صفحة الكاتب : انعام حميد الحجية

السفير الثالث الحسين بن روح
انعام حميد الحجية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ركز أعداء المذهب التحدي على محاور مهمة من محاور الانتماء الشيعي، ومحور القضية المهدوية أبرز ما ركز عليه العابثون حتى يكون طريقهم لتشويه جذور المذهب والطعن في أصوله، وإذا انقطع الاتصال بالحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه أصبحت الجذور هشة، ومن هنا انطلق الطعن في القضية المهدوية، وخاصة في عصر الغيبة الصغرى، وانحصر الأمر في محور السفير الثالث، فكان هجوما شرسا، بدأ مع تنصيب ابن روح سفيرا، فهو فارسي، وهذه تحدث لأول مره أن يقود الشيعة فارسيا، واعتبروا قضية  تنصيب السفير الفارسي بأنه تنصيب نفوذ على نفوذ.
الجذب الأول.. نوبخت أسلمَ أيام الخليفة المنصور، وأصبح منجما في قصر الحاكم، والحقيقة أن منصب السفير لم يكن بالمنصب البسيط، والمكانة محسودة، ولأننا اعتمدنا على دراسة المهدي المنتظر عند الشيعة الاثني عشرية للدكتور جواد علي، وهي ترجمة كامله لأطروحة الدكتوراة عام 1939م، والتي قدمها باللغة الألمانية، وترجمها أبو العيد داوود، وهو جزائري، والدراسة المقدمة في أكاديمية ألمانية لذلك علينا أن التعامل بحذر مع معلومات البحث، لم يكن راتب ابن روح بالراتب الكبير فهو يسكن في دار صغيرة في بغداد، كان راتبه 30 دينارا شهريا نظير خدماته، والراتب ضعيف مقارنة بالمنصب، لكن للمنصب هداياه ومكانته الاجتماعية، قال التاريخ كلمته اتجاه هذا الرجل الذي اتسم بموهبة عقلية كبيرة، فكان يتعامل مع الخليفة والوزراء بطريقة سياسية ذكية، ويتعامل مع الأمور تعاملا اجتماعيا ليخدم منصبه ويبعد عنه الشبهات.
في اليوم الأول الذي تولى فيه ابن روح منصبه، جاء إليه قادة الشيعة لتهنئته احتفالا بتنصيبه وحمل خادم السفير الثاني المتوفي وقدم إرادة سيده الأخيرة عصا السفير وخاتمه وعيّن السفير الثالث، تلقى ابن الروح لقب باب وأصبح يخاطب بهذه التسمية حسب ما نقله ابن الأثير، وهذه النعمة طبعا محسودة وهناك من ينكر عليه منصب السفير، ويتهمونه بالجشع الشخصي في جمع المال، وكان محمد بن الفضل الموصلي واحد من هؤلاء الناس الذين اتهموه باستعمال الأموال لمصالحه بدل تقديمها للمعوزين والفقراء.
كان ابن روح ذكيا متعدد الجوانب، ذا شخصية جذابة وقد ساعده على ذلك أن أسرته كانت عريقة مرموقة في الحياة العامة فأصبح لديه الإمكانيات للوصول إلى المال والنفوذ، كانت القرى تحمل إليه زيادة على خراج الإمام الهدايا الكبيرة بمعنى أن له منزله دينية ومنزلة اجتماعية وكان لا بد من الاعتماد على بعض الوجوه لمساعدته في أمر استقامة السفارة.
يقول المؤلف جواد علي أن هناك رجل ظهر في أيام السفير الثاني بوصفه سفيرا، وكان لا يزال يثير النزاع، كان على السفير الثالث أن يسكت صوته، رجل له موهبة الساحر، الخطيب المفوه الذي يمكن أن يصبح خطرا على السفير، هذا الرجل هو الحسين ابن منصور الحلاج المتصوف، والذي يتهموه بالزندقة، هناك آراء حوله تختلف باختلاف المواقف.
وكانت طريقته تتغير بطريقة الجمهور، كان يظهر أمام بسطاء الناس بوصفه نائبا للمهدي عليه السلام، وعندما يثقون به يحدثهم عن تناسخ الأرواح، يحضر للفقراء عن طريق السحر المال والطعام والشراب كل ما تشتهيه أنفسهم فكانت دراهم القدرة جملة شائعة في ذلك الحين، ولكن سحر الحلاج لم يدم طويلا، فقد أوقع نفسه بنفسه، والعلماء اعتبروا هذا النوع من السحر هو شعوذة وأقل ملائمة لرجل عالم.
لم يعد السفير بحاجة إلى اتخاذ أي إجراء ضد الحلاج، فقد تولت الحكومة العمل على ذلك، فلم تترك أي محاولة لإظهار الحلاج بمظهر الزنديق ومحاولة القضاء عليه، قدم ابن داوود فتواه الشهيرة بتكفير الحلاج وحرمانه من حماية القانون، تصور الحلاج أن قم تربة مناسبة لنشاطه ولعله كان يتصور أيضا أنها سترحب به بوصفه وكيل المهدي عجل الله تعالى فرجه، فوجد هناك ابن بابوية أبعده عن المدينة، ولم يبقَ للحلاج مكان يقيم فيه خارج بغداد، فعاد إليها ولكن كان القضاء بانتظاره، سجن ثمان سنوات ولم يتخل عن أعماله السحرية وهو مقيم في السجن، فقدم إلى المحكمة وحكم بالإعدام سنه 309هـ.
انتشرت الاضطرابات في حكم الخليفة المقتدر، وعمت بغداد المجاعة، والفاطميون بدأوا نشاطهم في أفريقيا وشبت ثورات القرامطة وكان في بغداد من يتآمر مع القرامطة، وبدأ يحيى بن المهدي في منطقة القطيف نشاطه بصفته الرسول المزعوم من قبل الإمام المختفي، وراح يبشر ابن المهدي بأن الإمام قد رجع من غيبته لكنه لا يزال مختفيا وسيظهر وشيكا للناس، فراح يجمع الخراج والخمس للإمام وتعاون مع القرامطة، وانتشر الخوف وسقط الكثير من الوزراء عن مناصبهم مع إنهم كانوا من مذهب أهل الجمهور لمجرد اتهامهم، أخذ الوزير حامد بن العباس مطاردة كل أتباع أسرة الفرات وأخذ يطارد ابن روح السفير الثالث، لأنه كان قد اختلف معه، أمتنع السفير عن الظهور أمام الناس، وسلك جميع الطرق والوسائل للمحافظة على وحدة الشيعة.
بعد خمس سنوات تغير الوضع لصالح بن روح، فقد كانت أحزاب القصر وضعف سياسة الخليفة سببا في اضطرابات كثيرة حدثت في بغداد، حيث هاجم أحد العبيد القصر بقوه عسكرية وخلع الحاكم، واسمه (مؤنس المظفر) وأطلق سراح جميع من اعتقلهم الخليفة ومن بينهم الحسين بن روح، فعاد إلى بيته وأخذ من جديد يمارس عمله القديم، وعندما أعيد المقتدر إلى الخلافة من جديد حرضوه على ابن روح متهمين إياه بأنه شارك في الثورة عليه لكن الخليفة أمر أن يترك ابن روح وشانه، فقد كانت الثورة نتيجة لما قد ارتكبه، وهو نفسه من أخطاء، فاحتفظ بن روح بحريته.
 في أيام الخليفة الراضي حاول الحساد أن يسعوا بابن روح مره أخرى عند الخليفة، أنصار ابن روح كانوا يحاولون أن يبعدوا الخليفة عن هذه الظنون
فقد حظي بأعظم تقدير يمكن تصوره إلى أن وافته المنية سنه 326 هجريه ودفن في مقبرة النوبختي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


انعام حميد الحجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/11/30



كتابة تعليق لموضوع : السفير الثالث الحسين بن روح
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net