مع الإمام المهدي في غيبته / ٣
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

.. ثم يوجَّه الكلام الى الذين التزموا القول بغيبة الإمام الثاني عشر وعرفوا وآمنوا بخطوطها ومسائلها الأساسية ، أنه لا يجب عليهم البحث عن التفاصيل الدقيقة للغيبة ولا يضرّ عدم العلم بها بأصل العقيدة المهدوية ، وذلك لأحد دواعي ثلاث على الأقل :
١. أما لأن بعض التفاصيل غير جائز أصلاً البحث عنها أو البوح بها ، لأنه قد ينقض الغرض من غيبة الإمام والحكمة الإلهية المتعلقة بها .
٢. أو لأن البعض الآخر لا سبيل للوصول إليه فضلاً عن البتّ به ، أما لقصور الدليل أو لقصور المُستدِّل .
٣. أو لافائدة منها من أصل ، لا دينية بحيث تعزز من الإيمان بالقضية ، ولا عملية يمكن أن يقوم بها المكلّف في عصر الغيبة ويؤدّي من خلالها حق الإنتظار ..
روى الشيخ الصدوق في كتاب [ كمال الدين ص288 ] عن ابن عبّاس : .. فقام إليه - لرسول الله ص وآله - جابر بن عبد الله الأنصاريّ فقال : يا رسول الله ، وللقائم من ولدك غيبة ؟ قال : إي وربّي ، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ، يا جابر إنّ هذا الأمر من أمر الله وسرّ من سر الله ، مطويّ عن عباد الله ، فإيّاك والشكّ فيه ، فإنّ الشكّ في أمر الله (عزّ وجلّ) كفر » .
وما رواه الشيخ الصدوق ايضاً في كتابي [ علل الشرائع ج1 ص246 ، وكمال الدين ص482 ] بالإسناد عن عبد الله بن الفضل الهاشميّ ، قال : « سمعت الصادق جعفر بن محمد ( عليه السلام ) يقول : إنّ لصاحب هذا الأمر غيبةً لا بدّ منها ، يرتاب فيها كلّ مبطل ، فقلت له : ولم جعلت فداك ؟ قال : لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم ، قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ قال: وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات مَن تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره ، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره ، كما لا ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر ( عليه السلام ) من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسى ( عليه السلام ) إلّا وقت افتراقهما ، يا ابن الفضل ، إنّ هذا الامر أمر من أمر الله ، وسرّ من سرّ الله ، وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنّه (عزّ وجلّ) حكيم صدّقنا بأن أفعاله كلّها حكمة وإنْ كان وجهها غير منكشف لنا ».
فالجوانب الغيبية والمخفية جوانب أصيلة في موضوع الغيبة ، فلا بدّ من الحفاظ على سترها والتسليم لما ظهر منها .. نعم ، لا يمنع كلامنا هذا من تصدي أهل العلم والاختصاص والغيرة على المذهب من تحقيق بعض المسائل وتهذيبها وكذلك الدفاع عنها وردّ الشكوك والطعون الموجهة لها ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat