النهضة الحسينية شعلة أزلية مادامت شعوب الأرض
جعفر المهاجر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نهضة الأمام الحسين عليه السلام هي نهضة إنسانية كبرى بكل أبعادها حدثت في عصر معين لكن إشعاعاتها وقيمها ومثلها ومحتواها الإنساني الكبير يسع لكل أمم الأرض مادام الظلم والاضطهاد قائمان ولابد لنا أن نستحضر قيم تلك الثورة الخالدة في كل لحظة من لحظات هذا الزمن الذي تجبر فيه طواغيت الأرض وازدادوا عتوا وغطرسة وعنجهية وظلما لبني الإنسان . وعندما نستحضر قيم تلك الثورة المجيدة وأهدافها ومباد ئها لننهل من نبعها الثر ودفقها المتجدد نزداد ثقة وعزيمة بقدرة كل من سلب حقه وامتهنت كرامته وصودرت آماله ووضع نصب عينيه ثورة الأمام الحسين ع
لانتزاع ذلك الحق المصادر. لأنه لابد أن يقول للظالم قف عند حدك لأن ساعة الخلاص آتية لامحاله.
وما دام هذا الدفق يتجدد كالسيل الأزلي ومادام هذا الشعاع المحمدي الخالد سيظل يخترق المسافات لينير طريق الحرية والكرامة لكل شعوب الأرض المظلومة لذا فأن الكتابة عنه متجددة أيضا وهي كالبحر الذي لاينتهي تدفقه ولا يجف عطاؤه مادامت شعوب الأرض .
لقد نهل الكثير من الكتاب والأدباء والشعراء من ذوي الضمائر الحية المتوقدة من مسلمين وغير مسلمين من معين هذه الثورة الخالدة فأبدعوا وأجادوا في كتاباتهم وبذلك أيقظوا الهمم والعزائم وحركوا العقول وزرعوا العنفوان في الدماء وأتحفوها بشذرات من الأمل والثقة بالنفس للدفاع عن القيم النبيلة والمبادئ الخلاقة التي تشترك فيها كل البشرية المتطلعة ألى عالم تسود فيه العدالة الاجتماعية وقيم الحق والفضيلة والتحرر من الاستعباد والظلم والجبروت وهي المبادئ الجوهرية للثورة الحسينية المباركة.
لقد أعلن الأمام الحسين للدنيا كلها وخاطبها قائلا ( أيها الناس أني سمعت جدي رسول الله يقول : من رأى منكم سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله, ناكثا بيعته , يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان , كان حقا على الناس ألوقوف بوجهه).
فثورة الحسين ع هي امتداد للرسالة المحمدية السمحاء التي ماجاءت ألا لتزيل نظام الرق والعبودية وتهد صروح الظلم والظالمين الذين نصبوا من أنفسهم آلهة تعبد من دون الله وسخروا كل شيء لأغراضهم الدنيئة المحرمة التي تتعارض مع أبسط المفاهيم والقيم الأخلاقية وأمروا شعوبهم أن تنقاد كالقطيع لمشيئتهم كما يحدث اليوم في الكثير من الدول التي يزخر بها عالمنا المعاصر.
وثورة الأمام الحسين ع ماجاءت ألا لتجددالدم في عروق الشعوبالمضطهدة لتحفزها وتمنحها القدرة الإيمانية الخلاقة والنابضة والقادرة على اكتساح تلك العروش الخاوية التي قامت على جماجم الشعوب عبر الزمن. لانتزاع حقها المغتصب.
فما أحرانا اليوم لترجمة فصول تلك الثورة الزاخرة بالقيم الإنسانية الكبرى لكي نحولها ألي عمل ملموس وواقعي يغير من الواقع المزري والبائس الذي نعيشه كمسلمين بالدرجة الأولى بعد أن أعيانا التخلف والنكوص والتقوقع وراء الشعارات الخاوية التي نخرت عظامنا ولم تقدم لنا ألا الخواء والفقر والذل والعناء.
لقد استباحنا الجهل والاستعباد وهد قوانا الفساد والإفساد ودمرت أوطاننا الشعارات الكاذبة وتفشت بين ظهرانينا طفيليات الخطب والتصريحات الرنانة ودعاة الشعارات السياسية الفارغة والانحراف فسرقت ثرواتنا واستباحت مواردنا ودمرت مدننا وضيعت آمالنا ورمتنا في متاهات الغربة دون أن تفكر بمصيرنا ولو للحظة واحدة فصدقنا شعاراتها ومنحناها ثقتنا بعد أن رفعت شعارات الثورة الحسينية الطاهرة واختبئت وراءها فتبين أنهم قوم كاذبون فاشلون في كل شيئ وقد حولوا قيم هذه الثورة العظيمة الخالدة ألى مظاهر شعارات صماء عجفاء لاحياة فيها بدل أن
تكون دافعا لتغيير الواقع المر الذي يعيشه وطننا الذي تعرض لأشرس أنواع الظلم على مدى قرون عديدة دون أن يتغير من واقعها المرير شيئا ودون أن يلمس المواطن المسحوق أي تغيير في واقعه المرير. وأقول للآخرين الذين يزورون تأريخ الدين الأسلامي المحمدي الناصع . ويصورون للناس أن ثورة الأمام الحسين ع هي خروج على ولي الأمر وهذا هو البلاء !!!
أن أمثال هؤلاء المتجنين على الحق والحقيقة قد أعمى الله بصرهم وبصيرتهم وراحوا يتخبطون في أفكارهم السقيمة بشكل لايقره عقل ولا منطق ولا حقيقة تأريخية ناصعه كقرص الشمس لقد قال الأمام الحسين عليه السلام في تلك النهضة المباركة (لم أخرج بطرا ولا أشرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لأحيي دين جدي رسول الله ص, أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر .)فأراد الأمام الحسين ع أن يرفع بدمه ودم أولاده وأخوته وأصحابه علما للهداية , ومنارا لكل من ينشد الإصلاح ,ويرفض الفساد والظلم عبر العصور لمن أراد أن يدرك الحقيقة الناصعة. وقال ع أيضا والمعركة
حامية الوطيس( أن كا ن دين محمد ص لايستقم ألا بقتلي فياسيوف خذيني .) فيزيد الداعر والمفسد في الأرض أراد أن يشوه كل قيم ومبادئ الإسلام وانحرف عنها وتمادى في فسقه وفجوره ونهتكه والإسلام يرفض كل مفسدة وظلم وموبقة وتهتك وانحراف حين أراد أن يخمد كل صوت يخرج عليه ويعامله بالبطش والقوة والجبروت. لكن الأمام الحسين قال تلك الجملة القصيرة البليغة بملأ فمه وقلبه وكيانه تلك الجملة التي مازالت ترعب الطغاة والظالمين أعداء الأنسانيه ( هيهات منا الذله ). وهل يقر عاقل بأن يزيد الفاجر الفاسق الوضيع الشارب للخمر والساهر مع الغانيات في
أحواضها و الذي نصبه أبوه معاوية بالطريقة الوراثية خلافا للعقيدة الأسلاميه التي نادت بالشورى ( وأمرهم شورى بينهم) هو ولي أمرالمسلمين؟؟؟
أنني هنا أذكر هؤلاء بثلاث فضائع فقط أرتكبها يزيد ودونتها أمهات المصادر التأريخيه عسى أن يثوبوا ألي رشدهم ويبتعدوا عن ضلالاتهم وأكاذيبهم ولا شك أنهم يعرفونها حق المعرفة ولكن لتذكير الذين يخدعون بأضاليل هؤلاء ( المشايخ ) والذين لايقرأون الحقائق والذين ختم الله على سمعهم وأبصارهم وعقولهم . أن العمل الأول الشنيع الذي قام به يزيد هو قتله لأبن بنت رسول الله الذي قال ص عنه: (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا) وهذا الحديث صحيح ومدون في أمهات المصادر الأسلاميه ولا أريد أن أزيد على ذلك .
والعمل الدنيئ الثاني هو هجومه على المدينة المنورة مدينة الرسول الأعظم ص وقتل أكثر من سبعين صحابيا وسبعمائة تابعي في وقعة ( الحره) المشهورة والاعتداء على شرف ألف فتاة عذراء ولدن أبناء لم عرفوا آباءهم.
والعمل الوضيع الثالث هو محاصرته الكعبه بيت الله الحرام الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ورميهابالمنجنيق وهدمها. والمصادر كثيرة وكثيره لمن أراد أن يقرأ والمنكر الذي فعله يزيد لاتكفي المجلدات لسرده .
فهل يمكن أن يلقب يزيد الفاجر الفاسق والذي يتبع يزيد في عصرنا الحالي بأنهم أولوا الأمر ؟؟؟ وقد قال الله في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم :( ولا تركنوا ألى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لاتنصرون .) سورة هود الآيه 113
وقال عز من قائل بسم الله الرحمن الرحيم : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتتموا الحق وأنتم تعلمون ) الآيه 42 من سورة البقره.
أن ألباس الحق بالباطل وطمس الحقائق وتزويرها هي سبب نكوص هذه الأمه وتداعيها وضعفها وهزالها أكثر فأكثربمرور الزمن. وأذا أردنا أن نقول الحقيقة بدون أية مبالغه فيحق لنا أن نفتخر بالحسين ونباهي به الأمم ونخاطبها بالعطاء الحي لفيوضات الحسين ع فجده سيد المرسلين محمد ص وأبوه بطل الأسلام الخالد وصاحب نهج البلاغة العظيم وأمه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وهو نسب وضاء ومشرق لايناله ألا الحسين ع ومن تربى في هذه المدرسة الأنسانية الكبرى لايمكنه أن يكون طالب سلطة أو جاه أبدا.
و قلة هم أولئك الذين يصلون ألى قمم الخلود والسمو والعظمة ليكونوا ملكا للبشرية بمبادئهم الحية النابضة بالفضيلة والطهر والإيثار . وإذا كان للتأريخ أن يقف وقفة أجلال أمام أروع أمثولة للشموخ .. وإذا كان للدنيا أن تكبر لأروع تضحية سجلها تأريخ الفداء .. وإذا كان للأنسانية أن تنحني في خشوع أمام أروع أمثولة للبطولة .. فشموخ الحسين وتضحية الحسين وبطولة الحسين ع.. هي أروع أمثولة شهدها تأريخ الشموخ والتضحيات والبطولات.
ولا يمكن أن تجللنا أشراقات الطهر لتنسكب من أقياس الحسين ع.. ألا إذا حطمت عقولنا أسوار الانغلاق على النفس , واستفاقت من أسر الرؤى ألضيقه , وتسامت أرواحنا ألي عوالم النبل والفضيلة , وتعالت عن متع الحياة التافهة المثقلة بأوضار الفهم المادي المزيف وأولها التهافت المحموم على الكراسي والمناصب ثم التعالي على الناس ووضع حاجز بينهم وبين المجتمع كما يحدث الآن في عراقنا الجريح وأعود لأقول لهم مرة أخرى هؤلاء الذين ينكرون حقائق التأريخ فهناك من كشف كل شيئ وجاهر بحقده و ببغضه وتجاهله عن كل مايمت للحسين ع وثورته المباركة بصله .
وأقول لهم أن الذي يحز في النفس حقا أن ينبري كاتب غربي أو مسيحي من الشرق منصف في عقله وقلمه ويشيد بعظمة الأمام الحسين ع وثورته ويخرج علينا بعضكم من المشايخ المنحرفين والمزورين ليعتموا على هذه الثورة العملاقة وأبعادها!!! والأدهى والأمر أنكم لم يكتفوا بهذا ولكنهم تترحمون على قاتل الحسين ع وأصحابه وسالبي أهل بيته ع وذراري رسول الله ص ويدعون ظلما وعدوانا بأن الحسين ع قتل بسيف جده رسول الله ص !!! ومنكم من يقول أن ألشيعه هم الذين قتلوا الحسين ع ويقيمون اليوم عليه النوائح للتكفير عن خطيئتهم !!! ومنكم من يستشهد بالآية الكريمة في
غير محلها ( تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولا تسألوا عما كانوا يفعلون.) وكل هذه ا الانحرافات والحجج الواهية المتهافتة لاتستقيم أبدا مع منطق التأريخ ولا مع قيم الحق والعدل التي نادى بها الإسلام الذي ماجاء ألا لمحاربة الظلم والفساد والجريمة والاضطهاد فكيف أذا كان بحق سبط الرسول الأعظم الذي قال عنه ص (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا. ) فأنتم بهذه الأقاويل الجوفاء لا تخدعون ألا أنفسكم .
وحين نقلب صفحات التأريخ ونقرأ ماقاله الحسين ع لأصحابه لكان درسا بليغا لكل مسلم متفتح الذهن نافذ البصيرة يستطيع أن يميز بين الخير والشر والحق والباطل والنور والظلام فكيف بشيخ يدعي أنه درس الدين والشريعة لعشرات السنين!!! ولكنا لاستغرب إذا كانت شريعتهم تلك مستمدة من شريعة معاوية ويزيد والحجاج ومروان بن الحكم وآل أبي سفيان الذين سودوا وجه التأريخ وحرفوا كل حقائقه لصالحهم وصالح حكمهم الفاسد المتهرئ.
