كتاب بعث العراق .. من البداية المريبة حتى النهاية الغريبة لكاتبه طالب الحسن محافظ ذي قار والذي سلط فيه الضوء على تاريخ حزب البعث العربي ومكان وزمان تأسيسه وعرّف ببعض الشخصيات المهمة في حياة هذا الحزب وغيرها من الأمور التي كانت خافية على الكثير ممن عرفوا حزب البعث كحزب إجرامي دموي ليس له من المبادئ والأخلاق إلا التسلط والجبروت وظلم الناس.
فقد قدم الكاتب معلومة جديدة ومهمة في نفس الوقت كانت خافية على الكثيرين من العراقيين وغيرهم وهي أن حزب البعث لم يكن مؤسسه هو ميشيل عفلق كما مشهور بل هو زكي الارسوزي. كما انه (الكاتب) أوضح أن محافظة ذي قار ليست هي أول محافظة انطلق منها حزب البعث ولم يكن مؤسس الحزب فيها عبد الخالق الركابي بل أن فكرة البعث نقلها فائز إسماعيل للعراق وأسس أول خلية بعثية في الاعظمية ولازال هذا الشخص على قيد الحياة ومنه استقى تلك المعلومات المهمة.
هذه المعلومات وغيرها الكثير مما زخر به هذا الكتاب الذي يقع في 580 صفحة تقريبا لم تعجب النقاد من أساتذة جامعة ذي قار حيث أقيمت حلقة نقاشية في كلية الآداب قسم التاريخ بحضور العديد منهم ولم اسمع كلمات ايجابية بحق المؤلِف والمؤلُف إلا بعض كلمات المجاملة البسيطة! بل أن بعض الأساتذة ناقضوا كلامهم فمرة يقولون أن هذا الكتاب مفخرة ومكسب للمكتبة العراقية والعربية بل والعالمية ثم يقول نفس الناقد انه خالي من المعلومات التي تدل على انه كتب للجميع وانه كتب لأهل العراق فقط!
اتجه بعض السادة النقاد من أساتذة الجامعة إلى تعقب السقطات اللغوية أو الطباعية ولم يركزوا على موضوع الكتاب وجرأة الطرح وجرأة الكاتب في سبر أغوار مثل هكذا موضوع يجلب (وجع الرأس) لمن يغوص في أعماقه إلا اللهم قول احدهم انه يشفق على الكاتب من عواقب طرحه لهذا الموضوع وكأنه يقول له ( لو ما كاتب أحسن) لان البعث خطير وقاتل!!
فلعمري من سيكتب ومن سيشهد ومن سيدوّن هذه المرحلة من تاريخ العراق إن كان الجميع يفكر كما يفكر هذا الأستاذ الناقد!!!
احدهم ولا اعرف لماذا تحامل على الكتاب والكاتب بصورة غريبة دُهش لها الحضور انتقد ملف الصور في نهاية الكتاب واستنكر أن تنشر صورة الكاتب مع احد شيوخ العشائر رغم أن احد أهم المعلومات تتعلق بكلام هذا الشيخ وهي دلالة على أن الكلام موثق وليس جزافا. ثم قال إن عفلق غير مدان لان اسمه عفلق! وأضاف هذا الناقد أن هناك خطأ كبيرا في الكتاب - وهنا استعد الحضور للمعلومة – وقال إن الكاتب اخطأ بقوله المصدر السابق وكان يجب أن يقول المصدر نفسه!!
اعتقد أن النقد كان قاسيا جدا وأنا لست أدافع أو أقول أن الكتاب كان متكاملا بل أنني أضم صوتي لبعض أصوات الأساتذة التي انتقدت بصورة ايجابية ولم يكن همها البروز أو المخالفة. لكنني وددت لو كان النقد حول موضوع الكتاب والمعلومات والتواريخ والأسماء والآراء التي دونها الكاتب لكي يكون النقد من اجل التصحيح والبناء لا من اجل التكسير والهدم وتعقب أهون الهفوات التي ليس للكاتب دخل فيها. ثم إن كل كاتب وكل كتاب ليس معصوما إلا كتاب الله وقول المعصوم، كما أن الكتاب لم يكن أطروحة دكتوراه كما ذكر هو نفسه لكي يحاسب على كل صغيرة وكبيرة.
أتصور أن الكاتب أعطانا وأهدى التاريخ سجلا مهما ومصدرا قيما لحقبة سوداء في تاريخ العراق حكمها اعتى الطغاة بالحديد والنار فكانت نهايتهم الذل والهوان.
لكنني وددت أن لا تكون كلمة النهاية الغريبة في عنوان الكتاب لأن نهاية الطغاة متوقعة ولم تكن نهاية حزب البعث بغريبة لا علينا ولا على من عاصره في بداية تأسيسه.
وأنا هنا أسجل على الكاتب نقطة مهمة وهو الذي ينتمي إلى حزب الدعوة الإسلامية التي تنبأ قائدها بنهاية حزب البعث في بداية تسلطه على العراق اذ يقول في جوابه على رسالة صدام وبكل شجاعة وجرأة:
" فوالله لن تلبثوا بعد قتلي إلا أذلة خائفين تهول أهوالكم وتتقلب أحوالكم ويسلط الله عليكم من يجرعكم مرارة الذل والهوان يسيقكم مصاب الهزيمة والخسران ويذيقكم ما لم تحتسبوه من طعم العناء ويريكم ما لم ترتجوه من البلاء لا يزال بكم على هذا الحال حتى يحول بكم شر فأل جموع مثبورة صرعى في الروابي والفوات حتى إذا انقضى عديدكم وقل حديدكم ودمدم عروشكم وترككم أيادي سبأ أشتات بين ما أكلتم بواترهم ومن هاموا على وجوههم في الأمصار فولوا إلى شتى الأمصار وأورث الله المستضعفين أرضكم ودياركم وأموالكم فإذا قد أمسيتم لعنة تجدد على أفواه الناس وصفحة سوداء في أحشاء التأريخ " .
غفار عفراوي
كاتب عراقي
3-4-2012
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat