صفحة الكاتب : محمد الرصافي المقداد

منطق الشيطنة الأمريكي
محمد الرصافي المقداد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا تزال أمريكا سائرة في سياستها الظالمة بحق الشعوب الحرّة عموما، وهي أسلوب تعود قادتها على المضيّ فيه عقودا متواصلة، لم تتغير في شيء منها، رغم تمام معرفتهم بأنّها خاطئة، لكنّهم يتمادون في تنفيذها، غير عابئين بمصالح الشعوب المتضررة، فأقصى همّ هؤلاء تنفيذ مخططاتهم مهما كانت ظالمة وصارخة في تعدّيها على حقوق المستهدفين، وليس أدلّ على الحيف والظلم الذي طبع السياسة الخارجية الأمريكية، هذا الإصرار العجيب والغير مبرّر في تجاهل حقوق الشعوب المستهدفة، وفي مقدّمتها حقوق الشعب الفلسطيني، في أن يتحرّر من أسوأ احتلال عرفته البشرية، ويكون له حق في أن يعيش تحت ظل دولة يحكمها الفلسطينيون أنفسهم.

اليوم وبعد سلسلة الاعتداءات الصهيونية على قطاع غزّة، وما أسفرت عنه من دمار شامل للبنى التحتية واعداد كبيرة من الشهداء تجاوزت الخمسين ألف شهيد، وأعداد مضاعفة أخرى من الجرحى، وبعد التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين حكومة الكيان وحركة حماس، وقع خلاله تبادل الأسرى على مراحل من الجانبين،

ظهر الرئيس الأمريكي ترامب ليدلي بدلوه في المسألة، ويدفع بها إلى غاية لم تستطع إسرائيل تحقيقها بأعمالها العسكرية، التي كان هدفها القضاء على المقاومة في القطاع المحاصر والمظلوم أهله، على مدى سنوات طويلة، اشتركت فيه مصر من جانبها بإغلاق معبر رفح استجابة لرغبة أمريكية إسرائيلية، وتنفيذا لسياستهما التعسفية والعدوانية، دون مراعاة لأبسط حقوق الدين والعرق، وقد ظهرت رغبة ترامب في بداية فترته الرئاسية الثانية، تنفيذ ما عجزت عنه إسرائيل عسكريا، فقد( جدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومضى قدما في خطته المثيرة للجدل إلى حد كبير بشأن "تطهير غزة"، مصرًا على أن مصر والأردن ستقبلان اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة لأن الولايات المتحدة "تفعل الكثير من أجلهم) (1)

لم يكن كلام الرئيس الأمريكي مجرّد احتمال قد لا يقع تنفيذه، وهو الذي يدرك تماما أنّ ما قاله سيتحقق من طرف الحكومة المصرية والاردنية، اللتان لا رأي لهما أمام الأوامر الأمريكية، وما عليهما سوى السمع والطاعة والتنفيذ فقط، واستقبال اللاجئين الفلسطينيين مخطط من أجل افراغ قطاع غزة من أهله، حتى لا يشكل في المستقبل خطرا على الكيان الصهيوني، ويسمح بعد اخلائه من مواصلة تنفيذ بقية مراحل التمدد الصهيوني، إلى ما أعلنت عنه الدوائر الصهيونية من إسرائيل الكبرى.

لقد سبق لدونالد ترامب في صيف السنة الفارطة، قبل تسلمه رئاسة أمريكا، أن عبّر عن أسفه لصغر مساحة الكيان الصهيوني، وفي مضمونه رغبة تحدوه لزيادة مساحتها بأي شكل، حتى على حساب دول الجوار، والمعْنيّة بالأساس مصر وسوريا والعراق والحجاز، فقد ( نقلت القناة 12 الإسرائيلية اليوم الجمعة  16 أغسطس 2024 عن الرئيس الأمريكية دونالد ترامب: أن مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة، ولطالما فكرتُ كيف يمكن توسيعها) (2)

تعابير واضحة وصريحة، صادرة من أعلى سلطة في أمريكا، مشجعة ومحرّضة إسرائيل على التمادي في اعتداءاتها على الفلسطينيين ودول الجوار، غير عابئة بالقوانين والمواثيق الدولية، وترامب الخبير والمطّلع على أسرارها، ويبدو أنّ  كلامه حينها، كان موجّها إلى اليهود الأمريكيين، مطمئنا لهم بأنّه ماض في دعمه اللامشروط لإسرائيل، فما عليهم بناء على ذلك، سوى إدلاء أصواتهم لصالحه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي أسفرت عن فوزه بفترة رئاسية جديدة، يبدو أنّها ستكون لها آثار خطيرة على العالم بأسره، نظرا لتحرّشاته التي عبّر عنها بخصوص إسرائيل، والتي لم تقم وزنا لحقوق الشعب الفلسطيني.

مخطط ترامب القاضي بتهجير فلسطينيي قطاع غزة، سيعمل على تنفيذه بعد عجز قوات الإحتلال عن انهاء المقاومة داخله، وليس هناك من طريق آخر لكسر إرادة الشعب الفلسطيني، سوى تهجير السكان الفلسطينيين من أرضهم كما فعلوا ذلك من قبل على مدى فترة الاحتلال منذ 1948 ونحن نرى الفلسطينيين في الشتات، موزعين بحسب تفاوت أعدادهم بالأردن وسوريا ولبنان، ومساعي أمريكا وإسرائيل ودول الغرب في عدم عودة هؤلاء إلى فلسطين كبيرة.

مع هذا الإصرار الأمريكي وخضوع دول الجوار العميلة - نتضاف إليها سوريا - مسلوبة الإرادة، يبدو الأمر في غاية الخطورة، مع امتناع الغزاويين وإصرارهم على البقاء على أرضهم، بعد سنوات الحصار المطبق المسلط عليهم حتى من أشقائهم في مصر، وما أشدّه من حصار فاق حرص العدو الصهيوني في تعسّفه وظلمه وعدوانه، قادم الأيام تبدو حبلى بالمواقف الإيجابية من الجانب الفلسطيني، والسلبية من جانب أمريكا التي يتفنن رئيسها في مواقفه العدوانية  تجاه القضية الفلسطينية، وكل من يمتّ إليها بصلة مناصرة ودعم كإيران، التي لولاها لقضي أمر فلسطين منذ زمن.

يتواصل منطق أمريكا الأرعن غير عابئ بحقوق الشعب الفلسطيني، مثبتة أنّ دورها شيطاني لا يمتّ إلى الإنسانية بصلة، ويؤكّد من جديد على أنّ من تأسس على الظلم والعدوان والغدر، لا يمكن أن يكون فيه خير يُرْتجى لبقية شعوب العالم، وهذه حقيقة لا يجب أن تغيب علينا نحن أصحاب القضية الفلسطينية، وعندما نقول إن أمريكا هي إسرائيل، فمن غير المنطق اعتبارها محايدة في تعاطيها مع القضية الفلسطينية، بل يجب اعتبارها إسرائيل الثانية بكل بساطة.

المراجع

1 –"سيفعلان ذلك".. ترامب يرد على سؤال عن رفض مصر والأردن لخطة استقبال الفلسطينيين من غزة

https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2025/01/31/news-they-will-do-it-says-trump-restating-plan-for-egypt-and-jordan-to-accept-expelled-palestinians

2 – ترامب: مساحة إسرائيل صغيرة ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها

https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=16082024&id=78ada374-b60a-4e4f-b029-69e8bef30170


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الرصافي المقداد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/02/07



كتابة تعليق لموضوع : منطق الشيطنة الأمريكي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net