هذا هو الحسين الزكي الأبي الطاهر بأمر الله يقول لأصحابه في تلك الساعات الرهيبة : (صبرا يابني الكرام فما الموت ألا قنطرة تعبر بكم من البؤس والعزاء ألى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة فأيكم يكره أن ينتقل من سجن ألى قصر وما هو لأعدائكم ألا كمن ينتقل ألى سجن وعذاب . أن أبي حدثني عن رسول الله ص : ( أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والموت جسر هؤلاء ألى جنانهم وجسر هؤلاء ألى نيرانهم .) ماكذبت ولا كذبت وخادمكم صاحب هذا المقال يقول حاشاك ياسيدي ياابن رسول الله من الكذب وجدك وأنت من الصادقين وأعداءكم من الكاذبين الظالمين .
لقد قال رجل للأمام الحسين ع : (أني من شيعتكم )فأجابه الأمام ع : (ياعبد الله أن كنت لنا في أوامرنا وزواجرنا مطيعا فقد صدقت ، وأن كنت خلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبة شريفة لست من أهلها ، لاتقل أنا من شيعتكم ، ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم ومعادي أعدائكم وأنت في خير وألى خير . ) وكم أتمنى أن ينظر من بيده القرار في العراق ألى هذه الكلمات المأثورة لسبط رسول الله أبي الأحرار والمظلومين الأمام الحسين لكي يجسدوا كلماته على صعيد الواقع لابالشعارات الخاوية التي أوصلتنا ألى حال من العدم.
يقول المهاتما غاندي في كتابه قصة تجاربي عن الحقيقة:(لقد طالعت بدقه حياة الأمام الحسين شهيد الإسلام الكبير ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند أذا أرادت إحراز النصر فلابد لها من الاقتداء بسيرة الأمام الحسين ).
ويقول الآثاري الأكليزي وليم لوفتس:( لقد قدم الحسين بن علي أبلغ شهاده في تأريخ الأنسانيه , وارتفع بمأساته ألى مستوى البطولة الفذه ).
ويقول المستشرق الألماني كارل بركلمان: ( الحق أن ميتة الشهداء التي ماتها الحسين قد جعلت من ضريح الحسين في كربلاء أقدس محجه)
ويقول المفكر المسيحي اللبناني أنطوان بارا :( لو كان الحسين منا لنشرنا له راية في الأرض ولدعونا الناس ألى المسيحية باسم الحسين ).
ويقول مفكر غربي آخر :( أدى مصرع الحسين ألى أن تكون سلالة آل محمد ص في ضمير المسلمين لأنهم أنبل جنس عاش على أرض الدولة الأسلاميه , وأذا أردنا أن نثقف أنفسنا على هذه المبادئ العظيمة فهمنا مبادئ الإسلام الحقيقي .)
هذا جزء يسير جدا من شهادات هؤلاء المفكرين المنصفين أضعها أمام كل من على عينه غشاوه عسى أن يستيقظ ضميره ويدرك الحقيقه ولو جاءت متأخره.
فثورة الأمام الحسين ع ثورة فكرية وإيمانية وجهادية لاينضب معينها مادامت الدنيا والحسين ع شهيد الإسلام المحمدي الحق وسيبقى نورا أبديا ساطعا ينير الطريق للأحرار والثوار المنتفضين ضد الظلم والطغيان والفساد وكيف لا وهو القائل ع (أنني لاارى الموت ألا سعادة والحياة مع الظالمين ألا برما).
فأين نحن من قيم الحسين ونهضة الحسين ع وقد وقع الكثير منا في حضيض الفتن الطائفية والتكالب على السلطة والمكاسب المحرمة وجعل من الفضائيات الطائفية سكنا له ويخرج في اليوم الواحد على شاشات العديد من هذه المحطات ليقول غير الذي يفعل وقد قال الله سبحانه كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون.
فسلام عليك سيدي ياحفيد رسول الله وياسيد شهداء الجنة يوم ولدت ويوم استشهدت فطرزت أعظم قيم البطولة والتضحية والفداء ويوم تبعث حيا مع جدك المصطفى ص وآل بيته الغر الميامين عليهم السلام ودولة الباطل ساعة ودولة الحق ألي قيام الساعه.
جعفر المهاجر/- السويد .
14/12/2010
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
جعفر المهاجر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat