انفسهم فحسب , بل وصناعة اجيال جديدة من النسخ التي تشبههم , ولكن في الاخير سوف نرثي احوالهم ,لان المستقبل للكتابات المعرفية التي تبقى , فيما تندثر الايديولوجيات وتتلاشى بعد انتهاء مبررات وجودها .
ان من يرفض هذا المقال ومضامينه عليه ان يطرح على نفسه هذا السؤال : لماذا لم يظهر عندنا كاظم حبيب سني ؟ وقاسم حسين صالح سني؟ وجعفر المظفر وعبد الرحمن الربيعي وفاطمة المحسن وفالح مهدي وحميد الكفائي وعزيز الحاج وكامل عبد الرحيم وغالب الشابندر وغيث التميمي وكريم عبد وعلي الربيعي سنة ؟؟ بل ولماذا لم يظهر عندنا حقودا سنيا على هويته مثل اياد الزاملي وهاشم العقابي ؟؟ او مخصي سني مثل رشيد الخيون ورسلي المالكي ؟ لماذا تظهر مثل هذه الشكولات عند الشيعة فقط ؟ لماذا لم يظهر هذا النوع عند السنة في العراق ؟؟ والعكس : لماذا لم يظهر عندنا سيار الجميل شيعي او ابراهيم العلاف شيعي او جاسم الرصيف شيعي ؟ لماذا لم يظهر شيعي مثل سعدي يوسف يصف السنة بالكاولية ويقوم مثقفي السنة بمدحه وتبريره – كما فعل مع الشيعة عندما وصفهم بالكاولية وقام مثقفي الشيعة بالدفاع عنه مثل الشاعر محمد مظلوم وحيدر المحسن وغيرهم؟؟ بالطبع سيسخر المثقفين الشيعة الذين تنطبق عليهم هذه الصفات , بدعوى ان هذا المقال هو طائفي ومن شخص مازوم يعيش الطائفية , وانا اقول لهم اعتبروني (معتوه القرية) واجيبوا على اسئلتي واعتراضاتي حتى نرى صحة المصاديق التي ادرجتها ؟؟
والمفارقة بانه حتى قضية الطائفية عند المثقفين والكتاب الشيعة خضعت لظاهرة الدونية والاستلاب والحقد والخصاء , اذ انها تعني عدم مهاجمة اهل السنة فقط , واما مهاجمة الشيعة فهى عندهم ليست طائفية او فتنة تصيب وحدة البلد , بل وطنية ونقد وموضوعية , حتى لو جاءت من الانسان الطائفي السني والحقود مثل سعدي يوسف وجاسم الرصيف وجلال الوزير , وانا متابع لهذه الظاهرة في مواقع التواصل الاجتماعي - واهمها الفيس بوك - حيث تجد العشرات من الكتاب والمثقفين والمتعلمين الشيعة وهم يهاجمون اي كاتب او منشور فيه شذرات بسيطة يعتقدون انها من الطائفية او تنال من اهل السنة , فيما لاتجد هؤلاء المخصيين عند الالاف من المنشورات التي تنشر يوميا من الطائفية , والتي تهاجم الشيعة صراحة وبالاسم ومن كتاب معروفين من العراقيين والعرب , والسبب لان الانسان الجبان ومن تراكم الضرب والامتهان والاذلال عليه من قبل السلطات الطائفية والبعثية , وعلى مدى قرون وعقود طويلة , رسخت عنده الشعور بالدونية وشلت قدرته على الرد والرفض والمقاومة لهذه المنشورات الطائفية , وانا اتكلم ليس عن تنظير او تاملات او استنتاجات , وانما عن تجربة وبحوث ومعاينة بالفيس بوك على مدى اكثر من عشر سنوات متتالية , واطلاع كامل على المقالات التي ينشرها الاف الكتاب والمثقفين الشيعة من اهل الوسط والجنوب في الانترنت .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سلمان رشيد الهلالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/07/21


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • استلاب الوطنية عند العراقيين  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : الفرق بين المثقف الشيعي والمثقف السني (دراسة في سايكولوجية المثقف الشيعي والسني في العراق)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net