لمفردات الدعاء دلالة أوسع من لفظها، مجموعة من الفضائل تدلنا على المفهوم الواسع الذي يشمل على كل وسائل المعرفة والوعي.
التأمل في تلك الإرشادات يجعلنا نقف أمام الله سبحانه وتعالى، نقف بين يديه، هناك قراءة كونية يمكن تحصيلها عند التأمل، الوقوف بين يدي الله سبحانه يحتاج إلى توفيق الطاعة، وهذا التوفيق هو أحد أهم وسائل الإطاعة أي يمكن علو مدارك الإنسان شأن من وسائل التحصيل العقلي القريب من الكمال.
تعد منابع الخصب الروحي سعيا لانتقاء المسعى الطلبي لو نتأمل في اتجاهات المنهل الدعائي لوجدناه يركز على مسائل مهمة.
أولا.. الوقت يستعين الإنسان به في أمور دنياه.
ثانيا.. تأسيس مساحة أخروية واسعة ليوم الورود الإلهي، والمنهلين يؤديان إلى قضية أهم، هي تعزيز المضمون، نعيم الدنيا والآخرة، قيم أساسية يعود لها كل تفاصيل الحياة، والوعي المعرفي والإدراك ويوظف فينا معرفة الفارق بين النعيمين، نعيم الدنيا مهدد بالزوال نعيم الآخرة له ميزة البقاء، الصيغة الرسالية إلى المفهوم نعيم الأخرة لا يقاس في مفاهيم الدنيا، حاولت الكثير من الفلسفات القيمية والجمالية التناص القصدي مع مفهوم الإمام السجاد عليه السلام، رسم لنا في هذا الدعاء طريقة عمل أخلاقية اجتماعية نفسية فكرية في كيفية التعامل مع هذه الدنيا من خلال المحيط الذي نقف فيه، أي تجربة إنسانيه لا تستطيع الوصول إلى التكامل ويبقى الغرض الجوهري لا يصل إلى مفهومه التكاملي.
يرى الإمام السجاد عليه السلام، الكبير في الحياة سيجد من هو أكبر منه، والغني في الدنيا سيجد من هو أغنى، وصاحب أي مركز اجتماعي حياتي سيجد هناك من له مركز أكبر، لا بد لنا أن نتأمل في كيفية تعامل الإمام عليه السلام مع هذه المنظومة الاجتماعية الواسعة.
والإمام السجاد عليه السلام ركز على حالة التوازن بين البخل كونه مذموما وحالة الإسراف والتبذير هو مدموما أيضا يصل إلى نتيجة الوسط، لا إفراط ولا تفريط، يسعى الإنسان دائما إلى تغذية مشاعره وكل شخص بما يمتلك من ثقافة ووعي وإدراك.
شخص الإمام عليه السلام هذه الحالات بين أن يظلم الإنسان وهو رذيلة وأن يقبل بالظلم وهو رذيلة أيضا وعملية الخصوبة الاعتدال ما بين الشجاعة والتهور، هو الذي يعرف متى يقدم ومتى يهجم، حاله التوازن والإمام سلام الله عليه يقول حكمته.
&&
(وأكافئ من قطعني بالصلة) وصف العمل الإنساني التواصل بالمكافأة، هذا في حساب الدنيا له آثار اجتماعية كثيرة، ونحن أمام أدعية السجاد عليه السلام نشعر بالفرادة، فرادة العلم الإلهي، مخاطبة معرفة الله سبحانه وتعالى بصيغ لا يجيدها البشر، وحتى على مجال الحكمة يقول الإمام السجاد عليه السلام (وأخالف من اغتابني إلى حسن الذكر) مثل هذه المعرفة قادرة على صناعة مجتمع إنساني، وإذا وجدنا هذه الأمور فيها اليوم صعوبة فهذا ناتج ابتعادنا عن نهج الدين وعلينا أن نحرص على الاستجابة لنهج الأئمة عليهم السلام، وهذه المسالة أيضا تعود إلى الوعي والإيمان مثل الحذر من الغيبة، الغيبة اليوم أصبحت حسب تعبير سماحة السيد أحمد الصافي للأسف الشديد نجد أن الغيبة الآن فاكهة لا يستغني عنها الناس، ويعلل نشأتها نتيجة الإصغاء والسرور لمن ينقل مثالب الآخرين إلينا.
الله تبارك وتعالى يحفظ حرمة المؤمن، الله لا يرضى أن نكشف ستر هذا العيب، وأن كان موجودا فيه، الله بحلمه ستره ونحن نأتي لنكشف السر.
ويسألنا كيف نقرأ الأدعية، هل نقرأها بإمعان؟
هل نمر عليها كأي كتاب آخر، إلى أي درجة استطعنا أن نتعلم من تعاليم أهل البيت عليهم السلام؟
نحن نحتاج إلى تأمل، إلى تجربة ما تركه لنا أئمة أهل البيت عليهم السلام، وما تركه إمامنا السجاد سلام الله عليه في الصحيفة السجادية، وما نقرأ لكي نعيش التجربة الإنسانية وعدم العجلة في استهلاكنا، الغضب والتمهل في فعل الأشياء ولو تدريجيا لنصل إلى مدارج الفضيلة مثل ما يريده أئمتنا عليهم السلام.
ركز سماحة السيد أحمد الصافي على قضية مهمة، إن الله سبحانه غير محتاج لنا وهذا يقودنا للتفكر، إذا جرى علينا قلم التكليف كيف نتعامل مع العمر، والعمر بالنتيجة هو حالة مؤقتة يقول:
ـ كيف يتعامل بشكل ينجيه يوم القيامة؟
بالقراءة العامرة والتأمل الفاعل نصل لمفهوم الإمام عليه السلام (وأكافئ من قطعني الصلة) يريد الإمام أن يغض الإنسان عن السيئة وكانه لم يسمعها، لها آثار جانبية طيبة في الدنيا و في يوم القيامة حين يكرم أهل الفضل من كانوا يصلون من يقاطعهم ويعطون من حرمهم ويعفون عن الظلم فيقولون ادخلوا الجنة، ويصفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم نقلا عن الإمام الصادق عليه السلام (خير خلائق الدنيا والآخرة: العفو عمن ظلمك وأن تصل من قطعك والإحسان إلى من أساء إليك وإعطاء من حرمك) جميع الأمور المعروضة هي أمور أخلاقية معبرة ترتكز على منظومة أخلاقية رسالية.يسعى كتاب المصابيح في قراءة هذا الإرث للخروج بمفهوم أخلاقي كبير، قادر على أن يعيننا على أن نتجاوز الكثير من الابتلاءات.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat